بين الأمن والدبلوماسية.. هذا ما تسعى إليه إسرائيل في سوريا
نشر معهد "ألما" الإسرائيليّ للدراسات الأمنيّة تقريراً جديداً قال فيه إنه "في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار في سوريا، تعملُ إسرائيل على الموازنة بين ضرورة الحفاظ على الأمن على طول الحدود ورغبتها في تعزيز العلاقات الدبلوماسية".
ويقولُ التقرير إن "الجولة الأخيرة من الاشتباكات العنيفة في سوريا والتي بدأت في منتصف تموز 2025 وانتهت بوقف إطلاق نار هش للغاية، أدّت إلى تدخل إسرائيلي جديد عبر غارات جوية، وذلك بهدف حماية السكان الدروز في السويداء وتطبيق مطلب نزع السلاح من جنوب سوريا".
وأضاف: "لقد تبع ذلك انتقاداتٌ لاستراتيجية إسرائيل في سوريا، وتبين من خلال حججٍ إعلاميةٍ مختلفةٍ أن إسرائيل تسعى لإضعاف، بل وإسقاط، النظام في دمشق، لأن سوريا الموحدة تُشكل تهديداً لها. وبعد أكثر من عقدٍ من الحرب الأهلية، أصبحت سوريا دولةً مُمزقةً داخلياً، وتُشكل إعادة توحيدها تحدياً كبيراً للنظام الجديد".
وتابع: "يعتمد صعود النظام في سوريا أو سقوطه على قدرته على الحكم، وتطبيق القانون، وخدمة جميع مواطنيه. لا تهدف سياسة إسرائيل إلى إسقاط النظام الجديد، لكنها تعمل على إحباط التهديدات في الحالات التي يفتقر فيها النظام إلى القدرة أو الرغبة في التحرك".
وأكمل: "لقد سارع الرئيس السوري أحمد الشرع أيضاً إلى اتهام إسرائيل بتقويض استقرار الحكومة ومحاولة تفكيك سوريا. مع هذا، يُعدّ إلقاء اللوم على إسرائيل ذريعةً مُلائمةً للرئيس السوري، الذي يعجز حالياً عن توحيد جميع الفصائل في بلاده ويواجه انتقاداتٍ داخليةً متزايدة. وعلى سبيل المثال، في 9 تموز، أدلى حكمت الهجري، أحد أبرز الشخصيات في القيادة الروحية الدرزية، بتصريحاتٍ مُناهضةٍ لنظام الشرع. كذلك، فقد ردّد كلماته قادةٌ آخرون مثل جربوع والحناوي، الذين كانوا يُعتبرون حتى الآن مُعتدلين تجاه النظام".
واستكمل التقرير بالقول: "أيضاً تلقى الشرع مؤخراً نتائج لجنة التحقيق التي شكلها للنظر في الأحداث التي وقعت في آذار 2025 ضد العلويين، والتي خلصت إلى عدم تورط قوات النظام في الأحداث، ومن المُرجح أن تنتهي عند هذا الحد. في هذه المرحلة، أقل ما يُقال هو أن إدارة الحكومة للمشاكل الداخلية السورية ليست مرضية".
وتابع: "لا تسعى إسرائيل إلى تقويض النظام، بل تتوخى الحذر الشديد وتعتمد على الأفعال الميدانية لا على التصريحات. هناك أسباب وجيهة لتشكيك إسرائيل وقلقها إزاء النظام الجديد، ليس فقط لكونه مؤلفاً من أفراد انبثقوا من جماعات ذات أيديولوجية متطرفة، بل أيضاً للتحديات العديدة التي تواجهها سوريا حالياً، داخلياً وخارجياً. لهذا، فإن عدم الاستقرار وعدم اليقين سببان كافيان لمواصلة اليقظة على طول الحدود الإسرائيلية السوري".
وتابع: "لقد زُعم أيضاً أن استراتيجية إسرائيل غير متسقة أو متناقضة. فمن جهة، تُطالب إسرائيل النظام السوري بفرض النظام وحماية الأقليات؛ ومن جهة أخرى، تُصرُّ على نزع السلاح من جنوب سوريا. للوهلة الأولى، يُطرح السؤال: كيف يُمكن لسوريا الحفاظ على الأمن بدون قوات أمنية؟ هذا الأمرُ يُمثل سوءَ فهم يتطلبُ توضيحاً".
واستكمل: "تطالب إسرائيل بعدم وجود أي قوات عسكرية في جنوب سوريا، ويتطلب فرض القانون والنظام بين المدنيين السوريين وجود قوات شرطة مسلحة بأسلحة خفيفة كحد أقصى، وليس قوات عسكرية مزودة بأسلحة متوسطة وثقيلة. لقد ردّت إسرائيل، وستواصل ردّها، عند نشر جنود الجيش بالدبابات وناقلات الجند المدرعة والصواريخ والرشاشات المتوسطة أو الثقيلة لفضّ النزاعات بين السكان، أو عند اكتشاف وجود هذه الأسلحة في جنوب سوريا. على سبيل المثال، في 8 تموز، قصفت إسرائيل مركبة تحمل رشاشاً ثقيلاً من النوع المذكور، وقد تمّ تحديده في المنطقة".
وتشير الأزمة الأخيرة، وفق تقرير "ألما"، إلى أن النظام الجديد لا يزال يعاني بشدة في إدارة الأزمات الداخلية المحلية بطريقة مدروسة، مع منع التصعيد والفوضى، وأضاف: "وبينما تُواجه إسرائيل انتقاداتٍ تُشير إلى أن هذه مجرد محاولةٍ لصرف الانتباه الدولي وتحسين صورتها، تُكافح المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة والصليب الأحمر، لتقديم المساعدات للسكان بسبب الصعوبات الأمنية. لا شك أن الحاجة إلى المساعدات الإنسانية في مناطق النزاع أمرٌ لا جدال فيه، وحتى بعد مرور أكثر من أسبوع على الاشتباكات، وردت تقارير من القرى المتضررة تُفيد بأن المساعدات التي تلقّتها لم تكن كافية".
وتابع: "تشعر إسرائيل بالتزامها تجاه السكان الدروز، ولذلك فهي تستجيب لطلبات المساعدة على الرغم من الانتقادات، وليس من أجل تجنبها. مع هذا، لا تتردد إسرائيل في اتباع استراتيجياتها؛ فهي تعمل على مسارين متوازيين: فتح قنوات اتصال وتعزيز ترتيبات مع النظام السوري، تقتصر حالياً بشكل رئيسي على الشؤون الأمنية، بهدف التوصل إلى تفاهمات ومنع تصعيد خطير. في الوقت نفسه، تراقب إسرائيل الوضع الميداني وتعمل لإحباط التهديدات في مرحلة مبكرة".
وختم: "رغم كثرة الحديث والآمال بسوريا جديدة وتطبيع العلاقات مع إسرائيل والغرب، فإن هذه العملية - إن حدثت - ستستغرق وقتاً طويلاً وتعتمد بشكل مباشر على عملية ترسيخ حكم الشرع في البلاد. وبالمثل، ينبغي أن يكون بناء العلاقات مع سوريا تدريجياً، وأن يُقيّم وفقاً لسلوك النظام على المدى الطويل".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|