لبنان بين الجلسات الحكومية واللائحة السوداء... أسابيع ضاغِطَة جداً...
بعد مرور 24 ساعة على انعقاد جلسة حكومية، كلّفت الجيش اللبناني بوضع خطة تنفيذية تُسلَّم قبل نهاية آب، لحصر السلاح في يد القوى المسلّحة اللبنانية الشرعية قبل نهاية 2025.
وقبل 24 ساعة من انعقاد جلسة حكومية جديدة اليوم، لمناقشة ملف حصر السلاح بيد الدولة، شهد الجنوب اللبناني سلسلة من الغارات الجوية مساء أمس، إذ أعلن الجيش الإسرائيلي عن استهداف بنى تحتية لـ "حزب الله" هناك.
حسابات أخرى
فهل يمكن اعتبار تلك الغارات الإسرائيلية رسالة أميركية معيّنة للحكم في لبنان، خصوصاً أن التنسيق بين تل أبيب وواشنطن يشمل كل أنواع الأنشطة العسكرية الإسرائيلية التي تُنفَّذ، سواء في لبنان، أو في غيره؟
صحيح أن الداخل اللبناني يتعامل مع جلسة الثلاثاء الفائت على أنها "تاريخية". وصحيح أن العالم عموماً يتحدث عن جدول زمني لحصر السلاح في لبنان ضمن مراحل، إلا أن التجربة اللبنانية تُفيد بأن قبل نهاية العام الجاري، تعني في اللغة اللبنانية الحقيقية مسافة أشهر قليلة تسبق انتخابات 2026 النيابية، وأن كل القوى (اللبنانية) ستبدأ العمل على هذا الأساس بعد أسابيع قليلة، ما قد يُدخِله (حصر السلاح) والحكومة، في حسابات محلية أخرى.
مُكلِفَة جداً؟
كما أن قبل نهاية 2025، في اللغة اللبنانية، تعني على مشارف انتهاء العام الأول من ولاية حكم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع ما قد ينتج عن ذلك من رغبة أميركية في التركيز على ملفات لبنان والشرق الأوسط بطُرُق مختلفة، خصوصاً أن إسرائيل بدورها ستكون دخلت خلال الخريف القادم، أكثر فأكثر، ضمن أجواء التحضير لانتخاباتها التشريعية في تشرين الأول 2026.
فهل من رسائل أميركية تحديداً، للحكومة اللبنانية، وللحكم اللبناني عموماً، من خلال الغارات الإسرائيلية على الجنوب بفارق 24 ساعة تَلَت وسبَقَت جلسات حكومية لمناقشة حصر السلاح، في لبنان؟ وهل تقول تلك الرسائل إن كلفة أي تلاعُب بالمهل، ستكون مُكلِفَة جداً، للدولة اللبنانية؟
للحكومة و"الحزب"...
رأى العميد المتقاعد جورج نادر أن "المهلة التي حدّدتها الحكومة لحصر السلاح قبل نهاية 2025 ليست طويلة. ولكن الغارات الإسرائيلية مساء أمس، قد تكون رسالة ناتجة عن الجوّ الرافض الذي أظهره "حزب الله" وفريقه تجاه حصر السلاح، ورسالة تحذّر الحكومة اللبنانية من أي تردّد بهذا العمل في المستقبل. بالإضافة الى أنها رسالة لـ "الحزب"، تقول له إن سواء وافقتَ أم لم توافق، فنهاية سلاحك أصبحت معروفة".
وأوضح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الغارات الإسرائيلية مساء أمس استهدفت ودياناً، وليس أهدافاً عسكرية واضحة. وهذه رسالة لـ "حزب الله"، وللحكومة اللبنانية أيضاً، تدعوها للالتزام بقرار حصر السلاح الذي اتّخذته، وإلا فإن لبنان قد يشهد ما هو أكبر، إذا تمّ التعاطي مع القرار الحكومي كما لو كان نظرياً. وهذا ينسجم مع الكلام الذي كان قاله (المبعوث الأميركي) توم برّاك أيضاً، عن أن زمن الوعود انتهى، وأن الولايات المتحدة الأميركية ما عادت تصدّق إلا التطبيق".
مصداقية
وأشار نادر الى أن "مواقف "حزب الله" الرافضة لجلسة الحكومة ولحصر السلاح معروفة ومتوقَّعَة. ولكن السؤال الذي نحتاج الى جواب عليه اليوم هو أنه، بموازاة مُطالَبَة الجيش اللبناني بوضع خطة لحصر السلاح قبل نهاية آب، هل سيتمّ تزويده (الجيش) بأمكنة تواجُد كل مخازن السلاح؟ وبما فيها من نوعية أسلحة؟ فهذه مسألة مهمة جداً".
وشرح:"المسؤولون في "حزب الله" يعلمون تماماً ما لديهم من سلاح، ونوعيّته، والمخازن والمواقع التي يُخزَّن فيها. ولكن قوّتهم تكمن بالسرية الفائقة التي يتحلّون بها في كل مخازنهم وتحركاتهم. وإذا أضفنا الى ذلك أن وضع خطة لنزع السلاح ليست عملية سهلة، وأن التطبيق لا يقتصر على إرسال دورية من الجيش الى مخزن، لتحميل ما فيه من أسلحة ونقلها الى مخازنه (الجيش)، تُصبح الحكومة مُطالَبَة بمصداقية تامّة ضمن هذا الإطار، على مستوى توفير المعرفة الكاملة بأماكن مخازن السلاح، وبما تحتويه، بشكل يضمن النجاح للجيش في مهامه".
اللائحة السوداء
وعن الاحتمالات الممكنة مستقبلاً، لفت نادر الى "أننا لسنا أمام مخاطر احتمال حصول تصعيد عسكري من مستوى تنفيذ اجتياح بري مثلاً، بل قد تحصل عمليات عسكرية مُترافِقَة مع حصار اقتصادي، ومع وضع لبنان على اللائحة السوداء. وهذا أخطر وأصعب من التصعيد العسكري بحدّ ذاته".
وأضاف:"يُحكى عن أن هناك دولاً، حتى داخل الإتحاد الأوروبي، تسعى الى وضع لبنان على اللائحة السوداء، فيما لا تزال فرنسا توقف تطبيق ذلك. ولكن إذا وُضِعَ لبنان على اللائحة السوداء، فلن تعود تصلنا ولا حتى ليرة واحدة من الخارج، ولن يكون لدينا استثمارات، وهذا هو الأصعب. ومن المُتوقَّع أن يُستعمَل هذا السلاح ضد لبنان".
وختم:"قد تستمر عمليات القصف أيضاً في تلك الحالة، ولكن بواسطة المسيّرات والطيران الحربي. فإسرائيل ستعتبر أنها ليست مُجبَرَة على أن تخسر ولا أي جندي لديها".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|