آلية الدفاع المشترك لمجلس التعاون الخليجي ... ماذا نعرف عنها؟
وجّه قادة الخليج مجلس الدفاع المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي بعقد اجتماع عاجل في الدوحة بعد الهجوم الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة.
ودعا القادة في بيان على هامش القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة إلى اتخاذ إجراءات لتفعيل "آليات الدفاع المشترك" لمجلس التعاون دون الإفصاح عن تفاصيل، فماذا نعرف عن هذه الآليات؟
اتفاقية الدفاع المشترك لمجلس التعاون
إدراكاً من دول المجلس لما يربط بينها من علاقات خاصة، وسمات متشابهة أساسها العقيدة الإسلامية، وانطلاقاً من السياسة الدفاعية لمجلس التعاون التي تقوم على مبدأ الأمن الجماعي المتكامل جاء توقيع قادة دول مجلس التعاون على اتفاقية الدفاع المشترك في الدورة الحادية والعشرين للمجلس الاعلى (المنامة، ديسمبر 2000)، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من العمل العسكري المشترك، وذلك بالتحول من مرحلة التعاون العسكري التي دامت عقدين من الزمن إلى مرحلة الدفاع المشترك بين دول مجلس التعاون، وبهذا تحقق للعمل العسكري المشترك مكاسب وإنجازات جماعية كثيرة ونوعية، حيث أن الإتفاقية شملت وحددت العديد من مرتكزات الدفاع المشترك ومنطلقاته وأسسه وأولوياته.
وأكدت الدول الأعضاء في الاتفاقية إلتزامها بالنظام الأساسي لمجلس التعاون، واحترامها لميثاقي جامعة الدول العربية وهيئة الأمم المتحدة، كما أكدت عزمها على الدفاع عن نفسها بصورة جماعية، إنطلاقاً من أن أي اعتداء على أي منها هو اعتداء عليها مجتمعة، وأن أي خطر يهدد إحداها إنما يهددها جميعاً.
ونصت الاتفاقية على عزم الدول الأعضاء تعزيز العمل العسكري المشترك فيما بينها، ورفع قدراتها الذاتية الجماعية لتحقيق أعلى مستوى من التنسيق لمفهوم الدفاع المشترك، والاستمرار في تطوير قوات درع الجزيرة المشتركة، ومتابعة تنفيذ التمارين المشتركة، وإعطاء أهمية لتأسيس وتطوير قاعدة للصناعة العسكرية وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال.
الاستراتيجية الدفاعية لدول مجلس التعاون
شكلت موافقة أصحاب قادة دول مجلس التعاون، في الدورة الثلاثين للمجلس الاعلى (الكويت، ديسمبر 2009) على الإستراتيجية الدفاعية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، إنجازاً مهماً وخطوة أساسية على طريق بناء المنظومة الدفاعية المشتركة لمجلس التعاون.
وحددت الإستراتيجية رؤية واضحة تعمل دول المجلس من خلالها على تنسيق وتعزيز تكاملها وترابطها وتطوير إمكانياتها للدفـاع عن سيادتها واستقرارها ومصالحها، وردع العدوان والتعاون لمواجهة التحديات والأزمات والكوارث من خلال البناء الذاتي والعمل المشترك وصولاً للتكامل الدفاعي المنشود.
كما أكدت الإستراتيجية على الأسس والثوابت التي تنطلق منها، وحددت الأهـداف الدفاعية الإستراتيجية وطرق ووسـائل تحقيقها، إلى جانب تأكيدها على أهمية إجراء التقييم الإستراتيجي الشامل للبيئة الأمنية الإستراتيجية، والتهديدات الإستراتيجية والتحديات والمخاطر بصفة دورية.
قوات درع الجزيرة
إن وجود قوات عسكرية مشتركة لدول مجلس التعاون يعتبر أحد الأسس المهمة لإنشاء منظومة دفاعية مشتركة تهدف إلى توفير الأمن لحماية دول المجلس، والدفاع عن اسـتقلالها وحماية مقدراتها ومكتسباتها.
وفي عام 1982، كانت اولى الخطوات المهمة لتشكيل القوات العسكرية المشتركة لدول مجلس التعاون حيث صدر قرار بإنشاء قوة درع الجزيرة، وتلى ذلك القرار صدور العديد من القرارات لتطوير هذا القوة، بما يتناسب مع المتغيرات في البيئة الأمنية، ومصادر وأنواع التحديات، والمخاطر، والتهديدات التي قد تواجه دول مجلس التعاون، لتصبح بحجم فرقة مشاة آلية بكامل إسنادها القتالي والإداري. ومن ثم جرى تطويرها في عام 2006 إلى قوات درع الجزيرة المشتركة، وعززت بجهد بحري وجوي وفقاً للمفاهيم العملياتية، وذلك لرفع كفاءتها القتالية، بما يكفل تنفيذ مهام التعزيز والإسناد للقوات المسلحة الوطنية لدول مجلس التعاون بصورة كاملة.
وفي عام 2009م، تم تعزيز قوات درع الجزيرة المشتركة بقوة تدخل سريع.
وفي الدورة الرابعة والثلاثين للمجلس الأعلى (الكويت ، ديسمبر 2013م)، تم تطوير قيادة قوات درع الجزيرة المشتركة لتكون القيادة البرية الموحدة التابعة للقيادة العسكرية الموحدة لمجلس التعاون، وأن تكون بمسمى "قيادة قوات درع الجزيرة"، كما يجري العمل حالياً على استكمال مرتباتها من القوى البشرية والتسليح.
القيادة العسكرية الموحدة لدول المجلس
نظراً إلى أهمية وجود قيادة عسكرية موحدة لدول مجلس التعاون تعنى بتخطيط وإدارة العمليات العسكرية المشتركة، ومساندة وتعزيز القدرات الدفاعية لدول المجلس، للدفاع عن أراضيها وأجوائها ومياهها، ولمواجهة التهديدات المحتملة على دول المجلس ومصالحها، في إطار اتفاقية الدفاع المشترك، فقد قرر المجلس الأعلى في دورته الرابعة والثلاثين (الكويت، ديسمبر2013م) إنشاء القيادة العسكرية الموحدة لدول المجلس، طبقاً للدراسة التفصيلية التي رفعها مجلس الدفاع المشترك. وتمت المصادقة على قرارات مجلس الدفاع المشترك ذات العلاقة بإنشاء هذه القيادة وتفعيلها.
مركز العمليات البحري الموحد
تحقيقاً للأهداف الرئيسة لمجلس التعاون في التنسيق والتكامل والترابط بين دول المجلس في جميع الميادين بما في ذلك التعاون والتنسيق في مجالي الأمن والدفاع البحري لتعزيز وتطوير قدراتها العسكرية والدفاعية وبما يحفظ لدول المجلس امنها واستقرارها وسيادتها ، فقد بارك المجلس الاعلى في دورته الخامسة والثلاثين (الدوحة ، ديسمبر 2014) قرار وزراء الدفاع بدول المجلس في الدورة الثالثة عشرة، 11 و12 نوفمبر 2014، بإنشاء مركز العمليات البحري الموحد، على أن يكون مقر المركز في مملكة البحرين.
وتم افتتاح المركز في 4 فبراير 2016 برعاية ملك البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة وبمشاركة رؤساء أركان القوات المسلحة بدول المجلس.
التكامل الدفاعي
إن تسخير القدرات الشاملة والعمل على تنسيقها وتطويرها وتكاملها كقدرات جماعية لمواجهة مختلف التحديات والمخاطر والتهديدات الحالية او المستقبلية يعد أحد أهم الغايات الاستراتيجية التي يوليها مجلس التعاون اهتماماً كبيراً لتحقيقها منذ نشأته. ولقد خطت القوات المسلحة بدول المجلس خطوات ملموسة في سبيل تحقيق التكامل العسكري ومتطلباته، من خلال توقيع اتفاقية الدفاع المشترك لمجلس التعاون في الدورة الحادية والعشرين للمجلس الأعلى (المنامة، ديمسبر2000)، ووضع الاستراتيجية الدفاعية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ووضع البرنامج الزمني لاستكمال وتفعيل مجالات العمل العسكري المشتركة، وضع الأسس والقواعد واللبنات والمقومات الرئيسة له، وتحديد الأولويات وتوحيد المفاهيم، والاستفادة المتبادلة من الإمكانات والقدرات المتوفرة.
وفي الدورة الرابعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون (الكويت، ديسمبر2013) ارتسمت بوضوح مظاهر وعلامات بدء مرحلة التكامل الدفاعي، وذلك بإنشاء القيادة العسكرية الموحدة لدول المجلس، وإنشاء الأكاديمية الخليجية للدراسات الاستراتيجية والأمنية لدول المجلس في أبوظبي، وكذلك بموافقة مجلس الدفاع المشترك في دورته الثانية عشرة (مملكة البحرين، ديسمبر 2013)على محاور التكامل الدفاعي لدول المجلس. ولاشك أن هذه القرارات حققت للعمل العسكري المشترك مكتسبات مهمة ودعمت وعززت الإنجازات التي تحققت خلال ثلاثة عقود، واحدثت كذلك تقدماً مهماً على طريق بناء منظومة دفاعية متكاملة بين دول المجلس.
ربط مراكز عمليات القوات الجوية والدفاع الجوي
في عام 1997، وافق قادة دول مجلـس التعاون على تنفيذ المشروع المشترك "حزام التعاون"، لربط مراكز عمليات القوات الجوية والدفاع الجوي في القوات المسلحة بدول المجلس، والذي تم تشغيل المرحلة الأولى منه في نهاية عام 2001. ويجري بصورة مستمرة إدامة وتحديث أجهزة التشغيل لمنظومة حزام التعاون لتواكب التطور المتسارع في مجال أنظمة القوات الجوية والدفاع الجوي، ولتكون بدرجة جاهزية عملياتية وفنية عالية.
مجالات العمل العسكري الأخرى
سعياً من القوات المسلحة بدول مجلس التعاون إلى جعل العمل العسكري المشترك أكثر تكاملاً وتوافقاً، والعمل على تعزيزه في جميع مجالاته، فقد أُتخذت عدد من الخطوات البناءة لتحقيق تلك الأهداف، حيث تم توحيد ووضع آليات عمل مشتركة لتبادل المساندة الفنية في مجال الإمداد والتموين والصيانة والتزويد الفني بين القوات المسلحة بدول المجلس. كما تم في مجال البيئة وضع عدد من المفاهيم والأسس الخاصة بتقريب السياسات البيئية، وتوحيد الأنظمة والتشريعات وتعزيز القدرات الوطنية والإقليمية ، وتنمية الموارد البشرية، ورفع مستوى الوعي البيئي للحفاظ على الموارد الطبيعية في نطاق القوات المسلحة بدول المجلس.
في مجال التدريب والتعليم العسكري، تم توحيد العديد من الكراسات العسكرية، ومناهج الدورات العسكرية، بالإضافة إلى تنظيم ووضع آليات الاستفادة المتبادلة من الإمكانات التدريبية العسكرية المتوفرة في المدارس والمعاهد والكليات العسكرية بدول المجلس. أما مجال الرياضة العسكرية، فقد لقي دعماً كبيراً خلال ثلاثة عقود، وذلك إيماناً بأهمية تعزيز أواصر الأخوة بين منتسبي القوات المسلحة بدول المجلس، من خلال إقامة البطولات والمسابقات، والدورات الرياضية بين منتسبي القوات المسلحة في الدول الاعضاء، وبصورة دورية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|