"إسرائيل" تفرض واقعها جنوب لبنان... لا تعهدات ولا ديبلوماسية توقفها
ما لبث الموفد الاميركي توم براك ان تحدث بان الدور بات على «اسرائيل» للتحرك واتخاذ خطوة موازية بعد اعلان لبنان التزامه بحصر السلاح بيد الدولة، حتى سارع جيش الاحتلال إلى إنشاء مركز عسكري جديد عند أطراف بلدة كفركلا. هذه الخطوة تحمل دلالات واضحة بأن الكيان العبري يسعى لترسيخ وجوده على نقاط تماس حساسة مع لبنان اذ ان اقامة هذا المركز الجديد في كفركلا ليس مجرد تعزيز أمني بل يعكس رغبة في فرض أمر واقع ميداني جديد يتيح لـ«اسرائيل» مراقبة أدقّ للحدود اللبنانية الجنوبية.وعليه، قطعت «اسرائيل» الشك باليقين، طبعا لمن يريد ان يرى حقيقة الافعال الاسرائيلية على الارض، بانها لن تكتفي بالتعهدات أو بالحلول الدبلوماسية من الجانب اللبناني او بالاحرى لا تأبه لما تفعله الدولة اللبنانية فالكيان العبري يريد ان يفرض بنفسه واقعا ميدانيا جديد جنوب لبنان.
وعلمت «الديار» ان اتصالا جرى بين مستشار احد المراجع اللبنانية وواشنطن حول ضرورة ان تضغط الاخيرة على حكومة بينامين نتنياهو لوقف الانتهاكات الذي من شأنه ان يعزز موقف الحكومة اللبنانية بدلا من السقوط في الدوامة، وتحدث بعض الحلحلة في مواقف حزب الله الذي يبدو واضحا، وفي الاتصالات التي جرت معه، بأنه لا يثق قطعا بالحكومة «الاسرائيلية» ولا بالادارة الاميركية، بعدما كان وزير المالية «الاسرائيلي» بتسلئيل سموتريش، وهو احد اركان الائتلاف، قد صرح بان «اسرائيل» لن تنسحب من النقاط الخمس وترفض اعادة اعمار بلدات الشريط الحدودي التي جرى تدميرها بعد صدور اعلان اتفاق وقف اطلاق النار في 27 تشرين الثاني عام 2024. وتصريح سموتريش هو مؤشر فاضح على ان الكيان العبري لا يرغب بتنفيذ القرار 1701 ولا تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار الذي رعته اميركا، مما يؤدي الى اضعاف موقف الحكومة اللبنانية والتأثير السلبي على صدقيتها، بعد ان تلقت تأكيدات اميركية حول انسحاب جيش الاحتلال من الجنوب اللبناني وحول اعادة الاعمار.
من جانب الحكومة اللبنانية، ووفقا لمصدر سياسي مطلع، فهي ماضية قدما في مشروعها التي اتت على اساسه وهو حصر السلاح بيد الدولة، وستفعل كل ما بوسعها لتحقيق هذا الهدف. بيد ان عدم تمكنها من تحويل ما وعدت به اي بحصرية السلاح بيد الدولة، الى امر واقع، سيؤدي حتما الى فشلها وتغييرها.
الكرة في الملعب الاميركي
تقول مصادر مطلعة «للديار» ان هناك ضرورة اميركية لتعزيز موقف رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون وكذلك موقف رئيس الحكومة نواف سلام، ولكن ما يصدر عن «اسرائيل»، ان كان على ارض الواقع، او عبر التصريحات، يشي بأن لا خطوة تقوم بها الى ما بعد تنفيذ الجانب اللبناني كل مندرجات حصر السلاح، وبعد ذلك تقوم «اسرائيل» بما يلزم، الامر الذي يتناقض مع كل ما نقله وقاله الموفد الاميركي توم براك.
وتضيف هذه المصادر ان هناك نوعا من الارباك بالنسبة لمسألة وضع الجيش خطة لحصر السلاح دون التفاهم او التنسيق المسبق مع حزب الله من اجل تحديد النقاط المستهدفة وحتى من الناحية التقنية اذ ان تفكيك الصواريخ الباليستية قد يستغرق اشهرا في حين ان المدة المحددة هي نهاية العام الحالي، الا اذا كان «الاسرائيليون» يخططون لتدمير هذا السلاح تماما كما فعلوا في سوريا حين دمروا كل المنشأت، وكل الاسلحة العائدة للجيش السوري.
الحدود اللبنانية-السورية: قنبلة موقوتة قد تنفجر في اي وقت
في غضون ذلك، وعلى الحدود الشمالية الشرقية اللبنانية المحاذية لسوريا، تحصل مناوشات يومية مع فصائل الرئيس السوري احمد الشرع غير ان حزب الله في جهوزية عالية جدا وعلى كامل استعداد تحسبا لاي هجوم محتمل قد يأتي من دمشق. ذلك ان حزب الله كقوة داخلية، يقوم باعادة ترتيب اوضاعه، الامر الذي يشمل استراتيجيته وتحالفاته حيث بلور علاقاته مع الاطراف المنسجمة مع تطلعاته وابتعد عن حلفاء بدلوا موقفهم منه، محصنا ذاته امنيا وسياسيا.
نتنياهو يهرب الى الامام عسكريا والتشكيك بالمواقف «الاسرائيلية»
وبالعودة الى التصريحات المتلاحقة التي تصدر عن كبار المسؤولين اللبنانيين حول حصرية السلاح بيد الدولة، بدأ التشكيك بالمواقف «الاسرائيلية» يزداد يوما بعد يوم، اخذا بالاعتبار طريقة تعامل حكومة نتنياهو مع المقترحات الخاصة بوقف النار في غزة، ما دام هذا الاخير ينطلق، من اندفاعه العسكري الى الامام، من مسألة بقائه في السلطة، بعدما كانت وسائل اعلام «اسرائيلية» قد ذكرت ان اليوم التالي لحرب غزة هو خروج نتنياهو من السلطة.
حذر وريبة من زيارة السناتور الاميركي المتطرف «اسرائيليا» لبيروت
الى ذلك ، ومن حيث المبدأ توم براك ومورغان اورتاغوس يعودان الى بيروت نهاية شهر اب الحالي للاطلاع على خطة الجيش المتعلقة بحصر سلاح حزب الله، لكن الذي لفت الاوساط السياسية المؤيدة للحزب ان السناتور الجمهوري البارز ليندسي غراهام، والذي يعرف بدعمه الشديد لـ«اسرائيل» الى حد تأييد اللجوء الى الخيار النووي في غزة لتصفية «حماس» ام للقضاء على «سكان غزة».
وتبدي تلك الاوساط قلقها من تلك الزيارة، باعتبار ان غراهام سبق وزار عاصمة عربية لينسق معها للضغط من اجل ازالة حزب الله وحتى تطويق بيئته الحاضنة في المعادلة اللبنانية، علما ان السناتور الجمهوري المؤثر على قرارات البيت الابيض، يدفع باتجاه القيام بالخطوات اللازمة من اجل تلازم المسارين اللبناني والسوري في عقد اتفاق سلام مع الدولة العبرية.
قلق «إسرائيلي» من التحولات الأوروبية مقابل ارتياح تجاه لبنان
تعيش «إسرائيل» حالياً شعوراً بالارتياح تجاه الملف اللبناني، إذ تعتبر أن الكرة اليوم في ملعب بيروت، في ظل صمت أميركي كامل عن المجازر التي ترتكبها في غزة أو الغارات الجوية التي تشنها على الأراضي السورية. وبفعل الغطاء الأميركي الواسع، لا ترى «تل أبيب» في لبنان أو غزة أو سوريا تهديداً ضاغطاً في الوقت الراهن، بل يكمن قلقها الأساسي في التحولات المتسارعة داخل أوروبا حيالها.
فقد بدأت عدة دول أوروبية تميل إلى الاعتراف بدولة فلسطينية، ترافق ذلك مع إدانات متزايدة للسياسات التي تنتهجها حكومة نتنياهو في غزة والضفة الغربية. وتُبرز القنوات الأوروبية، وفي مقدمتها «بي بي سي» البريطانية، بشكل يومي الانتهاكات الجسيمة التي يرتكبها المستوطنون ضد الفلسطينيين، من اعتداءات وحرق للمزارع وصولاً إلى أعمال ترهيب ممنهج.
في مواجهة ذلك، شنّ رئيس حكومة العدو هجوماً على الدنمارك وأستراليا متهماً إياهما بـ«خيانة إسرائيل»، فيما ازدادت حدّة التوتر بين باريس و«تل أبيب» على خلفية مضي فرنسا قدماً في مسار الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
نور نعمة -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|