ما هي الخيارات لدى "حزب الله" اذا اجتمع الآخرون على ترشيح قائد الجيش؟
يضع "حزب الله " منذ فترة في راس قائمة التقديرات والاحتمالات حول مسارات السباق الرئاسي ، حلول لحظة سياسية ينجح فيها كل خصومه الداخليين والخارجيين على حد سواء في التقدم الى المشاركة في هذا السباق بمرشح واحد جدي ومعلن ونهائي يضع خاتمة لما قبله ، وكل المعطيات المتوفرة تشي بان قائد الجيش العماد جوزف عون هو الذي تتوفر فيه صفات هذا المرشح.
ربما لم يعد هذا الاستنتاج والتقدير مدعاة للتفاجؤ ولم يعد جاذبا للتساؤلات ، اذ ان اسم هذا القائد المتلفع بالصمت قيد التداول في كل الاوساط منذ ما قبل خروج الرئيس العماد ميشال عون من قصر بعبدا في نهاية الشهر الماضي منهيا ولايته الرئاسية ولكن الذي يحتل الان مقام الاهمية صار الاجابة على سؤال مطروح بالحاح ويتركز على ما هي خيارات "حزب الله" بالذات اذا ما وجد نفسه وجها لوجه امام هذا المعطى الاخذ بالترسخ يوما بعد يوم ؟
واستطرادا كيف سيتعامل مع هذا الامر الواقع اذا ما اجمعت كل التوجهات غير الصديقة على هذا الاسم وصار "مرشحا دوليا اقليميا مدعوما بدعم محلي واسع " واستتباعا ما هي خياراته وحدود مساحة الفعل والمواجهة لديه اذا ما اختار المضي قدما متمسكا بمرشحه المعروف وهو زعيم تيار المردة سليمان فرنجية ؟
ليس جديدا القول ان كل هذه التفاصيل والاحتمالات مفلوشة على مائدة التقصي والتشريح والتداول لدى الدوائر المولجة في الحزب خصوصا ان هذا الحزب سبق وافصح انه يريد منصب الرئاسة الاولى "محررا وخالصا" له ولحلفائه وانه ليس في وارد التراجع مع يقينه المسبق بان الخصوم وضعوا في المقابل نصب اعينهم مهمة تحرير هذا المنصب من قبضة الحزب باي ثمن .
وبناء عليه لا تخفي مصادر على صلة بالحزب بانه يفترض في ظل هذه المعادلة القائمة ان يكون الحزب قد امتلك خطة مضادة لاداء معاكس انطلاقا من قناعة راسخة بضرورة ان يبقى هذا المنصب من حصته وحصة شركائه السياسيين .
بطبيعة الحال يصعب دفع الحزب الى البوح بتفاصيل هذه الخطة والافصاح عن مندرجاتها خصوصا انها في بداياتها .وعلى رغم ذلك فان ما يتسرب من مناخات الحزب حول هذه المسالة المحورية يكشف ولو بقدر متواضع عن المنطلقات الاساسية لتوجهات الحزب لادارة معركة السباق الرئاسي بشروطه .اذ يعي الحزب تماما نقاط الضعف عنده والتي تبدا من "التمرد "الذي اعلنه حليفه رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل على خياره الرئاسي ورفضه السير به محاولا لاحقا الالتفاف عليه بطرح شخص ثالث . ولاشك ان هذا الامر شكل صدمة اولى للحزب ولحساباته كونه افقده احد اهم دعائم مشروع المواجهة عنده واطاح مبدئيا بالفرصة الذهبية لانطلاقة قوية لبلوغ الهدف الاسمى عنده .
لكن الحزب في المقابل مقيم على عنصر اطمئنان وثقة من عقد مفاضلة ومقارنة بين اوراق الحزب في انتخابات عام 2016 وبين اوضاعه حاليا .
ففي الانتخابات السابقة لم يكن مع خيار الحزب القائم على مبدأ عون رئيسا او لا رئيس الا جهة واحدة وهي التيار البرتقالي في حين ان حليفه الاوثق اي الرئيس نبيه بري كان حينها من اشرس الرافضين لهذا الخيار . ولكن خلال عامين ونصف عام انقلبت الامور راسا على عقب وانتقل تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية الى الطرف النقيض واختار كل منهم بناء لحساباته ان يسير قدما في خيار انتخاب عون رئيسا .
وعليه فان الحزب في معركته الحالية مصر على المعطيات الاتية :
- ان فرنجية مرشحه النهائي وليس مستعدا لان يناقش اي بدائل .
- عامل الزمن الذي لعب لمصلحة خيار الحزب قبل ستة اعوام ثمة من المعطيات والاوراق ما يمكن ان تتكرر اللعبة عينها وتنجح تاليا رهانات الحزب .
انها اذن وفق اقرار الحزب لعبة شراء الوقت بالصبر والقدرة على تحمل الصدعات والصدمات واستطرادا الضغوط الداخلية والخارجية التي تشي كل المعطيات بانها ايلة الى ازدياد واحتدام .
في تجربة عام 2016 كان الى جانب الحزب فقط نواب التيار البرتقالي، اما الان فليس مع الحزب في خياره الاكتلة نواب الرئيس بري الذين كانوا في السابق في المقلب الرافض بشراسة لترئيس عون .
واعتمادا على مبدأ الصمود والانتظار وبناء على تجربة انتخاب عون وخلاصاتها يبني الحزب عمارة حسابات وتوقعات تنطلق من الاتي :
ان فرنسا المنفتحة على الحزب متحمسة لاداء دور وساطة بالتنسيق والرضا مع الادارة الاميركية والرياض .
- ان الرياض التي بدت استهلالا كأنها ذاهبة نحو فتح مواجهات حساباتها محدودة زمانا ومكانا ولحركتها افقا .
- ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بعث اكثر من رسالة تشي بانه ما انفك عند ما اعلنه بداية وهو الرئيس التوافقي وان تصويته لميشال معوض انما هو موقت بانتظار العرض الجدي .
- اما اعتراض باسيل العالي النبرة فهو ايضا يفترض ان له محدود عند رجل متمرس وواسع الطموح مثله فهو يعي ان ممانعته لن تقوده في نهاية المطاف الا الى المضي نحو هامش المشهد السياسي وهو ليس من النوع المخلوق ليكون معزولا خارج السلطة .لذا يحق له في الفترة الضبابية ان يلعب كل اوراقه ويستنفذ كل خياراته والفرص المتاحة امامه ليسترد بعض ما فقده في الاعوام الماضية . لذا وفق تقديرات الحزب سيجد نفسه في لحظة ما مضطرا الى اعلاء مصلحته العليا على كل اعتبار اخر.
والى جانب ذلك كله لايقيم الحزب كبير اهتمام لهذه الضوضاء السياسية المقرونة باستعراضات مجلس النواب فهي تتاتي في وقت مستقطع يفتقد المعطيات الثابتة .
وكما سواه من القوى الاساسية يعي الحزب ان الرئاسة الاولى في لبنان لا تصنع الا بتطابق حسابات العوامل الداخلية مع الخارجية وكلاهما غير مكتمل الان لذا لاباس عنده من "رباطة الجاش " فالامر "مضمون ومحسوم" عنده اي خيار فرنجية.
"النهار"- ابراهيم بيرم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|