تفاؤل حذر حول الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية في سوريا
في خطوة تهدف إلى تعزيز مسار العدالة الانتقالية في سوريا، أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع، الخميس في 28 آب/ أغسطس، المرسوم الرئاسي رقم 149 لعام 2025، الذي يقضي بتشكيل لجنة الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية برئاسة عبد الباسط عبد اللطيف ونائبته زهرة نجيب البرازي.
تأتي هذه الخطوة استناداً إلى المرسوم رقم 20 لعام 2025، الذي استحدث الهيئة وكلفها بمهام محورية تشمل محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات خلال سنوات الثورة السورية منذ 2011، إلى جانب جبر ضرر الضحايا والاعتراف بمعاناتهم.
تهدف الهيئة وفق القائمين عليها إلى تحقيق العدالة الانتقالية، التي تُعد أداة لمعالجة إرث الانتهاكات الحقوقية معالجةً تعزز الاستقرار وتمنع العنف المستقبلي، مستلهمةً تجارب دول مثل جنوب أفريقيا ورواندا. ومع ذلك، أثارت هذه الخطوة نقاشاً حاداً بين الخبراء القانونيين والحقوقيين، حيث تباينت آراؤهم بين التفاؤل الحذر والتشكك في جدوى الهيئة.
في تصريح لـ"المدن"، عبّر الخبير القانوني، المستشار السابق في منظمات حقوقية دولية، علي حمدي، عن تفاؤله المشروط بالهيئة. وقال حمدي: "تشكيل الهيئة خطوة ضرورية لبناء جسور الثقة بين الشعب السوري والسلطات الجديدة. إذا تمكنت الهيئة من العمل بشفافية واستقلالية، يمكن أن تسهم في محاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب، وبوجهٍ خاص مع وجود تقارير دولية توثق انتهاكات جسيمة مثل التعذيب والإبادة. الإعلان الدستوري يمنح الهيئة إطاراً قانونياً قوياً، لكن يجب دعمه بآليات دولية، مثل التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، لضمان محاسبة كبار المسؤولين. إن نجحت الهيئة في إشراك المجتمع المدني والضحايا، فقد تكون نواة لمصالحة وطنية حقيقية." وأضاف حمدي: "تجربتي في دراسة نماذج العدالة الانتقالية تؤكد أن النجاح يعتمد على حماية الشهود وتوفير تعويضات عادلة، وهو ما أتمنى أن تركز عليه الهيئة."
واعدة على الورق
على النقيض من ذلك، أعرب المحامي المتخصص في القانون الدولي وحقوق الإنسان، أحمد الخير، في حديث لـ"المدن"، عن تشاؤمه حيال فعالية الهيئة. وقال الخير: "الهيئة تبدو واعدة على الورق، لكن تركيبتها تثير الشكوك. من هم الأعضاء؟ هل يمثلون التنوع السوري فعلاً، بما في ذلك الأقليات مثل الكرد والدروز؟ غياب الشفافية في اختيار الأعضاء قد يجعل الهيئة أداة سياسية لخدمة أجندات معينة بدلاً من تحقيق العدالة. بصفتي محامياً دافع عن ضحايا الاعتقال التعسفي، أرى أن جبر الضرر يحتاج إلى ميزانية واضحة وآليات تنفيذية، وهو ما لا أرى بوادره بعد". وأضاف الخير: "تاريخياً، فشلت تجارب مشابهة في دول عربية مثل العراق بسبب التدخلات السياسية. إذا لم تُحمَ الهيئة من تأثير السلطة التنفيذية، فقد تصبح مجرد واجهة لامتصاص غضب الضحايا من دون تحقيق نتائج ملموسة". وحذر الخير من أن "عدم إشراك الشتات السوري، الذي يضم ملايين النازحين، قد يقوض صدقيّة الهيئة".
تعكس الآراء المتضاربة بين حمدي والخير التحديات التي تواجه الهيئة، حيث يرى البعض فيها أملاً للعدالة، في حين يخشى آخرون من تحولها إلى أداة شكلية. تبقى الأيام القادمة حاسمة لاختبار قدرة الهيئة على تحقيق أهدافها وسط تعقيدات المشهد السوري.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|