بوتين يرفض اللقاء... وترامب يرسم الحدود
يقف قادة أوروبا في الوسط بين ما يعتبرونه أطماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا وبين ما يعتبرونه أطماع الرئيس الاميركي دونالد ترامب في الضرائب الجمركية، وأطماعه «المستجدة» في غرينلاند والدانمرك!
ففي الحرب الروسية - الاوكرانية، يريد قادة أوروبا في مواقف متناقضة تفعيل التحرك الديبلوماسي لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا... بزيادة العقوبات على روسيا والضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين!
يريد الأوروبيون الضغط على الرئيس بوتين وكأنه خسر الحرب. ويريدون في الوقت نفسه أن يجتمع بالرئيس زيلينيسكي للتفاوض على إنهاء الحرب!
ولكن ما هي أقصى وسائل الضغط الممكنة على الرئيس بوتين؟ هل هي العقوبات الاقتصادية؟ ولماذا؟! وما الذي يمكن أن يثمر عنها؟
وفي السؤال ايضاً، ما الذي يمكن أن يكون أقصى طموحات الرئيس الأوكراني فلودومور زيلينسكي في زيارته المرتقبة الخميس المقبل لباريس للقاء القادة الاوروبيين؟!
علماً أنه في هذه الأثناء، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ امس الاثنين إلى معارضة عقلية الحرب الباردة وسياسة الترهيب في العلاقات الدولية، في حين أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن تفاهمات قمة ألاسكا التي جمعته مع نظيره الأميركي دونالد ترامب تمهد الطريق لحل أزمة أوكرانيا.
جاء ذلك خلال الافتتاح الرسمي قمة منظمة شنغهاي للتعاون في مدينة تيانجين في شمال الصين بحضور حوالي 20 من قادة منطقة أوراسيا.
في باريس، يريد قادة أوروبا البحث مع الرئيس زيلينسكي الضمانات الأمنية! ولكن أي ضمانات أمنية؟
قال الرئيس بوتين صراحة إنه لن يوافق على انتشار عسكري من قبل الثلاثي الأوروبي ألمانيا - فرنسا وبريطانيا!
وهو بالتأكيد لن يوافق على أي انتشار لقوات من حلف الأطلسي.
وهو يعتبرها جميعاً طرفاً في الحرب. والرئيس ترامب قال صراحةً أنه لا نية لنشر جيش أميركي... ما هي إذن هذه الضمانات؟!
ولكن، هل يعني ذلك أيضاً أنه قد تمّ تخطي مسألة استعادة أوكرانيا للأقاليم الأربعة التي تسيطر عليها روسيا بنسبة 75 - 80%، باعتبار أن شبه جزيرة القرم (مساحتها 27.000 كم مربع) أصبحت روسية، وهي خارج التداول؟!
أي سقف إذن هو الأعلى الممكن في الضغط الأوروبي على الرئيس بوتين؟ في حين أن القصف الأوروبي على ألاسكا كان قد بدأ قبل القمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين ويستمر في كل لحظة بعدها!
هل إن قادة أوروبا غير مدركين أن سقف الحلول العسكرية مع روسيا وصل الى حده الأقصى؟ وهل يدركون أن الضغوط الاقتصادية غير فعالة ضد روسيا؟ خاصة وأن الولايات المتحدة غير مستعدة للمشاركة فيها؟!
هل استمع الأوروبيون لما قاله الرئيس ترامب في ألاسكا عن «تفهمه» لمصالح روسيا في أوكرانيا؟!
قد تكون النتيجة الأبرز لقمة ألاسكا هي فرض الرئيس دونالد ترامب الحل غير العسكري في هذه الحرب، وإظهاره عدم نية الضغط على روسيا. وهو ما يرسم إطار أي خطط أوروبية جدية للحل، بالتعاون مع الولايات المتحدة، وليس بشكل مستقل عنها! وهي تأخرت كثيراً للعب مثل هذا الدور! وقد فوتت فرصاً كثيرة لذلك!
فرنسا وألمانيا كانتا قد دعتا البارحة إلى «عقوبات إضافية» ضد روسيا في مواجهة رفض بوتين مقابلة زيلينسكي لإيجاد حل للحرب، على عكس ما كان قد وعد به دونالد ترامب، بحسب قولهما.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلى جانب المستشار الألماني فريدريش ميرز، إن الرئيس الروسي كان قد «التزم أمام الرئيس ترامب» في 18 آب/أغسطس بمقابلة نظيره الأوكراني.
وعلى هذا الأساس يرفع الأوروبيون مستوى التحريض ضد الرئيس بوتين؛ «أعتقد أن هذا سيعني مرة أخرى أن الرئيس بوتين قد تلاعب بالرئيس ترامب»، و»هذا لا يمكن أن يبقى دون رد»، كما قال الرئيس الفرنسي ماكرون.
وأضاف المستشار الألماني خلال مؤتمر صحفي مشترك في ختام مجلس وزراء فرنسي ألماني في تولون، جنوب شرق فرنسا، أن فلاديمير بوتين «لا يملك بوضوح أي إرادة للقاء الرئيس زيلينسكي، فهو يضع شروطًا مسبقة غير مقبولة ببساطة».
وأضاف: «بصراحة، هذا لا يفاجئني لأن هذا جزء من استراتيجية هذا الرئيس الروسي في التصرف بهذه الطريقة». متابعاً «سنواصل ممارسة الضغط لفرض عقوبات إضافية»!
ونتيجة لذلك، أكدت باريس وبرلين أنهما ستدفعان نحو فرض عقوبات إضافية على روسيا.
وأكد إيمانويل ماكرون: «سنواصل ممارسة الضغط حتى يتم اتخاذ عقوبات إضافية من قبلنا، ونحن مستعدون لذلك، وكذلك من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لإجبار روسيا على العودة إلى طاولة المفاوضات».
من جانبه، قال المستشار الألماني: «في الوقت الحالي، تناقش الولايات المتحدة بشكل مكثف فرض ضرائب جمركية أخرى، وسأكون مؤيدًا جدًا لاتخاذ الحكومة الأمريكية هذا القرار وتطبيقه أيضًا على دول أخرى تمول بفضل الغاز والنفط جزءًا كبيرًا من اقتصاد الحرب الروسي».
في الواقع، سيتحدث كل من الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني بشكل منفصل مع الرئيس الأمريكي «هذا الأسبوع» لدعم مطلب الرئيس زيلينسكي الأوروبيين بـ»مواصلة الضغط» من أجل عقد اجتماع قمة بين أوكرانيا وروسيا.
ولم يخفِ زيلينسكي معاناة كييف من الضربات العسكرية الروسية الواسعة النطاق على العاصمة الأوكرانية في الأيام الماضية، والتي يضغط على الأوروبيين بسببها لضرورة التحرك العاجل. ضربات أخيرة أدت الى سقوط حوالى 75 شخصاً بين قتيل وجريح!
ويتخوف المستشار الألماني فريدريش ميرز، من أن الحرب يمكن أن تستمر لأشهر عديدة أخرى. ولكنه يؤكد على جهوزية أوروبا لهذا الاحتمال!
وهو سيعقد مع نظيره الفرنسي وثلاثين من قادة أوروبا اجتماعاً الأسبوع المقبل بهدف اقتراح الضمانات الأمنية لأوكرانيا لتجنب استئناف الصراع بمجرد انتهائه. وكأن الحرب قد انتهت بالفعل!
في هذه الأثناء، أعلنت فرنسا وألمانيا في بيان مشترك عن استمرارهما في تزويد أوكرانيا بأسلحة الدفاع الجوي، لمواجهة الضربات الروسية المكثفة!
وفي موقف دفاعي شخصي، ردّ الرئيس إيمانويل ماكرون على اتهامات موسكو له بـ«الوقاحة» لوصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ»الغول». هو نفى أن يكون في هذا الوصف أي إهانة! معتبراً أن الرئيس بوتين قرر الانجراف نحو سلطة استبدادية، وقيادة إمبريالية تحريفية، مع رغبته في تغيير الحدود الدولية.
أوروبا تعاني وتعاني من فوقية الروس في أوكرانيا وفوقية الأميركيين في الضرائب الجمركية وتمويل الناتو والأطماع في غرينلاند!
كل ذلك، بالإضافة الى معاناة اقتصادية ستتدحرج قريباً ككرة الثلج لتتسبب بكوارث اجتماعية في العديد من دولها!
وقد تكون أقصى مصالح أوروبا اليوم هي في إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا لوقف استنزافها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ومالياً! وهو ما سيسهل عليها التفرغ لمحاولة إيجاد حلول لأزماتها الداخلية!
سمير سكاف -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|