"التيار" ردا على رئيس بلدية القاع: حري به ان يتوقف عن ذر الرماد في العيون
غزة وأوكرانيا وإيران.. ملفات معقدة في أروقة الأمم المتحدة
تتسم التحركات الدبلوماسية في محيط مبنى الأمم المتحدة وداخله، مع انعقاد الدورة الجديدة، بتوتر غير مسبوق بين الوفود، في ظل تصاعد موجة الاعترافات الغربية بالدولة الفلسطينية، وفي الخلفية مشهد تُصاغ فيه تحركات أوروبية أكثر استقلالية عن الموقف الأمريكي.
وتحمل طاولة الاجتماعات عشرات الملفات المتعلقة بالنزاعات والصراعات، بدءًا من الحرب الإسرائيلية على غزة وصولًا إلى الحرب الروسية الأوكرانية، إلى جانب الملف النووي الإيراني وأزمات التحديات الأمنية في دول أفريقيا، فضلًا عن صعوبات التغير المناخي وانعكاساته في حرائق اجتاحت دولًا أوروبية عدة.
التراجع الديمقراطي
وتتصدر الطاولة بقوة قضية الصراع متعدد الأوجه بين الصين والولايات المتحدة، إلى جانب التراجع الديمقراطي في الكثير من البلدان، وتهديد القيم الديمقراطية عبر اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا، فضلًا عن ملف عدم المساواة على المستوى الدولي بشأن المخاطر التكنولوجية، في ظل التوجه نحو توظيف الذكاء الاصطناعي واتساع الفجوة الرقمية.
وتأتي هذه الأجواء وسط مشاركة العديد من الشخصيات البارزة في الاجتماعات، في مقدمتها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
ويؤكد أستاذ التواصل السياسي في جامعة كادِس بإشبيلية الإسبانية والخبير في العلاقات الدولية، الدكتور محمد المودن، أن عام 2025 يشهد بطبيعته زخمًا كبيرًا من الأحداث التي عرفها العالم، وفي خضم ذلك تعمل الأمم المتحدة في سياق معقد مليء ببؤر توتر تتراوح بين النزاعات المسلحة والأزمات الإنسانية والتحديات العالمية متعددة الأبعاد.
ويرى المودن في حديثه لـ"إرم نيوز" أن في صدارة تلك التحديات أزمة العدوان الإسرائيلي على غزة، والتي ستُمنح أولوية ضمن الاجتماعات، في وقت تمثل فيه الاعتداءات الإسرائيلية والمجازر ضد الفلسطينيين تهديدًا مباشرًا لاستقرار الشرق الأوسط، مع عدم التزام إسرائيل بالقانون الدولي، بما في ذلك تنفيذ عمليات اغتيال خارج الأراضي الفلسطينية. غير أن الاعترافات المتتالية من دول أوروبية وغربية بدولة فلسطين تشكل حدثًا بارزًا في هذا الاجتماع الدولي.
وأشار إلى أن الحرب في أوكرانيا تحضر بقوة في هذا الانعقاد، إذ تظل المفاوضات الدبلوماسية شبه مشلولة بسبب انقسامات مجلس الأمن، ليستمر النزاع في إحداث أضرار مادية وبشرية جسيمة.
التوتر المتصاعد بين واشنطن وكاراكاس
ولفت المودن إلى حضور ملف التوتر المتصاعد بين واشنطن وكاراكاس في اجتماعات الأمم المتحدة، والذي بات يشكل محورًا حساسًا على الساحة الأمريكية اللاتينية، إذ تعكس الأزمة صراعًا على النفوذ الجيوسياسي والموارد الاقتصادية، ما يفرض على الأمم المتحدة البحث عن آليات حوار ودبلوماسية متوازنة، لتجنب الانزلاق نحو تصعيد خارج عن السيطرة.
كما تطرق إلى الأوضاع في أفريقيا، متحدثًا عن وجود ملفات ساخنة للغاية في ظل استمرار التحديات الأمنية في السودان ومنطقة الساحل والكونغو الديمقراطية، وأيضًا بعثات حفظ السلام التي تكافح للسيطرة على النزاعات رغم تحديات نقص الموارد والتمويل وعدم التوافق السياسي بين الدول الفاعلة، ما يشكل تحديًا كبيرًا.
وأردف أستاذ التواصل السياسي، أن من الملفات الأساسية الأزمة المناخية، وهو ما انعكس في انتشار الحرائق في إسبانيا والبرتغال ودول البحر المتوسط، ما شكّل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار المعيشي والاقتصاد والسكان.
ومن الملفات الحاضرة في هذه الدورة أيضًا ملف التراجع الديمقراطي في العديد من البلدان، وتهديد القيم الديمقراطية عبر اليمين المتطرف الذي يهدد هذا الإنجاز الإنساني الذي حققته القارة الأوروبية بعد سنوات من الكفاح، وينسحب ذلك على الولايات المتحدة مع صعود اليمين واليمين المتطرف، وفق المودن، وهو ما تجسد في توجهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي خلقت أزمات دولية كبرى.
الذكاء الاصطناعي والفجوة الرقمية
وقال المودن إن ملف عدم المساواة حاضر على المستوى الدولي بسبب المخاطر التكنولوجية، في ظل التوجه نحو الذكاء الاصطناعي والفجوة الرقمية، في وقت أصبح فيه الأمن السيبراني تهديدًا واضحًا للكثير من البلدان، من خلال التدخل في العمليات الديمقراطية.
ونوّه إلى تصدر ملفات الاستقطاب بين الولايات المتحدة والصين في عدة مواقع، مرورًا بالأزمة الأوكرانية، على طاولة هذه الدورة لاجتماعات الأمم المتحدة، لافتًا إلى أن أي إنجاز دبلوماسي وسط كل هذه الملفات يبقى أمرًا جديرًا بالانتباه، رغم أن الأمم المتحدة فعّلت مبادرات عبر مؤتمرات سلام وحوارات متعددة الأطراف وتعزيز الوساطات، بيد أن هذه المساعي تصطدم بعقبات رئيسية في مقدمتها مصالح الدول الكبرى وضعف الالتزام بالقانون الدولي، علاوة على نقص الثقة بين الأطراف المتصارعة، ما يعيق أي جهد دبلوماسي.
من جانبه، يؤكد مدير مركز "فيجن" للدراسات، الدكتور سعيد سلام، أن أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة تستقبل دورتها الثمانين وسط مناخ دولي شديد التوتر والتعقيد، إذ تتصدر العديد من الأزمات والحروب جدول الأعمال، وتلقي الإبادة الجماعية الإسرائيلية والتجويع في قطاع غزة بظلالها على المشهد، الذي يتفاقم بغياب الوفد الفلسطيني إثر رفض واشنطن منح أعضائه تأشيرات دخول، في خرق فاضح لنظام الأمم المتحدة، في حين يحضر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم صدور مذكرة توقيف دولية بحقه من المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب.
وأضاف سلام لـ"إرم نيوز" أن الاعترافات التاريخية من دول غربية بدولة فلسطين تشق طريقها بقوة، مدفوعة بجهود فرنسية وأوروبية، ما ينذر بصدام دبلوماسي مباشر مع واشنطن وتل أبيب.
الحرب الروسية على أوكرانيا
وعلى الجانب الآخر، تشغل الحرب الروسية على أوكرانيا حيزًا كبيرًا من الاهتمام؛ فبينما تسعى كييف لحشد دعم دولي جديد، تواصل موسكو خطابها المناهض للعقوبات واتهام الغرب بتحريض أوكرانيا ضدها، وهو ما يجعل مشاركة الرئيس الأمريكي والرئيس الأوكراني ووزير الخارجية الروسي تضفي طابعًا صداميًا على النقاشات، حيث تحمل كلمات هذا الثلاثي ملامح صراع دولي متعدد الأوجه، ينعكس على مصير الحرب الروسية الأوكرانية، بحسب سلام.
وأوضح مدير مركز "فيجن" للدراسات أن على الطاولة الأممية أيضًا تتواصل المساعي بشأن الملف النووي الإيراني، في محاولة من طهران لتفادي عقوبات جديدة قبل انتهاء مهلة الترويكا الأوروبية. ورغم زخم هذه الملفات، تبقى قضايا الصراعات الممتدة في السودان وسوريا واليمن مطروحة، مع مخاوف من أن يتم تهميشها لصالح الأزمات الأكثر إلحاحًا.
توتر غير مسبوق بين الوفود
وأشار سلام إلى أن التحركات الدبلوماسية هذا العام تتسم بتوتر غير مسبوق بين الوفود الغربية والعربية، خاصة في الملف الفلسطيني، مع بروز مناورات إعلامية لتوجيه الرأي العام، إلى جانب تحركات أوروبية أكثر استقلالية عن الموقف الأمريكي، وظهور تكتلات جديدة من الجنوب العالمي تعيد تشكيل أولويات المناخ والعدالة الاقتصادية.
كما تبرز في المشهد السياسي رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، أنالينا بيربوك، التي تحمل رئاستها للدورة الثمانين دلالات رمزية وسياسية بالغة، كونها أول ألمانية تتولى هذا المنصب منذ تأسيس المنظمة، وسادس امرأة فقط تشغل رئاسة الجمعية العامة عبر تاريخها الممتد لأكثر من ثمانية عقود.
ولا يقتصر حضور بيربوك على البعد البروتوكولي، إذ إن بصمتها الشخصية على الحراك الأممي لا تخلو من الجدل، لاسيما في ظل تناقض مواقفها بشأن حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، إذ بررت قصف مواقع مدنية مثل المدارس والمستشفيات بزعم استخدامها من قبل "الإرهابيين"، في خرق واضح للقانون الدولي، ما أثار انتقادات واسعة من خبراء القانون الدولي والمنظمات الحقوقية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|