مقتل عنصري أمن إسرائيليين إثر إطلاق نار عند معبر جسر الملك حسين
تعويض نهاية الخدمة في الضمان: سيناريوهات عدّة والمتضرّر الأكبر المضمونون!
تقوم لجنة المال والموازنة، بدراسة اقتراح مشروع قانون مقدّم من النائب فيصل كرامي يتعلق بتعويضات نهاية الخدمة في الضمان الاجتماعي، والسبل الممكنة للتعويض على المضمونين الذين خسروا قيمة تعويضاتهم المدّخرة لدى فرع نهاية الخدمة.
لن يكون من السهل بناء توافق بين الأطراف المعنية بالتسوية أو بالتعويض، وهي أربع: الضمان، الهيئات الاقتصادية، الدولة، والعمّال، نظراً إلى حساسية الموضوع وخطورة جزء ممّا يُطرح ويناقش، سراً وعلناً.
فالمقترح المقدم، وما يجري تداوله بين المعنيين، قسّم مشتركي فرع نهاية الخدمة في الضمان الاجتماعي والتعويضات إلى ثلاث شرائح:
الأولى، قبضت تعويضاتها ما بين 17 تشرين الأول 2019، لغاية بداية نيسان 2024، إذ سيُضاعف التعويض المقبوض ثلاثين ضعفاً. وبهذا سيحصل المضمون على 50% من التعويض الكامل الذي كان سيحصل عليه، لو لم يقع الانهيار النقدي.
الثانية، هي التي لم تحصل على تعويضاتها حتى الآن، وبقيت في الخدمة حتى نهاية عام 2023. سيُحتسب آخر راتب تقاضته في تشرين الأول 2019 بالليرة اللبنانية، على سعر صرف 1507 للدولار، ودفع 50% من قيمة التعويض الكامل الذي كان سيحصل عليه المضمون، لو لم يقع الانهيار النقدي، علماً بأن نسبة 50% المذكورة أعلاه ستُسدَّد مناصفة بين الدولة وأصحاب العمل.
الشريحة الثالثة، تشمل المضمونين الذين لا يزالون يمارسون وظائفهم، ويواصلون تسديد اشتراكاتهم كالمعتاد، وينتظرون حلول المهل القانونية للإفادة من تعويض نهاية الخدمة، وهي مدة قد تطول لعشرات الأعوام، إذ يقترح "طابخو" المشروع، احتساب الراتب المحقق في الشهر الأخير من عام 2023، على سعر صرف 1507 ليرات للدولار الواحد، وخفض الحاصل 50%، ثم يُضاف راتب سنوات العمل اللاحقة على التعويض، بالراتب الساري في حينه.
بيد أن الأخطر في المقترحات التي يجري تداولها، هو البند الذي يتعلق بالشريحة الثالثة، حيث يحاول مساواة المضمون الذي بقي في العمل بعد عام 2023، مع المضمون الذي سحب تعويضاته قبل نهايته. هذا البند يحرم معظم العمال، جزءاً كبيراً من حقوقهم في نهاية الخدمة، وسيطالهم الخفض غير المنصف، حتى لو ثابروا على العمل لعشرات السنوات مستقبلاً.
مصادر متابعة رأت في هذا التوجّه "مسايرةً لأصحاب العمل، على حساب الموظف والعامل ومدخرات نهاية خدمته. فالتذرع بأن حجم التعويضات قد يؤدي الى إفلاس المؤسسات والشركات، هو تهويل غير أدبي وغير إنساني، وتبرير غير مقنع، يهدف إلى تسهيل محاولة أرباب العمل التهرّب من دفع كامل حقوق عمالهم وموظفيهم الذين تحمّلوا مع مؤسساتهم تداعيات الأزمة الاقتصادية، وضمور رواتبهم. فالأزمة أصابت الجميع في لبنان بدون استثناء، إلا أنه لا يمكن لأحد إنكار أن عمليات وخدمات وعائدات جميع مؤسسات القطاع الخاص "تدولرت" منذ اليوم الأول للانهيار، وغالبيتها قبل ذلك بكثير. فالمؤسسات التي تدّعي أن موازناتها لا تسمح بدفع التعويضات لمستحقيها كاملة، نسيت الليرة واعتنقت الدولار في جميع موازناتها وأنشطتها، وأفاد معظمها وحقق أرباحاً مباشرة، عبر تسديد القروض المصرفية على سعر صرف 1507، وراكمت منافع هائلة من تدنّي قيمة رواتب وأجور موظفيها، بالإضافة إلى فرصة التخلص منهم، وتقليص كلفة الإنتاج".
في المقابل خسر العمال القيمة الشرائية لمداخيلهم، وخسروا ودائعهم، ولم يبق لديهم إلا ما راكموه طوال عقود من مدّخرات في فرع تعويض نهاية الخدمة. فهل يجوز لعاقل في التشريع، أو صاحب ضمير القبول بشطب نصف تعويض نهاية الخدمة للعمال المستمرين بالعمل، ولو بعد 20 سنة مثلاً؟
رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان قال لـ"النهار": الموضوع يتطلب بعض الوقت لجوجلة الاقتراحات كافة، للتوصّل إلى تسوية مقبولة توازن بين مصالح العمال من جهة، ومصالح المؤسسات والشركات من جهة أخرى، مع الأخذ في الاعتبار مسؤولية الدولة والضمان في هذا الإطار، مؤكداً أن "العمل جارٍ على إعداد تصوّر عادل يضمن حماية حقوق الموظف أولاً، دون أن يُلقى العبء بكامله على كاهل القطاع الخاص، خصوصاً أن الكثير من الشركات سدّدت مستحقاتها، ولا يمكن مطالبتها مجدداً بدفع مبالغ تُحتسب وفق سعر صرف 89 ألف ليرة، بما قد يؤدي إلى إفلاسها".
مقاربات بديلة؟
المدير العام للضمان الدكتور محمد كركي، أوضح أنه تم الاتفاق في لجنة الصحة على حلّ وسط ليشمل التعويض فقط من تقاضوا تعويضاتهم من 17-10-2019 حتى 1-4-2024، على أن يحصلوا على 50% من القيمة الفعلية للتعويض، توزع مناصفة بين الدولة وأصحاب العمل. أما الشق الثاني المتعلق بتجزئة تعويضات من لا يزالون في الخدمة، فلم يقرّ.
واعتبر أن "المشكلة الأساسية تكمن في الكلفة. فإذا حصر الأمر بالذين غادروا حتى 1 نيسان 2024، فإن التكلفة تقدر بين 750 مليون دولار ومليار دولار، أي نحو 500 مليون على الدولة و500 مليون على أصحاب العمل. أما إذا مُدّد ليشمل كل من يغادر حتى نهاية 2024، فالكلفة تتخطى الملياري دولار. وثمة إشكالية أخرى تتعلق بالأشخاص الذين تقاضوا تعويضاتهم بالليرة اللبنانية وأفادوا من تحويلها إلى الدولار. فكيف يمكن احتسابها؟
وأشار الى أن "قسماً من أصحاب العمل يرفضون تحمّل أيّ تسوية تخصّ الموجودين حالياً في الخدمة إن لم يعطوا هم بدورهم حلولاً لتخفيف أعبائهم المستقبلية، إذ تقدر قيمة مبالغ التسوية المترتبة على العاملين حالياً بنحو 4 مليارات دولار. لذا يصرون على أن أي حل يجب أن يشمل أيضاً إصلاح نظام التعويضات للموجودين في الخدمة حالياً، لا فقط إنصاف من غادر".
ومن هنا طُرحت مقاربات بديلة، منها: تمديد سن التقاعد من 64 إلى 66 سنة، وتعديل آلية السحب على 20 سنة خدمة، بحيث لا يسمح بالسحب إلا عند بلوغ 57 أو 58 سنة، منعاً لحدوث ضغط مالي هائل على المؤسسات.
الضمان الاجتماعي من جهته يرى أن دوره هو التوفيق بين العمال وأصحاب العمل والدولة، ويؤكد كركي أن "الصندوق مستعد لطرح حلول تقنية ومالية وتقديم المعطيات اللازمة، لكن القرار النهائي يبقى بيد السلطة السياسية"، لافتاً إلى "تعاون مع منظمة العمل الدولية لصياغة اقتراحات إضافية مثل الدفع بسندات خزينة على آجال طويلة لتخفيف الضغط المالي الفوري عن الدولة والمؤسسات".
سلوى بعلبكي - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|