"الفاليه باركينغ" في لبنان: خدمة على الورق وابتزاز على الأرض
الموقوفون السنّة والسجناء السوريون في لبنان… بين القضبان والمعاناة
في لبنان، يمضي آلاف الموقوفين الإسلاميين وآلاف السوريين سنوات خلف القضبان، وبعضهم لم يحظَ بفرصة المثول أمام القاضي ولو مرة واحدة. ومع بدء العطلة القضائية من منتصف تموز حتى منتصف أيلول، يتجمّد زمنهم. هذه القضية، التي أُهملت بفعل التجاذبات السياسية والحسابات الطائفية، وتحوّلت إلى جرح نازف في جسد العدالة، وتثير أسئلة مقلقة حول مستقبل دولة القانون.
إنجاز مئات القضايا
وكشفت مصادر مطلعة لـ "نداء الوطن" أن اللجنة القضائية – الأمنية المكلّفة بمتابعة ملف الموقوفين الإسلاميين أنجزت مئات القضايا تمهيدًا للبت فيها، إلا أن التنفيذ يصطدم بعقبة قانونية جوهرية: "لا يُمكن الإفراج عن أي موقوف إلا بعد صدور حكم بحقه". هذه القاعدة، التي وُضعت أساسًا لحماية العدالة، تحوّلت عمليًا إلى سبب لاستمرار الاحتجاز لفترات طويلة، تاركةً جرحًا مفتوحًا على المستوى الإنساني والقانوني.
موقوفون سوريون
تضم السجون اللبنانية قرابة ألفي سجين سوري، بينهم معارضون للنظام السابق ومناصرون للثورة السورية. وتوضح أم محمد، شقيقة أحد الموقوفين، لـ"نداء الوطن" أنّ هذا الملف يخضع لحسابات سياسية معقّدة، إذ إن الغالبية من هؤلاء السجناء من المؤيدين للثورة والمقاتلين ضد النظام السابق والميليشيات المدعومة من إيران. وبعد سقوط مدن وبلدات مثل القصير ويبرود في يد "حزب الله"، الحليف التاريخي للنظام السوري، لجأ كثيرون إلى لبنان حيث جرى اعتقالهم بتهم إرهاب، رغم عدم تورطهم في أي أعمال إجرامية في لبنان، ما يجعل مصيرهم مرهونًا بالتوازنات الإقليمية .
الأهالي بين الاحتجاج وترقّب مصير أبنائهم
وفي حادثة مؤلمة، كشفت تقارير حقوقية، بينها "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، عن ظروف احتجاز كارثية في سجن رومية، تشمل الاكتظاظ ونقص الغذاء والدواء وانتشار الأمراض. وخلال شهر ونصف، سُجّلت ثلاث حالات وفاة، كانت آخرها السجين السوري أسامة الجاعور من مدينة القصير .
أهالي السجناء أعربوا عن صدمتهم وغضبهم، مؤكدين في تصريح لـ "نداء الوطن" أن "أبناءنا يموتون ببطء وصمت داخل الزنازين، وكل يوم يمر دون محاكمة أو علاج مناسب يضاعف معاناتهم. وفاة أسامة يجب أن تكون جرس إنذار للجميع، فغياب أي حل عملي سيؤدي حتمًا إلى سقوط مزيد من الأرواح". وأضافوا أن تجاهل المعاناة اليومية للسجناء يشكّل جريمة مستمرة، ويجب أن يتحمّل كل مسؤول تبعات قراراته .
ويعتزم الأهالي تنظيم اعتصامات في مناطق لبنانية للمطالبة بالإسراع في العفو العام أو تخفيض السنة السجنية ووضع حد لما يسمونه "المماطلة المدمرة". وأكدوا أن استمرار الاحتجاز من دون حل سريع يعكس عجز الدولة عن حماية أبنائها ويزيد الاحتقان الاجتماعي.
في ظل الانسداد، لم يُقرّ في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة مشروع قانون يقضي بتخفيض السنة السجنية من 9 أشهر إلى 6 أشهر، ويهدف إلى شمول الموقوفين السنّة والسجناء السوريين، إضافة إلى ملفات أخرى، بعفو ينهي سنوات الاحتجاز الطويلة .
ورغم الانقسام الحاد حول المشروع، يرى مؤيدوه أنه ضرورة إنسانية وقانونية، بينما يحذّر معارضوه من إطلاق سراح متهمين بجرائم خطيرة. لكن حقوقيين يؤكدون أن العفو العام لا يعني الإفلات من العقاب، بل إعادة التوازن لعدالة معطّلة.
تقول أم عمر، والدة أحد الموقوفين اللبنانيين، لـ "نداء الوطن": "أين زعماء ونواب المسلمين السنّة من معاناة أبنائنا؟ لماذا نُترك وحدنا لمواجهة هذا الظلم؟".
تحريك هذا الملف لم يعد خيارًا، بل أصبح ضرورة وطنية لحماية العدالة وتعزيز استقرار البلاد، قبل أن تتحوّل الأزمة من قضية إنسانية وقضائية إلى قنبلة اجتماعية موقوتة.
طارق أبو زينب -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|