شعب وجيش و"صخرة"
مزوِّر للتاريخ مَن يتمسك برواية أن حوادث 1860 في جبل لبنان بين المسيحيين والدروز كانت بسبب خلافٍ بين ولدين، واحد مسيحي والآخر درزي اختلفا على لعبة "الكلة".
ومبسِّط للحقائق مَن يتمسك بأن بوسطة عين الرمانة هي سبب اندلاع الحرب في لبنان عام 1975.
كم من ولدين في التاريخ اختلفا على لعبة الكلة ولم تندلع حرب بسبب خلافهما؟ وكم من بوسطة في العالم أطلقت عليها النيران ولم تندلع حرب بسببها؟
بالمعنى ذاته، أبله مَن يعتقد بأن صخرة الروشة يمكن أن تشكِّل شرارةً لحرب.
فالموضوع ليس موضوع إضاءة صخرة أو عدم إضاءتها، إنه العقلية السائدة، والمستمرة لدى محور "فائض القوة والاستقواء" أن "البلد إلنا" مع وقف التنفيذ.
هي الحقيقة الراسخة والباقي تفاصيل، فاستراتيجية "البلد إلنا" تقوم على "الاستباحة" وعلى "النضال" وفق آلية "إذا لم نحرر فلسطين، نحرر لبنان"، وهكذا "المقاومة تستبيح كل شيء".
لكن إذا دقق أي مراقب في ما تحقق، فإن معظم الإنجازات التي يتباهى بها "حزب الله" هي موضع شكوك:
"تحرير 2000" كان انسحابًا إسرائيليًا قررته إسرائيل في كانون الثاني 2000 ونفذته في أيار من السنة ذاتها، ويُراجَع في هذا الصدد كلام إيهودا باراك، في كانون الثاني، أعلن فيه أن جيشه سينسحب من لبنان في أيار، وهذا ما حصل، وللتدقيق أكثر، يُراجَع ما سُرِّب في صحف ألمانية عن وساطة قامت بها المخابرات الألمانية لتأمين الانسحاب الإسرائيلي، وما تمَّ تسريبه آنذاك لم ينفِه أحد، لأن "سردية التحرير" تناسب الجميع.
"النصر الإلهي" الذي حققه "حزب الله" في حرب تموز 2006، نقضه الأمين العام السابق لـ "الحزب" السيد حسن نصرالله، بجملة واحدة قال فيها:"لو كنت أعلم"، والتي كانت تعني أن "الحزب" لو كان يعلم مدى الكلفة التي تسببت بها تلك الحرب، لَما كان غامر بخوضها، بالتالي، أين "النصر" في تلك الحرب؟
ثم حين ينقلب "النصر" إلى "هزيمة"، فهذا لا يعود نصرًا، بل يصبح مقامرة، يومٌ نربح ويوم نخسر.
في المراحل الآنفة الذِكر، احتاج "الحزب" إلى مَن يُنزله عن "شجرة الأَثمان المرتفعة"، والمرحلة الأخطر هي تلك المغامرة التي خاضها منذ الثامن من تشرين الأول 2023، والتي يمكن اعتبارها بأنها شكَّلت ضربة قاصمة وقاضية له، وفي مقارنة بين ما كان عليه قبل ذلك التاريخ، وما هو عليه اليوم، يتبيَّن ما يلي:
قبل الثامن من تشرين الأول 2023، قامت "قوات الرضوان" بمناورة تحت عنوان"سنعبُر"، وكان المقصود أن "حزب الله" سيعبر الحدود في اتجاه الجليل، إيذانًا ببدء رمي إسرائيل في البحر.
اليوم يكتفي بالعبور من اليابسة إلى صخرة الروشة، وبالضوء فقط، ليس ليزرع علم "الحزب" في الجليل، بل ليزرعه على صخرة الروشة، في استعادة لمشهدية 7 أيار 2008.
مدهشٌ هذا الإنجاز لكنه خطير لأنه يعكس العقلية المتمادية التي تقول:"البلد إلنا".
جان الفغالي -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|