عربي ودولي

سوريا بعد "داعش" .. استقرار الدّولة أم إعادة تدويير "الجهاديّين" ؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

منذ اندالع الحرب في سوريا عام ،2011 تحولت البالد إلى الساحة األبرز عالمًيا الستقطاب "الجهاديين المتشددين"، حيث تدفق إليها عشرات اآلالف من مختلف الجنسيات والدوافع الأيديولوجية والسياسية، ليصبحوا وقوًدا للصراع الداخلي وذريعة لتدويله.

ورغم هزيمة تنظيم "داعش" عسكرًيا عام ،2019 فإّن ملف هؤالء المقاتلين لم يغلق بعد، وعاد إلى الواجهة مع تزايد الحديث عن محاوالت إلعادة تجميعهم وإدماج بعضهم في تشكيلات عسكرية جديدة داخل سوريا.

"الجهاديون" في سوريا

عبر مسار التاريخ الحديث، لم تكن سوريا أول محطة لتجمع المقاتلين األجانب، فقد سبقتها أفغانستان خالل حربها ضد االتحاد السوفياتي في ثمانينيات القرن الماضي، حيث برز ما عرف الحًقا بـ"األفغان العرب" الذين مثلوا النواة األولى لتدويل الحركات الجهادية.

ومع دخول أميركا للعراق عام 2003 انتقل كثير منهم إلى هناك وأسهموا في تأسيس تنظيم "القاعدة في بالد الرافدين"، قبل أن يمهدوا الطريق لظهور تنظيم "داعش". وهو ما يؤكد أّن ظاهرة استغالل "الجهاديين" لم تكن حدًث عابًرا، بل أداة متكررة في استراتيجيات بعض القوى الدولية إلدارة النزاعات وإعادة رسم خرائط النفوذ.

في سوريا، لعبت بعض القوى الغربية دوًرا مباشًرا أو غير مباشر في غّض الطرف عن تدفق المقاتلين األجانب، ثم إعادة توظيف بعض التنظيمات المحلية ضمن ترتيبات سياسية وأمنية تخدم مصالحها. وبذلك، فإّن إعادة إنتاج هذه الظاهرة في سوريا، تمثل فقط امتداًدا للتجربة العراقية، بل تهدد بتحويل البالد إلى مركز دائم لتدوير الجهاديين، واستخدامهم بما يلبي مصالح بعض القوى العالمية، وفًقا لمراقبين.

يقول الباحث في األمن اإلقليمي واإلرهاب أحمد سلطان في حديث إلى منصة "المشهد"، إّن حالة التنظيمات الجهادية واإلسالمية في سوريا، مثل "هيئة تحرير الشام"، تمثل حالة محددة بسياقها الخاص، نشأت في إطار التنظيمات اإلسالمية والجهادية، ولم تتجاوز حدود الوضع السوري. هذه التنظيمات لم تكن لديها طموحات خارج سوريا، وهو ما أتاح إمكانية تعديل سلوكها وقبولها ضمن ترتيبات سياسية محددة.
ويشرح سلطان:

هذه التنظيمات والمكونات التي دخلت إلى األرض السورية كان لها واقع محدد، ومن ضمن هذه المحددات قابليتها للتعاون والتحالف مع دول غربية ومع الواليات المتحدة لتلبية مصالح هذه الدول، واستعدادها للقبول بالترتيبات الالحقة، ما أدى
إلى قبولهم ودعمهم للوصول إلى السلطة في سوريا.

فكرة تفكيك هذه التنظيمات الجهادية في سوريا، سواء كانت ضمن الهيئة أو خارجها مثل تنظيم "داعش" الذي ال يقبل التفاوض، كان من المفترض القضاء عليها واستهدافها ضمن عمليات مكافحة اإلرهاب، بينما الهيئة مستمرة في مسارها،
وكل من يخرج عن الهيئة أو ال يلتزم بالتوجيهات سيتم التعامل معه بشكل محدد وحاسم، أي تحييده، فيما من يقبل التفاهم سيتم دمجه ضمن الحالة السياسية القائمة.
رؤية الشرع للحكم تعتمد على عدم االنتماء ألّي تنظيم جهادي أو إسالمي، معتبًرا أّن مرحلة التنظيمات انتهت، والمرحلة الحالية هي مرحلة الدولة وأّن دور الإسلام السياسي في الحكم لن يكون وفق صيغاته التقليدية، بل بصيغة منفصلة تماًما
عن جوهره، بما يتوافق مع مصالح الدول اإلقليمية.

في المقابل، يقول المحلل والباحث السوري عباس شريفة في حديث إلى "المشهد"، إّن "تدفق المقاتلين األجانب إلى سوريا لم يعد قائًما منذ نحو 2015–،2016 خصوًصا بعد تكثيف الحرب الدولية على الإرهاب" وأشار شريفة إلى أّن ما لوحظ هو خروج عدد من هؤالء الجهاديين من البالد أو تحّولهم عنا إلى أّن "سوريا لم تعد ساحة جذب للجهاديين، وأّن الحديث عن استقدامهم الفكرة في السياق الحالي يتجاوز المرحلة الراهنة."

تعاون غربي سوري في ملف الإرهاب؟

في مايو الماضي، أثار السفير الأميركي السابق في سوريا، روبرت فورد، جدلاً أن كشف في محاضرة له عن لقاء جمعه بأحمد الشرع في إطار محاولة غير معلنة لتحويله من عالم اإلرهاب إلى عالم السياسة.

وأوضح فورد أّن مؤسسة بريطانية غير حكومية متخصصة في حل الصراعات، دعته عام 2023 للمساعدة في عملية إعادة تأهيل الشرع، تزامن ذلك مع دعم غربي تلقاه الشرع منذ وصوله إلى دمشق، ما طرح تساؤالت حول دور القوى الغربية في المشهد السوري، خصوًصا في ما يتعلق بالتعامل مع الجهاديين والتيارات الإسلامية.

ويشير محللون إلى أّن فكرة استقطاب هذه الفصائل ثم تفكيكها الحًقا بالتعاون مع القيادة السورية، تبدو منطقية نظرًيا، إال أّن واقع األرض في سوريا يعكس مشهًدا مختلًفا، حيث توقف تدفق المقاتلين األجانب منذ منتصف العقد الماضي، وتعمل الدولة على دمج القوى القابلة لالندماج ضمن المؤسسات الرسمية، مع تحييد أو حل الهياكل التي لم تعد لها تأثير على الوضع األمني والسياسي، بما يضمن استقرار الدولة وتعزيز سيادتها بعيًدا عن التدخالت الخارجية.

وبحسب شريفة فإّن هناك مصالح مشتركة بين الدول الغربية وسوريا في تفكيك المشهد الجهادي، بما يسهم في استقرار المنطقة، موضًحا أّن "الرئيس الشرع لا يريد لتصدير الأزمات، بل يسعى لتعزيز الدولة لسوريا أن تكون ساحة للجهاد الخارجي أو منف ًذوتحقيق االستقرار وفتح العالقات مع الدول الصديقة".

وأكد شريفة أّن "الدولة السورية ال تريد أن تتحول إلى أداة لتنفيذ أجندات أمنية خارجية، وأّن الملف األمني هو جزء محدود ضمن مسار الشراكة الدولية". وفي ما يتعلق بتفكيك الجماعات الجهادية يشير شريفة إلى أّن "رؤية الرئيس الشرع ترتكز على الدولة كمؤسسات وسيادة ومنظومة تحتكر العنف، وبالتالي لن يسمح بوجود أّي قوى مسلحة خارج هذا اإلطار، سواء كانت جهادية أو غير جهادية، يسارية أو طائفية أو جماعات دينية".

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا