موازنة 2026... إعفاء جديد للمعتدين على الأملاك البحرية

عزة الحاج حسن - المدن
نعم، تمكّنت وزارة المال من موازنة النفقات مع الإيرادات في مشروع الموازنة العامة للعام 2026، وتباهت بعدم تحقيق عجز في الموازنة. ولكن أي إيرادات وأي نفقات؟ وهل يمكن اعتبار الأرقام التي أوردتها وزارة المال في موازنة 2026 إيرادات حقيقية للدولة اللبنانية؟ وهل عدم وجود عجز في الموازنة كاف لاتخاذها بوصلة مالية للعام المقبل في حكومة تحمل اسم "حكومة إصلاح وإنقاذ"؟

الموازنة العامة التي أحالتها وزارة المال في موعدها الدستوري، ويُحسب لها ذلك، لم تُصلح أياً من العيوب الواردة في موازنة 2025. وأضعف الإيمان يكمن في حجم الإيرادات التي يعوّل عليها وزير المال ياسين جابر من ضريبة المحروقات، وهي التي سبق لمجلس شورى الدولة أن أسقطها، في حين يتجاهل في موازنته فرض أي رسوم أو ضرائب على الأملاك البحرية.

وكيف يمكن تحديد بند الضرائب على الأملاك البحرية في موازنة بلد متأزم كلبنان بـ"صفر" في وقت ترزح ربع مساحته المطلة على البحر تحت احتلال المنتجعات السياحية المملوكة من سياسيين ونافذين.

لا ضريبة على الأملاك البحرية

لا يكفي عدم الوقوع في عجز مالي في موازنة 2026 كي توصف بالموازنة الإصلاحية، فهي ليست موازنة إصلاحية إنما ترقيعية، تقوم على زيادة الإيرادات من تحسين الجباية والتي هي من البديهيات، في مقابل زيادة النفقات على الرواتب والأجور. لم يتضمن مشروع موازنة 2026 أي بند إصلاحي بالمعني الحقيقي للإصلاح لاسيما الإصلاح الضريبي.

تقوم موازنة 2026 على استنساخ الضرائب والرسوم من موازنة العام 2025 بما فيها الإجحاف الذي طال موازنة الدولة من التعديات على أملاكها البحرية. فموازنة العام 2026 كما سابقتها تكرّس اللاعدالة بين اللبنانيين وتعفي الأملاك البحرية من أي ضرائب. (مرفق الصورة).

مساحة الأملاك العامّة البحريّة المعتدى عليها في لبنان، ارتفعت من حوالى 5 ملايين متر مربّع في عام 2012 إلى حوالى 6.2 مليون متر مربّع عام 2019 (وفق مسح أجرته جمعيّة "نحن") وهذه الأرقام ترتفع بشكل سنوي. وبحسب الجمعية تفسها فإن نسبة التعديات زادت عن نسبة 80 في المئة من الشاطئ اللبناني.

وبحسب أرقام وزارة الأشغال التي أوردها وزير الاشغال السابق علي حمية فإن مجمل التحصيل الذي تحققه خزينة الدولة من التعديات على الأملاك البحرية لا يتعدى 500 ألف دولار في حين يمكنها تحقيق ما يتراوح بين 30 و40 مليون دولار سنوياً.

ويُضاف ذلك إلى أن مشروع قانون موازنة 2026 الذي يتألف من 50 مادة في 1051 صفحة لم يتضمن أي بند يصب في خانة الإصلاح الضريبي ولا العدالة الضريبية، إذ يعتمد بشكل شبه كامل على الضرائب غير المباشرة وهي الأكثر إجحافاً بحق محدودي المداخيل والفقراء. وهذا حال موازنة العام 2025 وما سبقها من موازنات قامت إيراداتها على عاتق الفقراء.

تحسّن في الجباية والعجز "صفر"

يكاد يكون أبرز ما ورد في موازنة العام 2026 اعتماد سعر صرف موحد وهو ما يحدّده مصرف لبنان أي 89500 ليرة للدولار حالياً، بالإضافة إلى زيادة الإيرادات، وإن بشكل خجول نتيجة التحسّن في الجباية.

وقد بلغ إجمالي النفقات في مشروع موازنة 2026 نحو 505 آلاف و720 مليار ليرة أو ما يوازي 5 مليارات و650 مليون دولار، أي بزيادة 60 ألف و506 مليارات ليرة او ما يقارب 676 مليون دولار عن موازنة عام 2025، والتي بلغت 445 ألفاً و214 مليار ليرة أو ما يوازي 4 مليارات و974 مليون دولار. بمعنى ارتفع حجم النفقات في موازنة 2026 بنسبة 13.6 في المئة عن موازنة 2025.

وكما جرت العادة في كافة الموازنات يحتل بند الرواتب والأجور السواد الأعظم من نفقات الموازنة، وذلك على الرغم من أن موظفي القطاع العام ومتقاعديه يرفضون الزيادات التي شملتهم مؤخراً ويصفونها بالاستنسابية وغير العادلة خصوصاً أنها صُرفت على شكل مساعدات اجتماعية وليس على أساس الراتب. وقد باشروا تحركاتهم المطلبية لزيادة الرواتب والأجور منذ ما قبل إحالة الموازنة. ومن شأن ذلك أن يدفع بالحكومة إلى مواجهة تحديات جديدة فيما يتعلّق بسير عمل القطاع العام.

وقد ورد في مشروع الموازنة وتحديداً في قوانين البرامج رصد في السنوات المقبلة لتشييد أبنية للإدارات العامة في سبيل استغناء الدولة وإداراتها الرسمية عن أعباء وأكلاف استئجار المباني والإنشاءات التي تشغلها كمراكز ومكاتب لها، ويٌتوقع لهذه البنود أن تخفّف تدريجياً من عملية الإنفاق العام غير المجدي.

ويؤخذ على موازنة العام 2026 أيضاً رصد مبلغ هزيل للمساهمة في إعادة الإعمار، يقتصر على المساهمة بإعادة إعمار نحو 500 مبنى متضرر في الضاحية الجنوبية لبيروت وبكلفة إجمالية تبلغ 40 مليون دولار فقط.