التقدم الروسي شرق أوكرانيا.. ورقة ضغط أم وقوع في "مصيدة ترامب"؟
جاء إعلان الجيش الروسي إحكام سيطرته الكاملة على مدينة "تشاسيف يار" الإستراتيجية في شرق أوكرانيا، لافتاً مع اقتراب مهلة الأيام العشرة التي منحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لموسكو لوقف الحرب من نهايتها.
فالسيطرة على "تشاسيف يار" ليست مجرد انتصار رمزي في خريطة المعارك، بل تمثل نقطة متقدمة في محور دونيتسك.
كما أنها تهدد خطوط الإمداد الأوكرانية في العمق، وهو ما يعكس ثقة موسكو المتزايدة بقدرتها على فرض وقائع جديدة على الأرض، بعيدًا عن أي التزامات أو ضغوط خارجية.
ويرى خبراء أن روسيا لن تستجيب للمهلة التي منحها ترامب، خاصةً أن التهديدات الأمريكية تفتقر إلى الفاعلية في ظل تأقلم موسكو مع العقوبات السابقة، وتمسكها بأهدافها العسكرية في أوكرانيا.
ويشير الخبراء إلى أن الصين والهند لن تنصاعا لضغوط واشنطن، نظراً لمصالحهما المشتركة مع روسيا خاصة في مجالات الطاقة والتسليح.
وعبروا عن اعتقادهم أن المهلة قد تكون فرصة لتعزيز السيطرة الميدانية قبل أي تفاوض، وأن المرحلة المقبلة قد تشهد إما تصعيداً واسعاً أو بداية لمسار تفاوضي جدّي مع استمرار الضغط الأمريكي لتحسين شروط التفاوض.
وقال بسام البني، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية إن روسيا لن تكترث للمهلة التي منحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب.
ولفت البني إلى أن الولايات المتحدة لا تملك سوى ورقة العقوبات.
لكنه في المقابل طرح سؤالاً وصفه بالأهم، هل يمكن أن تؤثر هذه العقوبات فعلياً على روسيا؟ ليجيب قائلاً: "أعتقد لا، لأن روسيا قد تكيّفت مع العقوبات السابقة وغيرها".
وأكد المحلل السياسي في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن موسكو لن تتراجع عن أهدافها العسكرية في أوكرانيا.
وأضاف أن ما يقوم به ترامب، حالياً، يدخل في إطار "جنون العظمة – إن جاز التعبير"، خاصة حين يحاول فرض شروط زمنية على طرف بحجم موسكو.
وأشار إلى أن الصين والهند لن تعيرا كثيراً من الاهتمام لما يعلنه ترامب من تهديدات بفرض عقوبات على شركاء روسيا، بما في ذلك العملاقان الآسيويان بكين ونيودلهي.
وقال إن الهند قد تمسك العصا من المنتصف بنسبة 50% في موقفها من روسيا، لكنها - في كل الأحوال - تسعى إلى تحقيق مصالحها المباشرة، خاصة أنها تستورد من روسيا الأسلحة والطاقة والنفط، وبالتالي فإن فكرة أن الولايات المتحدة قد تنجح بمحاصرة موسكو عبر الضغط على شركائها تبدو غير واقعية.
وتساءل البني: "كيف يمكن للولايات المتحدة أن تمنع دولة عظمى، مثل روسيا، من التعامل مع قوتين صاعدتين كالصين والهند؟".
وشدد على أن هذه التصريحات تعكس سوء تقدير لطبيعة التحولات في النظام العالمي.
وأضاف أن ترامب، في سياق منح مهلة لوقف الحرب، ارتكب خطأ كبيراً حين تحدث بلغة التهديد والوعيد.
ولفت إلى أن روسيا دولة عصية، وترفض كلياً مثل هذه التهديدات أو محاولات فرض الإرادة.
وأكد أن موسكو ملتزمة بمساريها السياسي والعسكري، وأنها رغم تمسكها بأهدافها مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات في حال التزمت أوكرانيا بتنفيذ ما تطلبه روسيا، أما إذا لم توافق، فإنها ستخسر المزيد من الأراضي مستقبلاً.
من جانبه، قال إبراهيم كابان، مدير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات، إن مصيدة ترامب لروسيا "ليست مسألة بسيطة".
وأوضح أن استمرار موسكو في العمليات العسكرية بعد انقضاء المهلة المحددة بـ 10 أيام قد يضعها في خانة الدول المعادية للولايات المتحدة بشكل مباشر، وهو ما سيترتب عليه أن تتلقى أوكرانيا دعماً أمريكياً واسعاً وغير مسبوق.
وأشار في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن روسيا قد تفقد مواقع كثيرة كانت قد سيطرت عليها في أوكرانيا، لكنه في الوقت ذاته اعتبر أن مهلة الأيام العشرة كانت أيضاً "فرصة لموسكو للتقدم داخل الأراضي الأوكرانية".
وذهب إلى أن ما حدث يعكس اتفاقاً غير معلن بين واشنطن وموسكو، هدفه السماح لموسكو بإحراز مزيد من السيطرة على الأرض قبل الدخول في أي مسار تفاوضي أو حتى تصعيد جديد.
وتوقع أن تشهد المرحلة التي تلي انقضاء المهلة تغيّرات واضحة في الموقف الأمريكي، وربما أيضاً الأوروبي، إما باتجاه التصعيد الواسع أو باتجاه إطلاق مفاوضات جدّية لوقف الحرب.
وقال إن ما يجري، حالياً، من محاولات من كلا الطرفين الروسي والأوكراني لتثبيت السيطرة على المواقع يمثل "المرحلة الأخيرة أو المفصل الحاسم في مراحل الحرب"، معتبراً أن ذلك قد يكون التمهيد الطبيعي للتفاوض على حل سلمي.
وختم إبراهيم كابان، أن الولايات المتحدة ستواصل سياسة التهديد، لكن في النهاية المسار التفاوضي يبدو حاضراً بقوة في حسابات الطرفين، مع استمرار الضغط الأمريكي لتحسين شروط التفاوض لصالح أوكرانيا.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|