الصحافة

"ممر داوود" بين "النبوءة التوراتية" والشرق الأوسط الجديد

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا


عاد الحديث عن "ممر داوود" ليطفو على السطح مجدّدًا في ظل التطورات الجذرية التي شهدتها وتشهدها منطقة الشرق الأوسط منذ هجمات 7 أكتوبر 2023، معطوفة على حوادث العنف الطائفي التي عصفت بمحافظة السويداء السورية في الآونة الأخيرة، والغيرة الجيّاشة التي أبدتها الدولة العبرية حيال دروز سوريا "المحاصرين" في المحافظة.

"ممر داوود" مشروع إسرائيلي قديم جديد، تكشف الخرائط الإسرائيلية التي تحمل بذوره أنه سينطلق من مرتفعات هضبة الجولان، ليمر بعدها عبر المحافظات السورية الجنوبية المتاخمة لحدود إسرائيل والأردن، وتحديدًا محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء، حيث يتّسع الممر شرقًا عبر البادية السورية. وأحد أهدافه يكمن في الوصول إلى معبر التنف الاستراتيجي، الواقع عند المثلث الحدودي السوري - العراقي - الأردني، على أن يتواصل مساره عبر محافظة دير الزور، ليصل إلى نهر الفرات وتحديدًا إلى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، شرق النهر، ثمّ إلى هدفه النهائي وهو الالتصاق بإقليم كردستان العراق عبر الحدود السورية - العراقية.

ولا ريب في أن تل أبيب ولتحقيق "الممر الحلم"، تجهد لدعم الكيانات الكردية والدرزية في سوريا، تحت "مظلّة إنسانية" تخبئ في طياتها طموحات استراتيجية ترمي إلى الإسهام في إنشاء مناطق حكم ذاتي أو شبه ذاتي تقوّض وحدة الأراضي السورية وتشدّ الخناق حول سلطة دمشق المركزية.

ويرى بعض الخبراء أن هذا التفتيت يسهّل إحكام السيطرة الإسرائيلية وتعزيز نفوذها على مناطق وموارد محدّدة، ويرسم ويحدّد كذلك مناطق عازلة، كما يزيد من وهن الخصوم الحاليين والمستقبليين.

ولا شك أيضًا في أن الدولة العبرية تستند في مشروع ممرها هذا إلى "شقيقتها الكبرى" الولايات المتحدة، خصوصًا في ظل تربّع رئيس جمهوري على عرش البيت الأبيض لم يتوانَ يومًا عن دعم حروب "حليفته المدلّلة" إسرائيل وطموحاتها التوسّعية في المنطقة، كذلك كرّر مرارًا أن مساحة الدولة العبرية صغيرة نسبة إلى مساحة الشرق الأوسط، ولطالما فكّر كيف يمكن توسيعها.

علاوة على ذلك، فإن تل أبيب تستمدّ ربما مشروع "ممر داوود" من "نبوءة توراتية"، تربط بينه وبين مفهوم "إسرائيل الكبرى"، ليبدو أن المشروع يتخطّى مفهوم الهواجس الأمنية، ليصل إلى تحقيق طموحات توسّعية ليست خافية على أحد، في ظل تعاظم الحديث عن رسم معالم الشرق الأوسط الجديد.

ولهذا الممر أيضًا جدوى اقتصادية استراتيجية، إذ يمكن أن تتحوّل من خلاله الدولة العبرية، مركزًا اقتصاديًا إقليميًا يزيد من جبروتها المالي، من خلال ربطها بمشارع تجارية جديدة عملاقة.

وعلى المقلب الأميركي، يمكن لمشروع الممر، إن كُتبت له الحياة، أن يعزز النفوذ الأميركي في منطقة الشرق الأوسط المضطربة ويخدم مصالح واشنطن الاستراتيجية المتمثلة بإضعاف دول كبيرة قد تؤرقها مستقبلًا كالعراق وسوريا وإيران، خصوصًا أن "ممر داوود" يمر عبر التنف التي تحتضن كبرى القواعد الأميركية، لذا فإن تل أبيب قد تكون حظيت بمباركة أميركية ضمنية لمشروع ممرها، نظرًا لتشابك المصالح الإسرائيلية والأميركية في المنطقة.

ويبقى أن إسرائيل بقيادة الحكومة اليمينية المتطرفة لا تفوّت فرصة في أيام السلم لتوسيع نفوذها وقضم مزيد من الأراضي الفلسطينية، فكيف إذًا سيكون عليه الأمر في أيام الحرب التي تخوضها الدولة العبرية على أكثر من جبهة، طمعًا بتحقيق مزيد من المكاسب الاستراتيجية والتوسّعية، في منطقة يُعاد رسم معالمها بالحديد والنار.

نايف عازار
نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا