استغلال العمال: شركات "تبيع" موظفيها!
تتطوّر فنون استغلال العمّال وانتهاك حقوقهم في ظلّ تراخي وزارة العمل في التعامل مع الشكاوى التي تردها، وتعطّل مجالس العمل التحكيمية بالكامل. وفي غياب تصدّي أي جهة لأصحاب العمل، وصل الاستغلال إلى حدّ «بيع» بعض المؤسسات موظفيها إلى مؤسسات أخرى للتنصّل من براءة الذمة.
وفي حال رفض الموظف هذه «التجرة» وطالب بتعويض عن الصرف التعسفي، يجد نفسه «مستقيلاً» لأنه «لم يلتزم بتعليمات المؤسسة بنقله».
هذا فعلياً ما حصل مع إيهاب شرارة، وهو موظف مبيعات في شركة T2 Trading المعروفة بـ«BOSS». فقبل شهرين، ومن دون سابق إنذار أو تبرير، طلب مدير الشركة من شرارة التوقف عن الذهاب إلى عمله. وبعد أسبوع، تلقى عرضاً الانتقال إلى شركة أخرى تزعم إدارة الشركة أنها تابعة لها.
رفض شرارة «لأنني أعمل مع T2 Trading، ولا يحق لهم نقلي إلى مؤسسة أخرى بشروط وظروف عمل مختلفة وبأجر مختلف أيضاً»، وهو ما قاله لإدارة الشركة عارضاً عليها إنهاء عقد العمل معه، ومنحه براءة الذمة بعد الحصول على كامل حقوقه، على أن يبحث بعدها في عرض الانتقال. إلا أن إدارة الشركة أصرّت على قرارها وفصلته من دون إنذار أو تعويض، بحجة أنه «قرر الانسحاب بنفسه»، في محاولة للالتفاف على الصرف التعسفي وهضم حقوق الموظف.
لجأ شرارة إلى وزارة العمل، وقدّم كلّ مستندات الانتهاك التي سكت عنها طوال ثلاث سنوات من العمل في الشركة، وأهمّها حرمانه من راتبه في كانون الثاني الماضي، كـ«عقوبة» عن حادثة تلاسن وتدافع بينه وبين أحد الموظفين، وحرمانه من بدلات النقل، والتصريح للضمان الاجتماعي عن 100 دولار راتباً شهرياً في وقت يتقاضى 1200 دولار في الشهر، وحرمانه من كامل حقوقه في الإجازات السنوية ومنح التعليم والتعويضات العائلية. وهذا، برأي رئيس «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان» كاسترو عبد الله، «شكل من أشكال الأعمال الجبرية، خصوصاً احتجاز الراتب».
ولاحظ شرارة خلال جلسات الاستماع إليه من قبل مفتشة في وزراة العمل، «خفّة في التعاطي مع الشكوى تسبّبت في «فرعنة» أصحاب العمل، الذين عرضوا في الجلسة الثانية التعويض عن الصرف التعسفي بتسديد راتبين، إضافة إلى الراتب الذي حجبته الشركة عني في كانون الثاني، من دون أي استعداد للتعويض عن سلة كاملة من الحقوق المنتهكة». كما رفضت الشركة طلب المفتشة تسليم الجداول والمستندات عن سنوات عمل الموظف الثلاث والبدلات التي حصل عليها، وقال ممثلوها بتهكّم «ليأخذها الموظف في المحكمة»، مع معرفتهم أن المحكمة، أي مجالس العمل التحكيمية، معطلة بالكامل منذ سنتين.
وهذا ما يؤكد استغلال أصحاب العمل تعطيل القضاء للتمادي في تجاوزاتهم، و«الاستهتار الفاضح بالسلطات الرسمية وبحق العمال في الدفاع عن أنفسهم وصون كرامتهم، ويضرب بالقوانين اللبنانية عرض الحائط، لا سيما قانون العمل، وقانون الضمان الاجتماعي، والمرسوم المتعلق ببدل النقل ومنح التعليم، والاتفاقية رقم 29 بخصوص العمل الجبري الصادرة عن منظمة العمل الدولية، والتي صادق عليها لبنان عام 1977»، كما جاء في بيان «الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين».
الكرة الآن في ملعب وزارة العمل من أجل إحالة الملف إلى التفتيش الشامل، والتفتيش في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ووزارة المالية للتحقيق في المخالفات الموثقة. على أنّ الهدف ليس فقط حماية حق شرارة بل إنقاذ باقي العاملين في الشركة من الاستغلال، خصوصاً في ظلّ «وجود ضغوط لإجبارهم على التوقيع على تنازلات أو إبراءات ذمة لصالح الشركة أو الشركات المرتبطة بها»، والأهم من ذلك كله أن تكون بادرة لردع أصحاب العمل والحدّ من الانتهاكات التي يتعرّض لها العمال.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|