قانون إصلاح القطاع المصرفي: غياب الاتفاق على توزيع الخسائر ومخاوف لدى المودعين من محو جزء من أصولهم
يعتبر قانون اصلاح القطاع المصرفي مطلباً أساسياً من المجتمع الدولي وتحديداً صندوق النقد، وهو يعدّ بالنسبة لمن أقروه خطوة للبدء في هذه الورشة. هذا في الشكل، أما في الحقيقة فإن الحكومة ومعها مجلس النواب يعملان على اقرار مجموعة قوانين لا تعالج أساس المشكلة. فاصلاح القطاع المصرفي أو قانون اعادة الهيكلة يجب أن يترافق مع معالجة الفجوة المالية.
"يهدف هذا القانون إلى إعادة هيكلة قطاع مصرفي يعاني من أزمة منذ عام 2019، حيث تُقدر الخسائر الهائلة التي ضختها المصارف لدى مصرف لبنان بنحو 80 مليار دولار، والجزء الكبير منها غير قابل للاسترداد بسبب العجز المتراكم لدى الحكومة والمصرف المركزي". هذا ما تؤكده مصادر مطلعة، لافتة الى أن "الخسائر تقسّم بين الحكومة والمصارف والمودعين، ولكن لا يوجد اتفاق سياسي واضح على صيغة التوزيع هذه"، ومشيرة الى أن " الخطة تدعو إلى السداد الكامل لـ 84% من المودعين الذين يقل رصيدهم عن 100 ألف دولار أميركي لكل حساب، أي ما يعادل حوالي 20 مليار دولار أميركي، بينما يُقترح استرداد تدريجي للودائع الكبيرة على مدى عشر سنوات، دون ضمانات محددة بشأن المبالغ أو التوقيت. مما يثير هذا الامر مخاوف جدية لدى المودعين، الذين يخشون من محو جزئي لأصولهم من خلال عملية إنقاذ ضمنيّة، حيث يتحمل كبار المدّخرين جزءًا من الخسائر".
وفي هذا الاطار يشرح الخبير الاقتصادي ميشال فياض الركائز الأساسية للنص، لافتا الى أنها "تعتمد على إنشاء هيئة مصرفيّة عليا من مجلسين، مستقلة عن السلطة السياسية والمصارف، لقيادة إعادة الهيكلة"، مشيرا الى أنّ "الغرفة الأولى، برئاسة حاكم مصرف لبنان، ستطبق العقوبات على المؤسسات المخالفة، أما الغرفة الثانية، ذات الطابع الاستراتيجي، فستتخذ القرارات بشأن إعادة هيكلة المصارف أو تصفيتها، بتشكيلة تُعطي وزنًا كبيرًا لمصرف لبنان"، مشددا على أن "رئيس هيئة الرقابة على المصارف سيحضر الاجتماعات دون تصويت، مُقدّمًا تقييمات مستقلة، ويُشارك ممثلو المودعين في لجان التصفية، وتُطبّق عتبة الضمان لكل مصرف على حدة وليس بشكل تراكمي، مما قد يُفيد العملاء ذوي الحسابات المتعددة".
وأَضاف: "مع ذلك، لا تزال العملية غير مؤكدة ومحفوفة بالمخاطر، في ظلّ غياب إطار قانوني شامل لتسوية أوضاع المصارف، وغياب الشفافية بشأن الخسائر الفعلية دون تقييم عام مستقل، والتوترات المؤسسيّة"، لافتا الى أن "مصرف لبنان بعيد عن استقلاليته، بينما ينتقد البعض التركيز المفرط للسلطة فيه، ويقترحون تعيين خبراء مستقلين أو تقديم تقارير سنوية إلى البرلمان لتحسين المساءلة، كما تُثار مخاوف من أن يُفضّل هذا القانون البنوك الكبيرة المرتبطة بالسلطة السياسية، على حساب البنوك المتوسطة، ويُواجه بنك الأموال الرديئة العام، المُخصص لإدارة الأصول غير السائلة، خطر التحول إلى "مقبرة مالية" في غياب حوكمة واضحة، مما يفتح الباب أمام اختلاس الأموال. وأخيرًا، في غياب شبكة أمان اجتماعي للمودعين الضعفاء أو تدابير لمعالجة سوء الإدارة السابق دون اتخاذ أي إجراء قانوني، تُصبح المخاطر الاقتصادية كبيرة: ضغط على الائتمان للشركات الصغيرة والمتوسطة، وتباطؤ الاستهلاك، وضغط على العملة، واضطرابات اجتماعية محتملة، كما حدث في بيروت وطرابلس وصيدا".
" بشكل عام، يتماشى هذا الإصلاح مع متطلبات صندوق النقد الدولي لمنح المساعدات المالية، إلى جانب قانون رفع السريّة المصرفية المُعتمد في نيسان 2025". هذا ما يؤكده فياض، مشيراً الى أنه "يهدف إلى تحسين ميزانيات الدولة، وتصنيف البنوك وإعادة رسملتها حسب قدرتها على الاستمرار، وحل المصارف الأخرى أو دمجها، واستعادة الثقة، إلا أنه يواجه مقاومة من البنوك والسياسيين. فإذا اعتُمد اليوم، فسيُمثل خطوة حاسمة بعد سنوات من الإخفاقات في ظل الحكومات السابقة، ولكن بدون قانون توزيع الخسائر الماليّة المتوقع بحلول تشرين الأول 2025، سيبقى حبرًا على ورق"، معتبراً أنه "بدون الشفافية، ستكون إعادة الهيكلة فوضوية".
إذاً وفي ظلّ كل ما يحدث يبقى الأهم أن يترافق قانون اصلاح القطاع المصرفي مع قانون معالجة الفجوة المالية...
باسكال أبو نادر - النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|