نعيم وتمارا
المناسبة دينية، أربعين الإمام الحسين. والتهديد كربلائي دينيًا، وانتحاري سياسيًا. وككل العمليات الانتحارية التي تقصد قتل الآخرين بانتحار المنتحر، هدد الشيخ نعيم، الشيعي على منهج "الولي الفقيه"، بتفجير لبنان، على طريقة شمشون التوراتي، إذا اقترب أحد من سلاح جماعته. أن يتحول نعيم قاسم وجماعته إلى "كربلائيين" فهذا يعني أن أغلب اللبنانيين بمعتقد قاسم "يزيديين" أبناء لمعاوية بن أبي سفيان. ألم يقل الخامنئي، وليس من تاريخ مر عليه الزمن، هي معركة تاريخية حتى القيامة بين الحسينيين واليزيديين. الرد بالسياسة لم يعد يُجدي، ويجب أن نتعمق أكثر في المسألة لأنها على كارثيتها، تحتاج إلى إيضاح لتبيان طبيعة المعركة المقبلة. إن زج التراث الديني وتحديدًا الشيعي في المعركة استحضار مقيت وغير أخلاقي بحق الشيعة قبل غيرهم. لماذا هذا التسارع إلى الخلف والتخلف؟ كلما أَمْعَنَّا في الطابع الديني للصراع مع إسرائيل ضاعت الحقوق وتشوهت القضية. اختصار عنوان فلسطين بمدينة القدس، ثم اختصار عنوان القدس بالمسجد الأقصى، نفاق وتلفيق. دأب "حزب الله" على شعار الصلاة في القدس كأسمى غاية، وبمعزل عن ترتيب الغايات السؤال الذي يُطرح: إذا جاء يومٌ ووجدوا أنفسهم في القدس، أين سيُقيمون الصلاة؟ أفي مسجد "قبة الصخرة" الذي بناه عبد الملك بن مروان، الخليفة الأموي الذي يكرهونه؟ أم في المسجد المجاور للخليفة عمر الذي بحسب تراثهم كسر ضلع فاطمة الزهراء؟ المشكلة أن المساحة التي تسمى اليوم "المسجد الأقصى" هي كناية عن مساجد عدة ومصليات، وأغلب تلك المساجد والمصليات بناها ألد أعداء الشيعة أي خلفاء بني أمية! وحتى مسألة الإسراء إلى القدس والمعراج من القدس، أصبحت موضع تشكيك عند العديد من أهم المفكرين المعاصرين والباحثين في التاريخ الإسلامي. لا بل حتى ابن تيمية المعروف بالتشدد يقول عن الصخرة "لا شيء في شريعتنا يوجب تخصيصها بحكم شرعي"، لا بل يعتبر أنها كانت "قبلة اليهود".
على الضفة اللبنانية، لم يسبق لمسؤول عاقل أو مجنون، أن هدد بقتل الحياة في لبنان وتدميره. وحده المتشرب بالفكر التكفيري يقدم على قول كهذا. نعيم قاسم بدأ بتكفيرنا سياسيًا، وهو على بُعد مرحلة لتكفيرنا دينيًا. الموت ولا تسليم السلاح. لن ندعكم تنعمون بلبنان الاستقرار والازدهار، وسندمره على رؤوسنا ورؤوسكم. هذا العنف لا تقل عنه خطورة نظرية وزيرة البيئة التي حسمت نتيجة استفتاء عام لو حصل لمصلحة السلاح. من دون مراعاة أدنى شروط القيام بالاستفتاءات في قضايا مصيرية، يبدو أن الناس عند تمارا كمية بشرية، مستعيدة منطق الديمقراطية العددية التي حذر منها الإمام مهدي شمس الدين، بعدما كان بالأصل من أوجدها. الدارسة في أوروبا، ودارس علم الكيمياء، تفاعلت بينهما الكيمياء السياسية وتناوبا على دفع الشيعة إلى "كربلاء" لا تمت بصلة إلى كربلاء الحق. آن أوان تحرير الشيعة من أثقال الاستعارات التاريخية وتنزيه معتقدات الإيمان الفردي، عن الاستعمال السياسي. التراث الديني منارة ودروس وعبر، واستحضار وقائعه ومحاولة تكرارها، يذكرنا بقول ابن خلدون، "اتباع التقاليد لا يعني أن الأموات أحياء، بل أن الأحياء أموات".
أمجد اسكندر - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|