بعد انقطاع الكهرباء والتكييف في المطار... بيان من "الطيران المدني"
أين سُنّة 8 آذار من إسناد الحزب في حملته ضد تسليم السلاح؟
في زمن القوة حين كان محور المقاومة يمتد من طهران إلى بيروت مرورًا بدمشق، كان سُنة الثامن آذار رأس حربة في معركة الدفاع عن "حزب الله" وسلاحه. لم يكتفوا بموقع الحليف الصامت، بل تصدروا الصفوف، يزايدون على جمهور "الحزب" في الولاء، حتى وصف بعضهم بأنهم "ملكيون أكثر من الملك".
حمل عدد من الشخصيات السُنية الشمالية منها والبقاعية الغربية خطاب "حزب الله" وكأنه عقيدة راسخة، واعتبروا أي نقاش حول السلاح حينها خيانة وطنية، وفي عز المحور لم يكن أحد منهم يتردد في الظهور على المنابر للدفاع عن خيار المقاومة، ومهاجمة خصوم "الحزب" بلا هوادة، وقبل سقوط نظام الأسد بأسابيع كان أحد نواب البقاع يتوسط أمينً عامًا لإتمامه مصالحة بينه وبين ضباط سوريين. هذا الموقف لم يكن مجرد قناعة، بل كان استثمارًا سياسيًا ناجحًا آنذاك، فبفضل دعم "الحزب" وحلفائه وصل بعضهم إلى البرلمان أو تولى حقيبة وزارية، وحظوا بحماية سياسية وإعلامية مكنتهم من تثبيت حضورهم في الساحة السنية التي كانت تشهد إنقسامًا حادًا، كانوا يملكون مظلة من القوة تمنحهم جرأة الكلام وضمانة البقاء.
ولأن السياسة لا تعرف الثبات، والرياح التي هبت بعد سقوط النظام السوري وحرب أيلول ورحيل السيد نصرالله، قلبت المشهد رأساً على عقب، وجد هؤلاء أنفسهم أمام محور يترنح تحت الضغوط، وبيئة سنية تغيرت أولوياتها، ورأي عام داخلي وخارجي يدفع بقوة نحو سلاح "الحزب" ووضعه تحت سلطة الدولة. هنا بدأت الانعطافة، ومن كانوا يتسابقون على الظهور في الصفوف الأمامية للدفاع عن السلاح، صاروا يختبئون خلف عبارات عامة، "الحوار هو الحل"، و"السلاح شأن وطني يقرره الجميع"، وبعضهم بدأ يغازل خصوم الأمس ويدعوهم على الاحتفالات والمهرجانات، وآخرون التزموا الصمت المطبق، وكأن لا علاقة لهم بتاريخهم القريب.
وما ساعد على الاستدارة تلك المزاج السني العام الذي لم يعد يحتمل الدفاع عن "الحزب" وسلاحه، وعاد يستشهد بسوريا وتدخل "الحزب" هناك، ويقف في وجه التهجم على رئيس الحكومة السني واتهامه بالعمالة والصهيونية. ومع هذا التحول، تجرد السلاح من أي حصانة سنية، وبات مكشوفًا أكثر من أي وقت مضى، فيما تقف المملكة العربية السعودية سدًا منيعًا خلف الرئيس نواف سلام، ونواب الطائفة جميعهم في الفلك نفسه، وما زيارة السفير السعودي وليد البخاري إلى النائب فيصل كرامي أمس، والذي كان للأخير موقف متقدم من السلاح سوى إشارة إلى تماسك الموقف السني بعد تشتت، وأن الخيمة التي كانت تظلل "الحزب" من خارج بيئته قد طويت.
وإن لم يكن لسنة 8 آذار الدور المحوري في محور المقاومة، أو كانوا جنوداً ضمن الولاية، إلا أن رحيلهم عن خندق الدفاع عن السلاح وتركه عاريًا، وسقوط الحصانة السنية عن سلاح "الحزب" لم يكن هذا الأمر حدثًا عابرًا، بل زلزلاً سياسيًا كشف ظهر "الحزب" أمام بيئة لطالما استظل ببعض رموزها، وكسب هؤلاء مكاسب مادية ومعنوية بالمقابل. وبعد أن كانوا يشكلون خط دفاع متقدمًا لتبرير السلاح، انسحبوا واحداً تلو الآخر، تاركين "الحزب" وحيدًا في المواجهة.
وفيما تقرأ عودة هؤلاء إلى صفوف الطائفة السنية كعودة صريحة إلى حضن الدولة، دولة المؤسسات وحصرية قرار السلم والحرب، الدولة القوية التي لطالما نادى بها سُنة لبنان، وأي سلاح آخر خارج إطار الشرعية هو عبء على لبنان وغطاء لمشاريع خارجية. هذا التحول المدعوم عربيًا، سحب من "الحزب" ورقة استخدمها دائمًا للقول إن دعمه ليس حكرًا على بيئته.
اليوم ومع اصطفاف الطائفة السنية خلف رئيس الحكومة، وجد "الحزب" نفسه بلا أي جسر يربطه بالشارع السني، وبلا واجهة سياسية تخفف عنه وقع الاتهامات أو تمنحه شرعية، وبذلك يسدل الستار على مرحلة كان فيها السلاح محاطًا ببعض السنة، ليفتح الباب على مرحلة جديدة عاد فيها سُنة الثامن آذار إلى بيئتهم وينتظرون القبول.
عيسى يحيى- "نداء الوطن"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|