هل انتهت معادلة "نموذج" الشرع؟!
لا يمكن فصل المواقف التي أدلى بها الموفد الأميركي توم براك، في الأيام الماضية، حول الملف اللبناني، عن مجمل التطورات القائمة على مستوى المنطقة، تحديداً على الساحة السوريّة، حيث يظهر براك بوصفه من أبرز الشخصيات العاملة على "تلميع" صورة رئيس السلطة الإنتقالية في دمشق أحمد الشرع، من خلال مجموعة من الخطوات التي يقوم بها شخصياً، بهدف تكريس دوره في المرحلة الراهنة، على الرغم من الإنتقادات التي يتعرض لها.
الربط بين الأمرين، يعود إلى أن الموفد الأميركي سبق له أن سوّق لمعادلة، أن على المسؤولين اللبنانيين التعلم من "نموذج" الشرع، لكن حكماً لم يكن المقصود كيفية تعامله مع الشعب السوري، خصوصاً بعد المجازر والإنتهاكات التي كانت قد ارتكبت بحق العديد من المكوّنات، منذ لحظة وصولها إلى السلطة، بل في كيفيّة التعاطي مع الإعتداءات الإسرائيلية على سوريا، على إعتبار أن ذلك أكثر ما يهم الولايات المتحدة في الملفين.
إنطلاقاً من ذلك، تقرأ مصادر سياسية متابعة، الإنتقادات التي توجه بها براك إلى الجانب اللبناني، في الوقت الذي كان يُثني فيه على السلطة الإنتقالية في سوريا، حيث ترى أن الولايات المتحدة، على ما يبدو، تريد أن تتعلم بيروت من تجربة دمشق في هذا المجال، أي السكوت عن الإعتداءات الإسرائيلية، المستمرة منذ توقيع إتفاق وقف الأعمال العدائية، لا بل حتى السعي إلى توقيع إتفاق معها، يكرّس "شرعية" ما تقوم به على هذا الصعيد.
في هذا الإطار، لا تستغرب هذه المصادر تقييم براك السلبي للخطوات التي قامت بها الحكومة اللبنانية، بالنسبة إلى قرار حصرية السلاح بيد الدولة، بالرغم من أن تل أبيب هي التي رفضت الإلتزام بالورقة التي كان قد طرحها، على إعتبار أن مهمته لا تقوم على أساس لعب دور الوسيط "النزيه"، بل تحقيق ما تسعى إليه إسرائيل عبر الضغوط الدبلوماسية التي يتولاها، تحت طائلة التهديد بالعودة إلى مسار التصعيد العسكري.
في هذا السياق، كان "الإتفاق الأمني" مع إسرائيل العنوان الأبرز الذي ركز عليه الشرع، في جميع اللقاءات التي عقدها على هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، محذراً من "خطر حدوث اضطرابات جديدة في الشرق الأوسط، إذا لم تتوصل بلاده وإسرائيل إلى اتفاق أمني"، لكن براك ذهب إلى الحديث عن إتفاق "خفض التصعيد"، يكون الخطوة الأولى نحو "الاتفاق الأمني"، بسبب إستمرار الخلافات بين الجانبين.
هنا، تذهب المصادر السياسية المتابعة إلى الإشارة إلى أن تل أبيب، رغم كل التنازلات التي ذهب إليها الشرع على مستوى العلاقة معها، هي من يعرقل الوصول إلى مثل هذا الإتفاق، نظراً إلى أن المعادلة الأساسية، بالنسبة لها، تقوم على قاعدة أنها لا تحتاج إلى أي اتفاق، قد يفرض عليها إلتزامات، في حين هي تستطيع أن تحقق ما تريد بالقوة العسكرية، طالما لا توجد أي قوة رادعة لها.
عند هذه النقطة، تتوقف هذه المصادر عند المواقف المعترضة، من قبل المسؤولين الرسميين، على تصريحات الموفد الأميركي، لكنها تُطرح الكثير من علامات الإستفهام، حول الخطوات العملية التي من الممكن أن يبادروا إليها، في ظل الأجواء التي تروج عن أن ما أدلى به يمثل غطاء لأي تصعيد عسكري، من الممكن أن تبادر إليه تل أبيب في المرحلة المقبلة، بحجة عدم تنفيذ لبنان الخطوات المطلوبة منه.
في المحصلة، تشدد المصادر نفسها على أن ما تريده الولايات المتحدة من لبنان، هو الذهاب إلى إتفاقات شبيهة بتلك التي يسعى إليها رئيس السلطة الإنتقالية في سوريا، من دون أن يعني ذلك أن إسرائيل ستوافق لا بل من المرجح أن تطلب المزيد، مشيرة إلى أن حديث براك عن وهم السلام ومعادلة الهيمنة والخضوع يصب في هذا الإطار.
ماهر الخطيب -النشرة
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|