الصحافة

"مدّ" حزبي ومدني أغرق الروشة وصخرتها

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لعل المشهد "الإغراقي" بالمواطنين والعائلات والحشد الكثيف الذي زجّ به "حزب الله" في الروشة التي بدت كأنها أغرقت تماماً براً وبحراً، بالعناصر الحزبية والمواطنين، وبغابات الأعلام الصفراء وصور الأمينين العامين الراحلين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، هو المبرر الأساسي الذي يقف وراء تمرير السلطات السياسية والأمنية الرسمية للتحدي العصياني السافر للدولة الذي اختار الحزب عبره افتتاح فعاليات إحياء الذكرى السنوية الأولى لاغتيال زعيمه وأمينه العام السابق حسن نصرالله. تبرير عدم قدرة السلطة السياسية والأمنية أن تحدث مواجهة مع جمهور مدني بهذا الحجم، لا يعني بطبيعة الحال التقليل من الدلالات السلبية لما رسمه المشهد الذي بدأ معه "حزب الله" بمظهر اجتياح صخرة الروشة بحراً وحشد أنصاره وبيئته براً من جهة، وتراجع السلطة أمام فرض ما سبق أن تضمنه تعميم رئيس الحكومة، الأمر الذي ستضيع معه أي مبررات للسلطة، إذ سيقال حتماً إذا كان فرض النظام في مسالة تفصيلية كهذه عجزت عنه السلطة، فكيف سيمكنها تنفيذ خطة حصرية السلاح على الحزب المتمرّد والمستفزّ والمعاند بعدما تحول المشهد أمس إلى مكاسرة قاسية برمزيّته؟ ولعل الحزب أراد أمس في أي حال أن يقدّم عينة حيّة مبكرة عن زجه بالمواطنين وبيئته المدنية في وجه أي محاولات محتملة لنزع سلاحه، خصوصاً وأن التجمع الضخم تحوّل إلى منبرية لإطلاق فوهات التخوين والاتهامات المقذعة في حق رئيس الحكومة، كما لم توفر رئيس الجمهورية.

 وكان مناصرو "حزب الله" بدأوا التوافد بكثافة منذ ساعات بعد الظهر حاملين الأعلام والصور ومكبرات الصوت، وسط انتشار أمني كثيف في المنطقة. وفي وقت أفادت فيه معلومات أن رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نواف سلام عملا على مخرج مِن شأنه تفادي أي استفزازات لهذه الفئة أو تلك، وتفادي تعريض السلم الاهلي لأي خضّات، بدا واضحاً أن الاتفاق لم يصمد أمام تعنّت "حزبَ الله" وإمعانه في الاستفزاز. وعكس هذا الاتجاه علناً وفيق صفا المسؤول الأمني في الحزب، إذ قال من أمام صخرة الروشة: "جايين نضويها… من دون استفزاز أحد". وتحوّل أوتوستراد الروشة المقابل للصخرة والمباني المطلة على الشاطئ مسرحاً ضخماً لأوسع اعتصام شعبي ملأه أنصار الحزب ورفعت الشاشات الضخمة التي راحت تبث عبرها صور نصرالله وصفي الدين والأناشيد والأقوال، فيما راحت في الوقت نفسه عشرات القوارب التابعة للحزب وأنصاره تجوب مياه المنطقة حول صخرة الروشة التي تسلّقها عدد من الشبان ونصبوا صور نصرالله وأعلام الحزب فوقها تمهيداً لإضاءتها مساء بصور نصرالله وصفي الدين. وقرابة السابعة إلا ربعا بدأ من قوارب بث صورة نصرالله بالليزر على صخرة الروشة ثم صور صفي الدين واستمر عرض الصور لنحو عشر دقائق. ثم أضيئت الصخرة بالعلم اللبناني لبعض الوقت. أما المفارقة الساخرة، فتمثلت في عرض صورة لنصرالله يتوسط الرئيس الراحل رفيق الحريري والرئيس سعد الحريري بعض الوقت قبل أن يعاد عرض صورة نصرالله وصفي الدين على امتداد الصخرة.

وقد تردد بعد الظهر من دون أي تأكيد لهذه المعلومات، أن برّي كان "مستاءً من انقلاب "حزب الله" على الاتفاق بشأن عدم إضاءة صخرة الروشة" .

في الجانب السياسي من المشهد اللبناني، سُجل ما اعتبر تراجعاً لافتاً في نبرة الموفد الأميركي توم برّاك حيال موقفه من السلطة اللبنانية، وهو الذي كان تحدث مطلع الأسبوع، عن لبنان وحكومته وجيشه، بنبرة لا تشبه تلك التي تحدث فيها وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو في نيويورك، عن لبنان، أكان خلال لقائه رئيس الجمهورية جوزف عون أو في الإعلام، حيث أكد روبيو في لقائه مع الرئيس عون في نيويورك "أننا سندعم لبنان للتغلب على أزمته الاقتصادية، والحكومة اللبنانية تواصل معارضتها سياسات إيران".

وغداة الانتقادات التي وجّهها للحكومة والجيش الاثنين الماضي، كتب برّاك على إكس أمس:  "تواصل الولايات المتحدة الأميركية دعم لبنان في سعيه لإعادة بناء دولته، وتحقيق السلام مع جيرانه، والاستمرار في سعيه لتنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي تم توقيعه في تشرين الثاني 2024، بما في ذلك نزع سلاح حزب الله."

على وقع هذه المواقف، التقى رئيس مجلس الوزراء نواف سلام في السرايا وفدًا من حزب الشعب الأوروبي ضم نوابا أوروبيين وناشطين سياسيين، وذلك بحضور ممثلين عن حزبي الكتائب و"القوات اللبنانية". وتناول اللقاء الأوضاع الاقليمية والمستجدات السياسية والاقتصادية في لبنان، بالإضافة إلى خطة عمل الحكومة الإصلاحية وقراراتها في سبيل حصر السلاح وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها. وأعرب أعضاء الوفد عن أملهم في أنهم "يرون أملًا جديدًا في لبنان"، مؤكدين مساندتهم للمسار الإصلاحي والسيادي الذي انتهجته الحكومة، واستعدادهم لدعم لبنان بما يخدم استقراره وتعزيز قدراته. من جهته، شدّد سلام على "ضرورة الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على لبنان والانسحاب من الأراضي التي ما زالت تحتلها، والالتزام الكامل بترتيبات وقف الأعمال العدائية".

 في غضون ذلك، كان لافتاً أنه وسط اشتداد المأزق المتصل باقتراع المغتربين لـ128 نائباً لا 6، ومع تشدّد فريق حزب الله – حركة أمل والتيار الوطني الحر، إزاء تعديل المادة 112، ومع عدم إدراج هذا البند، على جدول اعمال الجلسة التشريعية الاثنين، أعرب رئيس الجمهورية جوزف عون عن ثقته بأن المنتشرين اللبنانيين لن يتركوا لبنان، وسيقفون إلى جانبه وإلى جانب الدولة في مسيرة النهوض بالبلد وإعادته إلى ما كان عليه من عز وتميّز. وقال إن لبنان غني باللبنانيين في الخارج، ولا ينتظر إحساناً من أحد، ولا مساعدات من أحد، ولا هبات، بل استثمارات. كما دعا اللبنانيين المنتشرين إلى الاقتراع في الاستحقاق النيابي المقبل، لان "صوتكم ليس مجرد ورقة يتم وضعها في صندوق، بل هو الأمل لمستقبل أفصل، وهو صوت التغيير، وعليكم المشاركة بكثافة مهما كانت الظروف، وهذه المسؤولية التي تقع عليكم". جاء كلام الرئيس عون خلال حفل استقبال أقامته السفارة اللبنانية في الولايات المتحدة الأميركية وبعثة لبنان الدائمة لدى الامم المتحدة. وقال إن الحكومة بدأت العمل منذ شهر شباط الفائت، وقامت بإنجازات عديدة، ووضعنا البلد على السكة الصحيحة. أتفهّم تساؤلات البعض عما قمنا به خلال الفترة الماضية، ولكن علينا أن نكون منطقيين وواقعيين، إذ لا يمكن إحداث التغييرات بين ليلة وضحاها، إلا أنني أؤكد لكم أن القطار وضع على السكة الصحيحة وهو يسير باتجاه الإصلاحات الاقتصادية وإصلاح القطاع المصرفي والمالي. بالأمس، أنجزت الحكومة مشروع موازنة العام 2026، وهي المرة الأولى منذ سنوات يتم فيها القيام بهذا الأمر ضمن الفترة الدستورية، مضيفاً، "الطريق لا يزال طويلاً، ولكنني أطمئنكم إلى أننا مستمرون".

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا