سليمان عن لقاء عون - الشرع: جسّد عمق العلاقات الثنائية وأهمية تنسيق شؤون البلدين
نعيم قاسم: هذه أوامر المرشد
أثارت دعوة الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم السعودية إلى "فتح صفحة جديدة مع المقاومة" اهتمامًا إعلاميًا في لبنان وايران. وبدا الاهتمام الإيراني بمثابة إشارة إلى أن قاسم قام بهذه الخطوة بانسجام مع طهران. أمّا في لبنان، ونتيجة تعدّد المنابر الإعلامية فقد استعان بعضها بأرشيف الأمين العام السابق حسن نصرالله واختارت منه الحملات التي شنّها الأخير على المملكة في مناسبات عدة، فسألت: "لماذا قرّر اليوم "حزب الله" تغيير مواقفه؟"
أتت مواقف الأمين العام لـ"الحزب" أول أمس الجمعة وكأنّها صدى لزيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني للمملكة، مساء الثلثاء الماضي. وذهب قاسم إلى تكرار مواقف لاريجاني بعد محادثاته في السعودية من الهجوم الإسرائيلي على قطر، والبناء على هذا الهجوم من أجل الانفتاح على العلاقات مع الرياض.
تولّت صحيفة "كيهان" الناطقة بلسان المحافظين في إيران أمس، نشر مواقف قاسم في صدر صفحتها الأولى. أمّا وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) فاعتبرت "الموقف الإيجابي" للأمين العام لـ"حزب الله" تجاه السعودية "مؤشرًا على التقارب البنّاء بين إيران والسعودية". وألمحت إلى أنّ الرئيس السوري "قد يميل أيضًا نحو إيران بجهود تركيا وترحيب السعودية."
تصرّف الإعلام التابع مباشرة لـ"حزب الله" بلامبالاة مع مواقف أمينه العام المتعلّقة بالسعودية. وركّزت تعليقاته أمس على شؤون أخرى لاسيما الحملة على نتائج القمة العربية والإسلامية الاستثنائية التي استضافتذها الدوحة للتنديد بالهجوم الإسرائيلي على قطر. وجاء في أحد التعليقات أمس على موقع "العهد الإخباري" الناطقة باسم "الحزب" تحت عنوان "قمة الدوحة... رسالة حاسمة لتشجيع الكيان المجرم" انه "قد تبدو القمم ذات قيمة معنوية ورمزية، تتناسب مع اقتحام المستوطنين للأقصى، أو تعذيب أسير، أو إقامة حواجز بين المناطق الفلسطينية للتضييق على أهلها، لكنّها تبقى في مستويات مخزية أمام حوادث واستفزازات واستباحة خطيرة، وتظهر عاجزة كسيحة ما لم تسندها قوة حقيقية قادرة على إيصال الرسالة بلغة يفهمها المجرمون من قادة الكيان الغاصب".
تشاء الصدف أن نظم منتدى "جنوبية" يوم الثلثاء الماضي، ندوة تحت عنوان "السلاح بين الميليشيا والسيادة" قدّم فيها الدكتور وجيه قانصو الأكاديمي والمفكّر اللبناني دراسة تحليليّة لمسار "حزب الله" منذ تأسيسه عام 1982 ولغاية اليوم. وجاء في الدراسة: "يكاد سلاح "حزب الله" يطبع الحياة السياسية في لبنان لفترة طويلة. ورغم ذلك، لم يوفق أحد في توصيف هذا السلاح وتشخيص طبيعته، كون أدوات التحليل التقليدية لا تنطبق عليه. فـ"حزب الله" لا هو حزب سياسي يخضع بالكامل للنظام القائم ولا يتقيّد في أدائه السياسي والعسكري بمرجعية الدولة. ولا هو ميليشيا تلجأ إلى العنف لتحقيق هدف سياسي، وعندما تحقق غرضها تحلّ نفسها وتتحوّل إلى حزب سياسي يلتزم بالوضع السياسي الجديد، مثلما حصل في فيتنام وثورة كوبا والثورة البلشفية والثورة الفرنسية وحتى الثورة الإسلامية في إيران".
وتضيف دراسة قانصو: "مرحلة التأسيس، عبّرت عنها رسالة التفاهم التي صدرت في العام 1985 ووضعت المبادئ التأسيسية لـ"حزب الله". فتجده يعبّر عن نفسه بأنه أمة "نصر الله طليعتها في إيران وأسست من جديد نواة دولة الإسلام المركزية في العالم، نلتزم بأوامر قيادة واحدة تتمثل بالولي الفقيه الخميني". بالتالي هو ليس: "حزباً أو إطاراً سياسياً"، بل "أمة ترتبط مع المسلمين برباط عقائدي وسياسي هو الإسلام".
وتابعت الدراسة: "هي نصوص تأسيسية عرَّف "حزب الله" من خلالها نفسه، واكتسب اسمه وعنوانه، بصفته جزءًا من مشروع كوني، مركز قيادته وقراره إيران، ومحور ولائه وانتمائه ولاية الفقيه، ومعيار سلوكه ومرجعية قيمه الفتوى الدينية والتكليف الشرعي اللذان يشملان كل الأمور الحياتية والسياسية، ويصدران حصراً من الولي الفقيه في إيران".
ورأت الدراسة "ان مرحلة اتفاق الطائف مثّلت بداية العمل السياسي لدى "حزب الله"، فلم يعد مجرد كيان جهادي يلوذ بالفتوى والموجهات العقائدية الخالصة في خوض معاركه ونضاله، بل بدأ يلمس أهمية الغطاء السياسي لنشاطه الأمني. هذا لا يعني التخلي عن مبادئ رسالة التفاهم التأسيسية، بل بقيت مرجعية وضابطة حصرية في تعريف "حزب الله" عن نفسه وتحديد أهدافه وغاياته الكبرى. فبتنا أمام ثنائية في الخطاب: خطاب داخل "حزب الله" من جهة، يحتفظ بالمسلمات العقائدية والموجهات الأيديولوجية التي تنص عليها رسالة التفاهم، وتكون الأساس في هيكلية وتراتبية "حزب الله" التنظيمية، والمرجعية الحصرية في التكوين الذهني والأخلاقي لعناصره. وخطاب خارجي برغماتي من جهة أخرى، يضمن للحزب تأييداً شعبياً ويؤمن له المقبولية الدولية والغطاء السياسي المحلي لممارسة عمله الجهادي. فحصل ترادف مصطنع بين المقاومة و"حزب الله"، وألغي الطابع الوطني للمقاومة التي اتسمت في السابق بالتعدد الذي يعكس التنوع المجتمعي في لبنان، وتمت أسلمة المقاومة بعد حصرها بطابع عقائدي وأيديولوجي خاصيّن تصب روافدهما عند الولي الفقيه".
بالعودة الى "فتح صفحة جديدة مع المقاومة" كما طلب قاسم من الرياض، يتبيّن أن هذه "المقاومة" باتت منزوعة الغطاء الرسمي في لبنان بموجب قراريّ مجلس الوزراء في 5 و7 آب الماضي. وأصبحت بموجب ما صدر عن مجلس الوزراء في 5 أيلول الجاري جهة ميليشياوية خارجة عن القانون وعليها أن تسلّم سلاحها للدولة التي صارت صاحبة الحق الحصري بامتلاك السلاح في لبنان.
أكدت السعودية مرارًا أنّها تتعامل مع لبنان كدولة. أما سائر علاقاتها في هذا البلد فتصبّ في النهاية لمصلحة دولة لبنان. فهل أدرك قاسم أن سبيل "فتح صفحة جديدة" مع المملكة أو غيرها من أقطار العالم بإستثناء ايران، تعني أن يصبح "حزب الله" تنظيمًا سياسيًا بالكامل؟
سيكون الجواب لو أراد قاسم الإفصاح عنه هو أن وليّ الفقيه الإيراني طلب أن يعلن ما أعلنه، وهو لبّى الطلب. وسيقول أيضًا: "أي سؤال آخر لست معنيًا به". هكذا تصرّف نصرالله من قبل ويتصرّف قاسم اليوم.
أحمد عياش - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|