"الفاليه باركينغ" في لبنان: خدمة على الورق وابتزاز على الأرض
قوات أميركيّة بين لبنان و "إسرائيل"؟
توماس براك لم يأتنا، هذه المرة، مبعوثاً للجحيم، حتى إن مورغان أورتاغوس، التي كانت تغرز أصبعها المرصع بنجمة داود بدت في آذاننا، وفي عيوننا، بدت وكأنها أبدلت جلد الذئبة بجلد الزرافة. وان كان ثابتاً ألّا تغيير في الموقف الخاص بنزع سلاح "حزب الله"، ولكن مع اعطاء فرصة للرئيس جوزف عون للحوار مع الحزب، واطفاء النيران السياسية، والطائفية، التي ازداداًت احتداماً بعد قرار مجلس الوزراء حول مسألة السلاح.
لكن اسرائيل لا تريد، وبتنسيق مع احدى الدول العربية، بقاء أي اثر للحزب في لبنان. على غرار ما حدث في عام 1982حين تم ترحيل ياسر عرفات، بأدائه الفولكلوري، و "فدائييه" من الأراضي اللبنانية، يجري ترحيل الشيخ نعيم قاسم، ومقاتليه أيضاً، في حين أن هناك جهة عربية تضغط من أجل اخراج "البيئة الحاضنة" من المعادلة الديموغرافية، والسياسية، والطائفية، اللبنانية. الرئيس السوري وضع في هذه الأجواء، على أن يكون الشريك الأساسي في اجتثاث تلك البيئة من البقاع.
براك بعلم أن من المستحيل قبول "حزب الله" بتجريده من السلاح، في مثل هذه الظروف، وبوجود قوى داخلية وأخرى عربية، على أهبة الاستعداد لتكرار مذبحة العلويين في الساحل، ومذبحة الدروز في السويداء، في المناطق اللبنانية ذات الغالبية الشيعة، في حين يتريث الأميركيون في الموافقة على خطة اسرائيلية لشن ضربات حساسة على ايران، يمكن أن تؤدي الى تقويض النظام الاسلامي هناك، وبعدما ذكرت مصادر ديبلوماسية غربية أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تعتقد أن مثل تلك الضربات يمكن أن تقود الى نتائج خطرة بعدما تمكن الايرانيون من اعادة ترميم قواتهم المضادة للطائرات، وكذلك تنظيف البلاد من الخلايا التي أنشأها الموساد على مدى سنوات.
أما اسرائيل فتعتبر أن اصرار طهران على المضي في تخصيب اليورانيوم قرار استراتيجي اتخذته القيادة، لتلاحظ، وفق دراسة لمعهد جافي، أن لجوء الايرانيين الى رفع نسبة التخصيب من 3.67 الى 20%، ثم الى 60% لتصبح على بعد قوسين أو أدنى من الارتفاع بالنسبة الى 90 % لا يترك مجالاً للشك في اقتراب موعد ظهور القنبلة.
التصريحات الأخيرة لعلي لاريجاني كانت لافتة جداً، وهو الذي كان تعيينه في منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي ذا دلالة هامة حول احداث تغيير في آليات صنع القرار، وحيث الاعتراف باختراق الموساد لأهداف بالغة الحساسية ان داخل القيادة العسكرية أو في الجهاز البشري للبرنامج النووي. التصريحات عكست النية في الخروج من الحلقة الايدولوجية المقفلة، والتي انعكست بصورة سلبية، وحتى كارثية، على صياغة السياسات، والاستراتيجيات، الايرانية، وكذلك على القوى الحليفة في المنطقة، لا سيما "حزب الله".
براك الذي انهى زيارته الأخيرة بورقة يمكن أن تفضي الى تفجير الساحة اللبنانية، أدلى، بعد لقائه الرئيس جوزف عون بتصريحات تنطوي على دلالات هامة. اعتبر أن نزع سلاح الحزب هو لمصلحة الشيعة لا ضد مصلحتهم، مشيراً الى أن هناك "مصالح ومقترحات اقتصادية لمصلحة لبنان والجنوب"، على أن تشمل عملية الاعمار كل المناطق اللبنانية، وهذا ما يفسر بوجود ضمانات في هذا الموضوع، لنتوقف عند نقطة فائقة الحساسية، وقد يلتقي فيها مع نظرة "حزب الله". براك قال "هناك دوماً مقاربة خطوة خطوة"، معرباً "عن اعتقاده بأن الحكومة اللبنانية قامت بالخطوة الأولى، والأن على اسرائيل أن تبادل الآن بخطوة مقابلة". لياتي التعليق من تل أبيب التي تشترط خطوات فعلية على الأرض لا الاكتفاء بقرار لمجلس الوزراء على الورق.
ولكن ماذا كان براك يقصد حين قال "أعتقد أننا في الاسابيع المقبلة سنرى تقدماً كبيراً، وبداية خارطة طريق للحوار مع كل الجيران". حوار بين لبنان واسرائيل. كيف والى أين؟
وتشير المعلومات أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري ابدى ارتياحه لما نقله المبعوث الأميركي، وبرعاية شخصية من الرئيس دونالد ترامب، ليصف براك بري باللامع، والذكي، وذي التاريخ الكبير، وهو ما يتناقض كلياً مع تسريبات لشخصيات سياسية لبنانية أميركية، ثابرت على "التبشير" بانزال عقوبات أميركية عليه.
لغة أميركية أخرى. الثابت أن لا حرب اسرائيلية على لبنان، مع الحد من الضغط على السلطة اللبنانية لتفيذ الورقة الأميركية بواسطة الجيش اللبناني، دون أي تفاهم مع "حزب الله"، بل الضغط على الحزب لتنفيذ تلك الورقة، ما يستتبع خطوات أخرى قد لا تنتهي عند مسألة التطبيع، وبعدما لوحط أن قوى حزبية مرتبطة باحدى الدول العربية كانت تراهن على الانفجار الداخلي استكمالاً لسيناريو التغيير وبدفع اعلامي هائل.
ليبقى موضوع التجديد لقوات الطوارئ الدولية (يونيفيل)، وهو ما تعارضه الولايات المتحدة، وتدعمه الدول الأوروبية، اذ إن معلومات باريس تشير الى بحث في مرابطة قوات أميركية، ومعها قوات فرنسية على امتداد الخط الأزرق، على أن يكون ذلك لمدة سنتين، وهي المدة الكافية للوصول بسوريا ولبنان الى السلام مع اسرائيل.
هل تبدد تصريحات توماس براك الغيوم السوداء التي تظلل لبنان كما المسيرات، والقاذفات الاسرائيلية؟ مصدر سياسي وثيق الاطلاع قال لنا ان ترامب، بايفاده براك وأورتاغوس، قرر أن ينتهج ديبلوماسية متوازنة مع لبنان. الأول يحمل الجنسية اللبنانية، والثانية تحمل قلباً اسرائيلياً!!
نبيه البرجي - الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|