مبادرةٌ لتفادي الصدام تتبنى أهداف الورقة وتهمل الآلية والمهل
في موازاة الانقسام العمودي الذي بدأ يظهر أكثر فأكثر حول الموقف من قرار الحكومة بحصر السلاح بيد الدولة، وكيفية التعامل مع خطة الجيش التي ستعرض على جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة المقبل، فإن الكواليس السياسية تشهد تكثيفاً للاتصالات السياسية بين دوائر متعددة بحثاً عن مخرج. وفي هذا السياق، تكشف مصادر متابعة لـ"المدن" أن هناك مبادرة قُدّمت من قبل رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومُرّرت إلى رئيسي الجمهورية والحكومة لدراستها والتعامل معها. طرَحَ بري مبادرته قبل خطابه في الذكرى السنوية لخطف الإمام السيد موسى الصدر، وهو تقصّد بذلك أن يقدم المبادرة، ويرفع سقف خطابه السياسي.
تقوم المبادرة على مبدأ تجاوز ورقة الموفد الأميركي توم باراك، بما أن إسرائيل هي التي رفضتها ولم تلتزم لها، وهذا ما يعني أن إسرائيل هي التي أسقطتها، فيستفيد لبنان من هذا الموقف لتجاوز الانقسام الداخلي الذي وقع في جلستي 5 و7 آب الفائت، وتعود الحكومة إلى مقاربة هادئة أكثر لمعالجة ملف السلاح، ليس بالضرورة وفق القاعدة التي طرحها بري في خطابه؛ أي العودة إلى الحوار والاستراتيجية الدفاعية، إنما إبقاء النقاش داخل مجلس الوزراء بانتظار اتخاذ القرار.
الجزء الثاني من المبادرة، هو أن يشارك كل الوزراء في الجلسة، ويعرض الجيش اللبناني خطته كاملة ويستعرض فيها ما قام به، وما سيقوم به لاحقاً مع وضع مراحل زمنية، ولكن من دون تحديد موعد بدء وانتهاء عملية سحب السلاح، في مقابل شرح مسار عمله، وكم استغرقت منطقة جنوب الليطاني، وكم هو في حاجة لاستكمال العمل ضمن هذا النطاق قبل الانتقال إلى العمل في شمال نهر الليطاني، إلى جانب عرض كل ما يحتاجه الجيش من دعم ومساعدة مالية، عسكرية، لوجستية، تقنية، ومعلوماتية حتى لمعرفة مواقع تخزين الأسلحة، وهذا سيكون في حاجة إلى تعاون من حزب الله.
بعد عرض الجيش لخطته، تقول المبادرة إن الحكومة حينها تعلن أخذ العلم بهذه الخطة، ولكن من دون أن تأخذ أي قرار، ومن دون تكليف الجيش ببدء العمل، وإلزامه بالمهلة الزمنية الواردة في الورقة الأميركية. وهنا تفصل المبادرة بين الورقة ككل وما تحمله من مهل زمنية، وأهداف الورقة التي تشير إلى حصرية السلاح بيد الدولة. فيكون لبنان قد تبنى أهداف الورقة، لكنه لم يتبن آلياتها التفصيلية تجنباً لأي صدام أو انفجار داخلي. وتتضمن المبادرة أيضاً شروطاً لبنانية واضحة تربط بين تحقيق أهداف الورقة الأميركية بتحقيق الأهداف اللبنانية؛ أي الانسحاب الإسرائيلي ووقف الضربات والاعتداءات.
لا جواب حتى الآن على هذه المبادرة، التي بدأت الدوائر المختلفة بدراستها، على أن تعقد لقاءات عديدة خلال الأيام الفاصلة عن موعد الجلسة لاتخاذ القرار المناسب. ففي حال حدث التوافق على هذه المبادرة، عندها ستكون الحكومة قد بقيت عند قراراتها وتسلمت خطة الجيش، ولكن من دون الذهاب نحو التطبيق. هي بذلك لن تكون قد تراجعت عن قراريها. أما حزب الله فسيعتبر أنه تمكّن من تعطيل الهجمة التي يتعرض لها، وجمّد اندفاع الحكومة وأجّل التنفيذ.
ولكن، بالتأكيد، إن اتفاقاً من هذا النوع سيستدعي معارضة واسعة في الداخل من جانب خصوم حزب الله الذي سيضغط على نحوٍ معاكس، على قاعدة أن المطلوب هو سحب السلاح من دون ربطه بالورقة الأميركية، ولا بأي ملف آخر. وذلك لا ينفصل أيضاً عن احتمال تزايد الضغوط الدولية على لبنان والحكومة في سبيل دفعها إلى الإصرار على تطبيق قراراتها.
حتى الآن، الوزراء الممثلون للطائفة الشيعية سيشاركون في الجلسة، والاتصالات مستمرة للبحث عن مخرج. أما إذا لم يحدث التوافق، وبقي الإصرار على المضي قُدماً في تطبيق خطة حصر السلاح وتكليف الجيش ببدء العمل، عندها سينسحب وزراء الثنائي، في حين تتركز الأنظار على الوزير فادي مكي. في المقابل، من الممكن أن يقترح عدد من الوزراء تأجيل اتخاذ القرار إلى جلسة أخرى، وهو ما يعني الدخول في جلسات متتالية لإنجاز دراسة سياسية لخطة الجيش واتخاذ القرار المناسب. أما إذا بقي الانقسام، وتصلّبت المواقف، فعندها يبقى السيناريو الأكثر حماوة هو اللجوء إلى طرح الأمر على التصويت، وهذا ما سيحرج الجميع بين التطورات الداخلية والضغط الخارجي.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|