بشروط و "وجوه جديدة".. موسكو تعيد نسج خيوط العلاقة مع سوريا ما بعد الأسد
أثارت زيارة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، يوحنا العاشر يازجي إلى القصر الجمهوري، ولقاؤه الرئيس السوري أحمد الشرع، جدلًا واسعًا بين السوريين عامةً، ومسيحيي سوريا بشكل خاص، بين من رأى أن الزيارة خطوة ضرورية ومطلوبة لرأب الصدع وتعزيز الوحدة الوطنية التي تعرضت لضرر كبير، في ظل الشرخ والانقسام الكبير الذي تعيشه البلاد، وبين مَن رأى أن هذه الزيارة هي محاولة لحرف الأنظار عما يحدث في السويداء جنوبًا والساحل غربًا ومناطق سيطرة "قسد" في الشمال الشرقي، حيث تبتعد المناطق الثلاث عن المركز بدرجات متفاوتة، وصلت حد "الطلاق" في السويداء.
لقاء الشرع - يازجي سبقته زيارة لأمين عام رئاسة الجمهورية، ماهر الشرع، الذي زار بطريركية الروم الأرثوذكس، معزيًا باسم الشرع بضحايا التفجير الذي استهدف كنيسة الدويلعة بدمشق، قبل أكثر من شهر ونصف الشهر؛ ما أثار الكثير من الاستغراب حول توقيت التعزية "المتأخرة"، والدور الجديد الذي يلعبه شقيق الرئيس على صعيد السياسة الداخلية والخارجية.
بصمة روسية
يربط كثيرون بين هذا التحرك المفاجئ تجاه المسيحيين، والدور الروسي العائد بقوة عقب زيارة وفد سوري رفيع إلى موسكو آخر الشهر الماضي، ليفتح الباب أمام نشاط روسي مكثف بدأت ملامحه تظهر على الأرض في أكثر من مكان على الساحة السورية، في الساحل السوري والجنوب، وأيضًا في شمال شرق سوريا، وهي بؤر التوتر والتمرد التي تعارض حكومة الشرع وتطالب باللامركزية بحد أدنى، فيما رفعت السويداء سقف المطالب باتجاه الانفصال والاستقلال.
يقول مصدر مقرب من الخارجية الروسية لـ "إرم نيوز" إن البصمة الروسية تبدو جلية في العديد من التحركات الأخيرة التي تشهدها الساحة السورية، بعد انكفاء الدور الروسي منذ سقوط نظام الأسد.
ويشير المصدر في هذا السياق، إلى أن دفع العلاقة بين الحكومة السورية والمكون المسيحي (الأرثوذكسي) المرتبط بالكنيسة الشرقية الروسية، تقف وراءه موسكو، مؤكدًا أن عرّاب هذه العلاقة هو ماهر الشرع، شقيق الرئيس الذي يحتفظ بعلاقات خاصة مع الروس، (يحمل الجنسية الروسية بحكم زواجه بروسية وإقامته الطويلة فيها)، وقد ظهرت النتائج بكل وضوح بعد زيارة الوفد السوري الرفيع إلى روسيا في نهاية يوليو/ تموز الماضي.
"العراب".. ماهر الشرع
وفقًا للمصدر، لعب الأمين العام لرئاسة الجمهورية السورية، ماهر الشرع، الدور الأبرز في وضع العلاقات السورية الروسية على السكة من جديد، حيث "تولى هندسة قنوات الاتصال الأمنية ووضع القواعد الجديدة للعلاقات السياسية مع موسكو"، لتعود موسكو لاعبًا أساسيًّا على الساحة السورية، وجزءًا رئيسًا في منظومة الأمن الوطني السوري.
ويكشف المصدر، أن السلطات السورية أبدت اهتمامًا بعودة دوريات الشرطة العسكرية الروسية إلى محافظات جنوبي سوريا، على نحو يشبه ما كان قبل سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول 2024، والاستعانة بقدراتها، للحد من الاختراقات الإسرائيلية وإدارة خطوط التماس جنوبًا.
المصدر يقول، إن دمشق تريد من موسكو بشكل خاص، مساعدتها في الحفاظ على وحدة البلاد، والوقوف في وجه إسرائيل التي تسعى بكل قوتها لأخذ سوريا نحو التقسيم، وهي تعلم أن لموسكو القدرة والإمكانيات التي تخولها دعم دمشق في الحفاظ على وحدة البلاد، نظرًا لعلاقاتها القوية مع إسرائيل أولًا، ومع كل المكونات السورية ثانيًا، ولخبرتها الواسعة والطويلة في سوريا، واحتفاظها بقنوات اتصال قوية مع الكرد والعلويين والدروز، وبطبيعة الحال مع مسيحيي سوريا المقربين من الكنيسة الروسية.
ويلفت المصدر إلى أن روسيا حريصة بالمقابل، على ديمومة وجودها الإستراتيجي في طرطوس وحميميم في الساحل السوري، مشيرًا إلى أن هذا الوجود كان الاختبار الأساسي لمستقبل العلاقة مع الإدارة السورية الجديدة، وقد تكون موسكو حصلت فعلًا على ما تريد في هذا المجال، وفقًا للمصدر.
مؤشرات العودة الروسية
يتحدث المصدر المقرب من الخارجية الروسية، عن العديد من المؤشرات لعودة روسيا القوية إلى المشهد السوري منذ أوائل الشهر الجاري، مشيرًا إلى عودة الدوريات العسكرية الروسية إلى المنطقة الساحلية، فيما أشارت مصادر خاصة في الساحل السوري إلى استعادة الروس للعديد من النقاط العسكرية التي كانوا أخلوها بعد سقوط نظام الأسد، ومنها نقطة البصة جنوب اللاذقية، فيما تتحضر القوات الروسية لاستلام ثكنة "المينا البيضا" شمال اللاذقية.
من جانب آخر، تلفت المصادر إلى توقف الهجمات والتحرشات اليومية للطيران المسير التابع للفصائل، على قاعدتي حميميم وطرطوس الروسيتين؛ ما يعني صدور أوامر من قبل السلطات السورية، بمنعها، وفقًا للمصادر.
في الجنوب، يجري الحديث عن طلب دمشق من موسكو عودة الدوريات الروسية، وتعتقد السلطات السورية أن عودة روسيا إلى مواقعها السابقة في الجنوب قد "تمنع إسرائيل من التدخل في الشؤون السورية"، وتسهم في تنظيم العلاقات بين الحكومة السورية الانتقالية والإسرائيليين.
وفي القامشلي شمال شرقي سوريا، تنامى الدور الروسي بشكل كبير في الآونة الأخيرة، كما تعزز التعاون بين الحكومة السورية وموسكو، حيث تشير المصادر إلى أن الدوريات الروسية جرت من دون مشاركة "قوات سوريا الديمقراطية - قسد" التي لم تتوصل حتى الآن إلى اتفاق مع الحكومة بشأن وضع مناطق الأكراد.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|