الصحافة

هل ينهار نفوذ "حزب الله" في الداخل؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

يشهد لبنان تحوّلًا لافتًا مع تراجع دور "سرايا المقاومة" التابعة لـ"حزب اللّه"، ما يثير تساؤلات حول هشاشة نفوذ "الحزب" وأدواته الأمنية في الداخل اللبناني. هذه القوّة التي تأسّست كذراع لضرب الخصوم وتعزيز سيطرة "الحزب" على المناطق المختلطة، خصوصًا السنية والمسيحية، أدّت لعقود دورًا رئيسيًا في ترهيب الخصوم ودعم الهيمنة السياسية لـ"الحزب". اليوم، يبدو أن حضورها الفعلي يتلاشى، كاشفًا ضعف منظومته الأمنية وانكشاف مشروعه السياسي أمام منعطف تاريخي جديد.

أكّدت مصادر مطّلعة لـ"نداء الوطن" أنّ الانسحاب يعكس أزمة حقيقية داخل "الحزب"، تفاقمت بفعل العقوبات الأميركية والخسائر الاقتصادية لإيران. الدعم المالي المخصّص لـ"السرايا" تقلّص بشكل كبير، توقّفت الرواتب والمخصّصات، وتراجعت الامتيازات الأمنية، بما في ذلك بطاقات العبور التي كانت تسهّل التنقّل بين المناطق أو الدخول إلى سوريا. هذه التطوّرات حوّلت وجود "السرايا" من ورقة قوّة إلى عبء مالي وسياسي، ما دفع قيادة "الحزب" لإعادة ترتيب أولوياتها التنظيمية ومراجعة استراتيجيّتها الداخلية.

انهيار المعنويات وفقدان النفوذ
كشف أحد العناصر السابقين أن تراجع دور "السرايا" كان تدريجيًا على مدى الأشهر الماضية، وغابت عن ساحات المواجهة خلال ما يُعرف بـ "حرب الإسناد". أحداث 7 أيار 2008 واجتياح بيروت شكّلت نقطة تحوّل، إذ فقدت "السرايا" الغطاء الشعبي الذي سعى "الحزب" لترسيخه. كما أنّ معركة عبرا في صيدا عام 2013 أبرزت دورها كأداة قمع للخصوم السياسيين بدلًا من كونها ذراع مقاومة، ما أدّى إلى تآكل شرعيّتها الشعبية تدريجيًا.
وأشار المصدر إلى أنّ "الحزب" لم يعد يرى ضرورة للإبقاء على هذه المجموعات بصيغتها السابقة، بعدما عزّز حضوره عبر منظومته الأمنية والعسكرية الخاصة بعد اتفاقية وقف إطلاق النار. وقد جرى تفكيك بعض المجموعات ودمجها ضمن تشكيلاته الداخلية بشكل غير معلن، في خطوة تهدف إلى تقليص الأعباء المالية والسياسية، خصوصًا في ظلّ تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية التي تتطلّب إعادة ترتيب أولويات "الحزب" في لبنان.

ضغط سياسي متصاعد مع وصول جوزاف عون
يرى مراقبون أن وصول جوزاف عون إلى سدّة الرئاسة شكّل بداية مرحلة جديدة، مدعومة من أطراف عربية ودولية، تهدف إلى تعزيز دور مؤسسات الدولة وإعادة بسط نفوذها في المناطق الخارجة عن السيطرة. في هذا المناخ، أصبح استمرار ظهور "سرايا المقاومة" مكلفًا سياسيًا لـ "حزب اللّه"، مع تراجع الدعم من حلفاء سابقين، بينهم شخصيات سنية ومسيحية وأحزاب لبنانية كانت محسوبة على "الحزب" لكنها تنأى اليوم بنفسها عنه.

"السرايا" بين التفكّك وإعادة التموضع
وفق مصدر قيادي سابق في أحد الأحزاب الحليفة، لم تعد أزمة "الحزب" محصورة في الجوانب المالية والسياسية فقط، بل امتدّت لتطول بنيته التنظيمية والمعنوية، لا سيّما في صفوف "السرايا". فقد تحوّلت هذه القوّة، التي كانت تُستخدم كأداة ترهيب وتحظى بهيبة واسعة، تدريجيًا إلى مجموعات هامشية فقدت امتيازاتها وشعورها بالدور الفاعل. كما أن التغطية الأمنية التي كانت تمنح عناصر "السرايا" نفوذًا ملموسًا لم تعد ذات جدوى في ظلّ التحوّلات السياسية الأخيرة، ما يعكس هشاشة المنظومة التنظيمية لـ "الحزب" وانكشاف مشروعه أمام تحوّلات حاسمة في المشهد اللبناني.

يشير الانكفاء المفاجئ لـ"سرايا المقاومة" إلى تحوّل جذريّ في معادلة النفوذ داخل لبنان، ويطرح تساؤلات حول مستقبل أدوات السيطرة التي اعتمد عليها "الحزب" لعقود. سواء أكان هذا الانكفاء تكتيكًا لتقليل الخسائر أم إعادة تموضع استراتيجية للانتقال من العمل العلني إلى السرية التامة، فإن النتيجة واحدة: اهتزاز غير مسبوق في الهيمنة التقليدية لـ "الحزب" على الشارع اللبناني.

مع سعي الدولة لاستعادة سلطتها بدعم عربي ودولي، يبدو أن مرحلة الترهيب المباشر والهيمنة عبر الأذرع غير الرسمية قد ولّت، وأن قدرة "الحزب" على التحكّم بالداخل تتراجع تدريجيًا. لبنان يقف على عتبة تحوّلات كبيرة، والغياب الواضح لـ"سرايا المقاومة" يبعث برسالة قوية: معادلة القوّة تغيّرت، ومشهد السياسة والأمن يتجه نحو مرحلة جديدة تحدّ من نفوذ "حزب اللّه" كما لم يحدث منذ عقود.

طارق أبو زينب -نداء الوطن

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا