موظفو "اليونيفيل" يتلقون قرار تجديد محدود: ماذا ينتظرهم؟
على الرغم من سلسلة المآسي والحروب والاحتلالات المتعاقبة التي عانى منها لبنان والجنوب، ظلّ الجنوبيون يُحسَدون على وجود "اليونيفيل" في مناطقهم. ففي زمن الغياب المزمن والنسبيّ للدولة، كانت هذه القوة الدولية الحاضرة الدائمة، تشكّل عامل أمان واستقرار، وتمدّ الأهالي بشيء من الأمل والدعم. منذ العام 1978، تحوّلت "اليونيفيل" إلى شريك يومي في حياة الجنوبيين، تُسهم في مشاريع بنى تحتية، ومبادرات تنموية، وصحة وتعليم، إضافة إلى تأمين مئات فرص العمل للبنانيين، والحد الأدنى من الكرامة المعيشية في منطقة ظُلمت مرارًا. ولهذا فإن الحديث عن عدم التمديد لهذه القوات، لا يمكن فصله عن قلق الموظفين والأهالي من خسارة داعم خارجي كان أكثر حضورًا وقربًا من همومهم اليومية.
يبلغ عدد الموظفين اللبنانيين في "اليونيفيل" أكثر من 600 شخص، يشغلون وظائف مدنية متنوعة تشمل الدعم الإداري، الخدمات اللوجستية، الترجمة، والصيانة، بالإضافة إلى أدوار أخرى مساندة للبعثة الدولية. ينقسمون بدورهم إلى فئات تختلف بحسب درجاتهم وسنين عملهم. تتراوح رواتبهم الشهرية بين 2500 دولار أميركي و5 ألاف دولار أو أكثر. ويحصلون على مزايا إضافية مثل التأمين الصحّي، تعويضات النقل، والمساهمة في خطط التقاعد، مما يجعل العمل مع "اليونيفيل" خيارًا جذابًا للعديد من اللبنانيين. في ظل تدهور الاقتصاد اللبناني والعملة الوطنية، وارتفاع معدلات البطالة، شكّلت هذه الرواتب دعمًا كبيرًا للاقتصاد المحلي والتعاضد الاجتماعي والأهلي، ومساندة الموظفين لأهلهم وأقاربهم.
في هذا السياق، أفادت مصادر مطلعة لـ "نداء الوطن" بأن قرار التجديد للعاملين في "اليونيفيل" سيكون لمدة ستة أشهر، مع إمكانية التجديد لفترة مماثلة مرة واحدة فقط، ما يعني أن فترة العمل المحتملة لن تتجاوز العام كاملًا. ومن المتوقع خلال الأشهر الأولى المقبلة أن يتم تخفيض عدد جنود القوات الدولية بنسبة تصل إلى 30 %، إلى جانب تقليص مماثل في أعداد المدنيين الذين يعملون ضمن "اليونيفيل".
وأشارت المصادر، إلى أن بداية الأسبوع الماضي شهدت تقديم قيادة "اليونيفيل" لموظفيها اللبنانيين الذين تجاوزوا سن الستين عامًا عرضًا تعويضيًّا، إلى جانب حقوقهم القانونية التي تكفلها قوانين العمل المعتمدة لديها، وذلك مقابل إنهاء خدمتهم بشكل طوعي وميسّر.
ولفتت إلى أن هذا العرض قوبل بقبول نحو 100 موظف لبناني، مما يعكس رغبة شريحة من العاملين في التقاعد والاستفادة من التعويضات المالية المقدمة، في ظل حالة الغموض التي تحيط بمدى استمرارية مهام "اليونيفيل" والقرارات المستقبلية المتعلقة بها. وتأتي هذه الإجراءات في وقت تتزايد فيه المخاوف من تأثيرات سلبية محتملة على واقع الجنوبيين، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان، مما يضيف بعدًا إنسانيًا واجتماعيًا لهذه القرارات الإدارية.
أما في ما يتعلّق باحتساب التعويضات والحقوق المالية، فأوضحت المصادر أنها تنقسم إلى فئات:
الفئة الأولى تضمّ الموظفين الذين بلغوا سن الستين، ويتقاضى هؤلاء تعويض نهاية الخدمة كاملاً، إلى جانب مستحقاتهم من "صندوق الرواتب"، وهو صندوق يتم اقتطاع نسبة محدّدة من رواتبهم الشهرية لحسابه، بالإضافة إلى ضريبة الدخل التي تُحوَّل إلى الدولة اللبنانية. تُعاد هذه المستحقات إلى الموظف عند انتهاء خدمته، ويُضاف إليها معاش تقاعدي تتفاوت قيمته وفقًا للدرجة الوظيفية وعدد سنوات الخدمة. فعلى سبيل المثال، من كان راتبه الشهري نحو 3,000 دولار على سبيل المثال، قد يُصبح معاشه التقاعدي حوالى 1700دولار، إضافة إلى تأمين صحّي مدى الحياة، في المستشفيات المتعاقدة مع "اليونيفيل".
الفئة الثانية تشمل الموظفين الذين تجاوزوا سن 55 عاماً ولديهم أكثر من 15 سنة خدمة. هؤلاء يخضعون لنظام "التقاعد المبكر"، ما يعني أنهم يتقاضون نصف قيمة معاشهم التقاعدي مقارنةً بالفئة الأولى، إضافةً إلى مستحقاتهم من "صندوق الرواتب". كما يحصلون على معاش تقاعدي لكن بنسبة أقل، نظرًا لعدم بلوغهم السن القانونية الكاملة للتقاعد.
أما الفئة الأخيرة، وهم الموظفون دون سن 55 عامًا والذين تقل سنوات خدمتهم عن 15 عامًا، فيحصلون فقط على مستحقاتهم من "صندوق الرواتب" دون أي حقوق تقاعدية أو استشفائية، ما يجعلهم الفئة الأكثر تضررًا.
إذًا، خلال أكثر من أربعة عقود، كانت "اليونيفيل" جزءًا لا يتجزأ من المشهد الجنوبي اللبناني، حاضنة للأمن، وشاهدًا على تحولات سياسية وأمنية معقدة. وداع "اليونيفيل" ليس مجرد نهاية وجود قوة دولية، بل هو اختبار حقيقي لقدرة لبنان على بناء استقرار دائم وأمان اجتماعي للجنوبيين، وفّرته لهم "اليونيفيل".
طوني عطية - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|