لبنان تحت تأثير "عاصفة لاريجاني"... وأسبوعان حرجان
بقي لبنان اليوم «تحت تأثير» ارتداداتِ الزيارةِ «الصاخبة» التي قام بها أمينُ المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران علي لاريجاني، وما أحدثتْه من «غبارٍ» في ضوء ما بدا أشبه بـ «قواعد دبلوماسية» جديدة دشّنتها بيروت مع الجمهورية الإسلامية على قاعدة «من الندّ إلى الندّ»، وتَعَمُّد طهران تأكيد موقع «حزب الله» كـ «قاعدة أمامية» لها، هجوماً ودفاعاً، في مرحلةٍ مفصليةٍ تمرّ بها ومشروعها الإقليمي الذي يواجه موجةَ انحسارٍ عاتيةٍ في ضوء التداعيات المتوالية لـ «طوفان الأقصى».
وعلى أهمية «الانتفاضة الدبلوماسية» غير المسبوقة ولا المألوفة للبنان الرسمي بوجه لاريجاني والتي فَرَضها حجمُ التدخل الإيراني النافر في الشأن اللبناني عبر تصريحاتِ مسؤولين رفيعي المستوى اعتبروا قرار حكومة الرئيس نواف سلام بسحْب سلاح «حزب الله» بمثابة «حلم لن يتحقق»، فإنّ خلاصاتِ محطة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي تشي بأنها أقرب إلى «قِفْلٍ» إقليمي وُضع لملفّ السلاح ويُخشى أن يضع «بلاد الأرز» أمام بابٍ موصد، لا يمكنها بإزائه لا التقدّم نحو «عاصفة داخلية» ولا التراجع إلى حيث تَكمن لها «النار» الإسرائيلية أو «التخلّي» الدولي.
ولم يتطلّب الأمر كثير عناء لتحديد ما انتهتْ إليه زيارة لاريجاني التي توّجها بلقاء الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، سواء في ضوء المواقف الواضحة له أو حتى «معركة الصُوَر» عبر صفحاتٍ رسمية على مواقع التواصل (تابعة للاريجاني وسفارة بلاده في بيروت)، في ما بدا مزيجاً من تَشَدُّدٍ إيراني - برسم واشنطن - في تَظهير «حدود اللعب» معه طهران في لبنان ومحاذيره، ومن محاولةٍ لتغطيةِ معاني اعتماد بيروت لغة «بلا قفازات» مع الضيف الإيراني الذي «قسا» عليه الرئيسان جوازف عون ونواف سلام في معرض رفْضهما «التدخل بشؤوننا أو مناقشة قرارات الحكومة في أي دولة أخرى» وإصرارهما على المضي بمسار سحْب السلاح.
فلاريجاني رسّم بوضوحٍ «خطاً بالأحمر العريض» أمام أي استفرادٍ بحزب الله تحت عنوان نزْع سلاحه وفق جدولٍ زمني، وصولاً لاعتباره ذلك من ضمن «خطة أميركية من على بُعد آلاف الكيلومترات»، محدداً خريطة طريق «مضادة» لواشنطن (ولبنان الرسمي) تكرّس ضمناً إيران «ممراً» لأي نقاش أو إطار لمعالجة قضية السلاح التي أكد وجوب أن تكون «بالحوار والمشورة» مع الحزب، ومفنّداً «موجبات» الحفاظ على «المقاومة» وتالياً احتفاظها بترسانتها.
ومع هذه «الرسائل» المباشرة، يبدو لبنان في الطريق إلى أسبوعين «حَرِجين» في ضوء استحقاقين - اختباريْن:
- الأول موعد 31 آب الذي حدّدته الحكومة للجيش اللبناني لوضْع الخطة التطبيقية لقرار سحب السلاح (على مراحل تنتهي قبل آخر ديسمبر وتُلاقي مراحل ورقة براك)، وسط إعلان وزير البيئة تمارا الزين (من حصة الرئيس نبيه بري) أن مجلس الوزراء سيعقد مبدئياً جلسة في 2 أيلول لعرضها ومناقشتها.
وفي هذا الإطار، يقف لبنان أمام منعطف شديد الخطورة حتّمه ارتسام الـ لا الإيرانية الصريحة لسَحْب السلاح والتي لا يمكن فصْلها عن سعي طهران لـ «لملمة» صفوف محورها الذي تعمّقت «جراحه» في ضوء حرب الـ 12 يوماً بينها وبين إسرائيل، وتجميع أوراقها وانتقال أذرعها إلى وضعية «الإصبع على الزناد» في ملاقاة التلويح لها أوروبياً بتفعيل «آلية الزناد» وفي موازاة السعي لاستئناف «طاولة النووي».
وترى أوساط سياسية أن لبنان بات عملياً أمام «جدار حديدي» إيراني ومن حزب الله يجعله بين مطرقة الضغوط الدولية التي تستعجل سحب السلاح بل أي اندفاعة إسرائيلية لأخذ الأمر بيدها، وبين سندان «الضغط المعاكس» من طهران، وهو ما يعني واقعياً أن أي مضيّ بالانتقال إلى «المرحلة التنفيذية» لقرار تفكيك ترسانة «حزب الله» هو بمثابة وصفة لصِدام داخلي، في الوقت الذي تشكّل أي فرملة لهذا المسار تحت عنوان «العجز» عن التطبيق دعوة للخارج لنفض اليد من أي دعم لبلاد الأرز سواء في مسار الإعمار والنهوض أو ربما حتى ترْكه ليواجه ما تحوك له إسرائيل.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|