شكراً سيّد توم باراك ولكنك لم تخبرنا بما كنّا نجهله وأما الحلّ؟
وضع المبعوث الأميركي توم باراك الإصبع على الجرح اللبناني النازِف والعميق، ووصّف الحالة التي نمرّ بها في لبنان خير توصيف.
الدولة موجودة
فمنذ ثمانية أشهر، يعيش اللبنانيون بالكلام، ولا شيء سواه. وبالعاميّة اللبنانية نقول إننا وسط حالة من "كثرة الحكي" التي لا يوجد ما يوازيها من فاعلية على الأرض.
فالدولة اللبنانية تسير، وقطارها يتحرك، ولكن في رحلة مستمرة لا أُفُق لها، ولا نقطة وصول، ولا محطة للاستراحة، بل يكتفي الجميع بأخذ العلم بأن الدولة موجودة، ولا شيء أكثر من ذلك.
الحكومة اللبنانية
تحدث توم باراك، فأكد أن كل الإيجابيات التي نُقِلَت عنه في الداخل اللبناني خلال الأشهر الماضية، ليست صحيحة أبداً. وهذا ليس جديداً، فنحن نعيش في دولة الكذب، والكذّابين، والدجّالين. وما على المواطن اللبناني سوى أن يختار ما يفضّله، بين الكذب والتدجيل، وليس أكثر من ذلك.
فهو حمّل مسؤولية عدم الاستقرار الأمني التام في لبنان للحكومة اللبنانية. ووجّه "لطشة" قوية لحكومتنا بإشارته الواضحة والصريحة الى أن هناك إعادة بناء قدرات عسكرية مستمرة لغير الجيش اللبناني في لبنان.
وقال باراك إن إنهاء هذا الوضع ليس من مهمّة الولايات المتحدة الأميركية، لافتاً الى أن البعض يرغب بأن تفعل (الولايات المتحدة) كما فعل الرئيس أيزنهاور، ويريدون من الرئيس ترامب أن يرسل قوات المارينز لحل كل شيء، مؤكداً أن هذا لن يحدث، وأنه إذا أرادت الحكومة استعادة الاستقرار، فعليها أن تعلن بوضوح نيّتها نزع السلاح الذي هو خارج إطار الجيش اللبناني، لكنها تتردد خوفاً من اندلاع حرب أهلية.
مؤسف...
وبكلامه هذا، يؤكد توم باراك أن على الدولة اللبنانية أن تخوض غمار "الرجولة" السياسية والأمنية بنفسها، وأن لا تتّكل على أحد، لأن مصيرها ومستقبلها ترسمه بيدها.
وليس هذا فقط، بل أكثر من ذلك، إذ يُشير كلام باراك الى عدم ثقة واشنطن والخارج عموماً بما يُقال داخلياً عن القرارات الحكومية المرتبطة بخطة لحصر السلاح، ولا بأي شيء يحصل في لبنان، ولا بالحديث عن أن قطار استعادة الدولة اللبنانية انطلق. وهذا مؤسف للسلطة اللبنانية بالفعل.
مصير جديد...
في الحقيقة، حمل كلام باراك نبرة جديدة بالنّسبة الى الابتسامات التي كان يُظهرها في لبنان قبل نحو شهرَيْن. ولكن المبعوث السابق آموس هوكشتاين لطالما كان مُبتسماً في لبنان أيضاً، والمبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس أيضاً، وغيرهم من المبعوثين الدوليين أيضاً. ولكن ما هي النتيجة؟ وما الحلّ؟
شكراً سيّد توم باراك لأنك تحدثت بكلام كثير. ولكنك أشرت الى ما نعلمه نحن في بلادنا سلفاً. فأنتم أنفسكم تتعاطون مع الطغمة اللبنانية نفسها التي استفادت على مرّ عقود وسنوات من فوضى الأمن والسلاح والسياسة في لبنان، والتي لا يجب أن تتوقّعوا منها أن تعمل من أجل إزالة تلك الفوضى. كما أنكم تدركون تماماً أن لا بدائل لبنانية أخرى للتعامل معها في لبنان.
شكراً سيّد توم باراك. ولكنكم لم تخبرونا بما لا نعلمه، ولم تقدّموا لنا الحلّ المنشود الذي يعلمه الجميع رغم أنهم يتجنّبونه، ليس من باب وطني، بل حفاظاً على مكاسبهم الشخصية. وهذا الحلّ هو بَدْء الحديث عن مصير جديد لهذا البلد، وذلك بدلاً من الاكتفاء بالكلام والتقريع، وبتكبيد أضعف الناس المزيد من الانهيارات الى ما لا نهاية.
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|