مَن طالب "الحزب" بتسليم السلاح إلى إسرائيل؟
هل من طالب "حزب الله" بتسليم سلاحه إلى إسرائيل؟ قال ذلك "الحزب" أمس بلسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم في كلمته التي ألقاها في الذكرى السنوية الأولى لمقتل أمين عام "الحزب" السابق السيد حسن نصرالله وخليفته السيد هاشم صفي الدين. وورد الأمر في عبارة قاسم الآتية: "لا خيار أمامكم إلا أن تسلّموا لإسرائيل". وقال قاسم إن هذا الطلب جاء ممّن "يتحدّث معنا من بعض الأوروبيين أو بعض من كان من الدول الكبرى". لكن قاسم كتم هوية هذه الدول، فلماذا؟
بالتأكيد، ان الحكومة براء ممّا قاله الأمين العام لـ"الحزب" حول "التسليم لإسرائيل". فلماذا لم يعترف قاسم بذلك؟ بدلًا من الذهاب إلى مهاجمتها قائلًا:"ارتكبتم خطيئة عندما قررتم نزع سلاح المقاومة فصححوا هذه الخطيئة"!
ولو أردنا إحصاء البراءة من عبارات عدة وردت في كلمة قاسم لضاق بنا مجال الحديث. ونذكر فقط على سبيل المثل لا الحصر، قول قاسم: "تطبيق اتفاق الطائف الذي يقول بتحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي واتخاذ كافة الاجراءات اللازمة بما فيها الاستعانة بالمقاومة". ولو قيّض لاتفاق الطائف أن يتكلم لصرخ قائلًا: "أنا بريء ممّا قاله قاسم عن المقاومة"!
هكذا، نسفت كلمة الأمين العام لـ"حزب الله" أمس كل مسعى إلى لبننة الحلّ الذي يعيد لبنان إلى حياته الطبيعية. ويرتكز هذا الحلّ على قرار اتخذته الحكومة في 5 و7 آب الماضي وكرّسته في قراراها في 5 أيلول الجاري. ويتضمّن هذا القرار "حصرية السلاح بيد الدولة".
تجدر الإشارة إلى أن كلمة قاسم التي أعلنت الولاء المطلق للمرشد الإيراني علي خامنئي لم تتضمّن كلمة واحدة حول الولاء لدولة لبنان. وكأنّ زعيم هذه المنظمة يسأل: "أية دولة تطالبوننا بحصر السلاح بيدها؟"
أقحم قاسم إسرائيل بتسليم السلاح. وأتى هذا الزعم على لسان زعيم آخر الميليشيات في لبنان غداة كلام لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من على منبر الجمعية العام للأمم المتحدة في نيويورك. وتستحق المناسبة استعادة ما ورد في كلمة نتنياهو حول "حزب الله" وسلاحه عندما قال: "ماذا حدث خلال العام الماضي؟ لقد شللنا "حزب الله"، وقضينا على معظم قادته والكثير من ترسانته الأسلحة. رحل حسن نصر الله في لبنان. هل تتذكرون تلك الصفارة من أجهزة الاستدعاء؟ لقد قمنا بتوريط "حزب الله". وصدقوني، لقد حصلوا على الرسالة – وسقط الآلاف منهم على الأرض. السلام بين إسرائيل ولبنان ممكن أيضًا. أدعو الحكومة اللبنانية أيضًا إلى بدء مفاوضات مباشرة مع إسرائيل. وأثني عليه (لبنان) لهدفه المعلن لنزع سلاح "حزب الله". لكننا نحتاج إلى أكثر من مجرد كلمات. إذا اتخذ لبنان إجراءات حقيقية ومستدامة لنزع سلاح "حزب الله"، فأنا واثق من أننا نستطيع تحقيق سلام مستدام.
وبطبيعة الحال، إلى أن يحدث ذلك، سنتّخذ كل إجراء نحتاجه للدفاع عن أنفسنا والحفاظ على شروط وقف إطلاق النار الذي تم إقراره في لبنان. هدفنا ليس مجرّد مراقبة تصرفات "حزب الله"، بل منعه من انتهاك وقف إطلاق النار ومهاجمتنا في أي وقت. أنا متأكد من أنّه إذا استمرت الحكومة اللبنانية في تحقيق هدفها المتمثل في نزع سلاح "حزب الله"، فإن السلام سيأتي بسرعة كبيرة وبسهولة كبيرة. الانتصار على "حزب الله" جعل السلام ممكنًا مع جارتنا العربية في الشمال(لبنان)".
يستفاد من كلام نتنياهو انه خالف قاسم في موضوع تسليم السلاح فقال إن الأمر منوط بلبنان. لكن نتنياهو اتفق مع قاسم على أن جوهر ازمة لبنان مرتبط بسلاح "حزب الله". وستبقى هذه الأزمة ما دام بقي هذا السلاح.
يستدرج خطاب الذكرى السنوية الأولى لمقتل نصرالله الاعتقاد بأن "حزب الله" الذي يتصرف على أساس انه خارج الدولة اللبنانية لا يجد ضيرًا في أن تتجه الأمور نحو صفقة يكون "الحزب" ومن خلفه ايران مع إسرائيل يكون عنوانها السلاح، ولكن مضمونها تعامل الدولة العبرية مع الميليشيا الجارة لها في الشمال بدلًا من دولة لبنان كي تأخذ على عاتقها أمن الحدود بين لبنان وإسرائيل كما فعل "الحزب" بعد حرب عام 2006 ولغاية 8 تشرين الأول 2023 عندما فتح نصرالله حرب الإسناد ضد إسرائيل.
نستطيع العودة إلى حقبة الترسيم البحري التي قادها نصرالله واعتبرها الأخير إنجازًا تاريخيًا سينتشل لبنان نهائيًا من أزماته المالية. وتبيّن أن نصرالله بارك بكل ما اؤتي اتفاق الترسيم مع إسرائيل.
يبدو الاعتقاد بـ"صفقة" محتملة أقرب إلى الخيال في الوقت الحاضر. لكن وقائع الأيام الماضية تشير إلى أن "حزب الله" وراعيه الإيراني يتصرفان على أساس أن هذا الاعتقاد ينتمي إلى عالم الواقع.
تكمن الخشية حاليًا، أن الدولة اللبنانية التي أثبتت حكومتها في الأسابيع الماضية أنها دولة تعود إلى الوجود بعد تغييب قسري استمر لعقود لاح في سلوك بعض مؤسساتها أنها ما زالت تغلّب الخيال على الواقع.
هل سيكون "حزب الله" ومن ورائه ايران ماضيًا نحو صفقة مع إسرائيل ولو أتى ذلك بعد جولة عنف تعيد تكرار عنف أيلول 2024؟ يجب ألا نسقط شيئًا من الحساب عندما تبذل هذه الميليشيا الإيرانية كل مستطاع كي تبقى على حساب دولة لبنان.
أحمد عياش -نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|