هل تشعل زيارة لاريجاني الساحة اللبنانية؟
ترافق التكهنات والتحليلات زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، حيث تسعى إيران إلى لمّ شمل الساحات بعد أن أرهقتها وأبعدتها أحداث غزة وتداعياتها الإقليمية. في لحظة لبنانية مفصلية على خلفية القرار الحكومي بنزع سلاح حزب الله وحصره بيد الدولة، يلتقي لاريجاني رأس حربة القرار الحكومي، رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام.. في وقت يشن فيه حزب الله بقياداته وبيئته أعنف هجوم على الرجلين مُعلِنًا مقاطعتهما لقصر بعبدا والسراي الحكومي لأنهما انقلبا على "المقاومة" كما تردد في مصادر الحزب.
يأتي لاريجاني ليسمع ويُسمع، إلا أن هذه المرة -وفق مصادر حكومية- ستكون مغايرة عن سابقاتها؛ حيث سيؤكد الرئيس عون ومعه الرئيس سلام أن لبنان لم يعد قادرا على تحمل فاتورة الحرب الإقليمية، وأن العهد الجديد لن يكون خط الدفاع الأول عن مصالح طهران في المنطقة. وسيسمع لاريجاني كلاما واضحا وقد يكون جريئا للمرة الأولى منذ سنوات.
وبحسب المعلومات، فإن اتفاقا حصل بين الرؤساء الثلاثة حول التخريجة الحكومية لقرار حصر السلاح، وأن الرئيس نبيه بري مؤيد له وبقوة، وهو ما ظهر في تصريح وزير المالية ياسين جابر قبل أيام حين أكد دعم الدولة بمؤسساتها لأن يكون السلاح بيدها. ليتبعه الرئيس بري بتصريح عشية جلسة مجلس الوزراء مؤكدًا أن الوزراء الشيعة لن ينسحبوا من الحكومة، وهو موقف قرأته المصادر الحكومية على أنه موافقة ضمنية لقرارات الحكومة وتمايز واضح مع حزب الله الذي شن أعنف هجوم عليها.
وتؤكد المصادر أن ما بعد زيارة لاريجاني لن يكون كما قبلها، فالأمور ستأخذ منحى تصعيديا في حال قررت إيران الاستمرار بمواقفها التصعيدية وكأنها وكيلة عن لبنان، لافتة إلى أن لاريجاني سيسمع كلاما رسميا رافضا لتوريط لبنان بأي ساحة أو محور، وإنذارا مباشرا للمعنيين في طهران بأن أي تدخل مباشر أو غير مباشر في الشؤون الداخلية لبيروت سيكون له موقف حاسم من الحكومة.
في المقابل، يسعى حزب الله إلى اضفاء أبعاد كبيرة لزيارة لاريجاني، فقد أعطى توجيهاته بصورة غير مباشرة لمؤيديه للتجمع على طريق المطار لاستقباله، وهي خطوة يريد التأكيد من خلالها أن الزائر الإيراني "في بيته اللبناني"، وأي قرار معاكس سيكون له تداعيات كبيرة على الداخل. وسيصعّد الحزب في مواقفه ضد الحكومة والعهد في الأيام المقبلة، وربما يعلن القطيعة في حال تم التعامل مع زيارة لاريجاني على أنها "مرقة طريق".
في هذا الوقت، يرتب لبنان الرسمي الأجندة الداخلية على التوقيت الأميركي-الأوروبي، وهو ما يُقلق إيران التي أوفدت أمين عام المجلس الأعلى للأمن القومي الذي سيلتقي أيضا الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، كما سيلتقي عددا من الأحزاب والشخصيات التي تدور في الفلك الإيراني. وتشير المصادر الوزارية في هذا السياق إلى أن حركة تلك الشخصيات والأحزاب تحت المجهر الرسمي، وبالتالي فإن الدولة بمؤسساتها الأمنية والعسكرية تراقب تحركات هذه القوى وترصدها خوفا من أي تصعيد قد يحدث على الأرض.
زيارة لاريجاني تأتي في لحظة حرجة تعكس صراعا خفيا على الهيمنة بين طهران وبيروت، حيث تحاول إيران إعادة تموضع نفوذها بعد ضربات متتالية من حرب غزة، وصولا الى القرار الحكومي بنزع سلاح الحزب، بينما يسعى لبنان الرسمي إلى استغلال الدعم الغربي لفرض سيادة الدولة. حزب الله من جهته يستخدم الاستعراض الشعبي عبر استقبال المطار كـ"ورقة ضغط" لفرض واقع جديد، لكنه يواجه انقساما داخليا يتمثل في موقف الرئيس نبيه بري. من جهة أخرى، تقدم بعبدا والسراي الحكومي رسالة موحدة ونادرة برفض التبعية الإيرانية، مع وعيها بأن أي تصعيد قد يفجر أزمة داخلية خطيرة.
ثمة سيناريوهان محتملان لنتائج زيارة لاريجاني: الأول هو التصعيد المباشر في حال إصرار طهران على خطابها التقليدي، ما قد يدفع حزب الله لقطع العلاقة مع الدولة بمؤسساتها. أما الثاني فهو التسوية المؤقتة عبر صيغة تحافظ على سلاح الحزب ضمن الدولة لكنها لا تقدم حلاً جذرياً للأزمة. قد تشكل زيارة لاريجاني محطة فاصلة في تحديد من سيدفع الثمن النهائي: الشعب اللبناني أم المشروع الإيراني الإقليمي. وفي المحصلة تدخل اللعبة السياسية مرحلة "المواجهة الناعمة" فهل سينصت لاريجاني لصوت الدولة اللبنانية ومؤسساتها، أو سيصر على التمسك بورقة حزب الله التي بدأت تتراجع حتى في أوساط حلفائها التقليديين؟
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|