زيلينسكي "يفجر" جدلاً واسعاً.. هل تخلت واشنطن عن كييف؟
في لحظة فارقة من الحرب الأوكرانية الروسية، فجّر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جدلًا واسعًا حين لمح إلى احتمال انسحاب الولايات المتحدة من المحادثات المتعلقة بالحرب، مؤكدًا أن الموقف الأمريكي ليس ثابتًا، وقد يتغير تبعًا للظروف السياسية في واشنطن.
ويطرح هذا التصريح تساؤلات خطيرة حول مستقبل الدعم الغربي لكييف، وما إذا كانت إدارة ترامب قد تترك أوكرانيا وحدها في مواجهة موسكو وسط تصاعد الضغوط الداخلية على البيت الأبيض.
ووجه زيلينكسي تحذيرات صارخة إلى المجتمع الدولي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤكدًا أن المقاتلات الروسية تعمدت اختراق أجواء دول حلف الناتو، وأن الفشل في مواجهة موسكو سيكلف أوروبا ثمنًا فادحًا، منتقدًا ضعف الرد الدولي على انتهاكات روسيا حتى ضد دول الناتو.
في ضوء هذه التطورات، يرى الخبراء أن حديث الرئيس الأوكراني عن احتمال انسحاب الولايات المتحدة من مسار المحادثات مع روسيا يعكس قلقًا حقيقيًا في كييف من تبدل أولويات إدارة ترامب، خاصة مع تزايد الضغوط الداخلية في واشنطن، والدعوات للتركيز على ملفات داخلية.
إنجازات محدودة
وفي هذا السياق، قال الدكتور عماد أبو الرب، رئيس المركز الأوكراني للحوار، إن التصعيد لا يزال هو العنوان الأبرز بين أوكرانيا وروسيا، وأن المشهد يتسم بهجمات متبادلة، يحقق فيها كل طرف إنجازات جزئية محدودة في مناطق معينة، حيث قد تحتل القوات الروسية بعض الأراضي الأوكرانية لفترة، قبل أن تستعيدها أوكرانيا بعد شهور.
وأكد أبو الرب، لـ"إرم نيوز"، أن المشهد يحمل قدرًا كبيرًا من التعقيد والضبابية، خصوصًا فيما يتعلق بوجود طرف قادر على حسم الحرب الروسية–الأوكرانية بشكل نهائي، مشيرًا إلى أن هذا الواقع يتيح في المقابل فرصة أمام جهود الوساطة، ويؤكد الحاجة إلى إبراز دور الوسطاء بجدية والعمل على تعزيز هذه المبادرات بإيثارها وإبرازها بشكل متوازن بين الجانبين، بما يضمن مواقف أكثر مرونة.
وبين أن "هذه المساعي يجب أن تُقارن بالقانون الدولي، الذي يظل غائبًا أو مُغيبًا في هذه الأزمة، كما هو الحال في أزمات أخرى متعددة، لا سيما في الشرق الأوسط وغزة وغيرها".
وأشار، إلى أنه "حتى الآن لا يمكن القول إن الولايات المتحدة انسحبت من المشهد، بل إنها تسعى للضغط عبر مواقف وتصريحات سياسية، وربما تلجأ إلى زيادة العقوبات على روسيا، إلى جانب تعزيز الدعم العسكري لأوكرانيا".
دعوات متوازنة وعروض منطقية
وتابع: "حتى في غياب دور مباشر لأمريكا في الوساطة فإن لها دورًا محوريًا في التواصل مع الأطراف التي يمكن قبولها كوسطاء، سواء كانت السعودية أم تركيا أم غيرها من الدول، بما يضمن طرح مقاربات عقلانية ودعوات متوازنة وعروض منطقية لحل النزاع".
وأضاف أبو الرب: "نأمل أن تنتهي الحرب ويصل الأطراف إلى توافق، لكن المؤشرات الحالية تنبئ بمزيد من السخونة، خاصة في الشهر القادم، في ضوء الهجمات الواسعة التي شهدتها أوكرانيا مؤخرًا، حيث تم استخدام أكثر من 500 مسيرة و40 صاروخًا استهدفت ست مدن ومناطق، بينها العاصمة كييف، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى".
إصرار أوكراني وموقف أمريكي
ومن جانبه، قال مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية ديميتري بريجع، إن "انسحاب الولايات المتحدة من الأزمة الأوكرانية يظل احتمالًا قائمًا طالما أن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يصر على موقفه ولا يستجيب لمطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب".
وأضاف بريجع، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "زيلينسكي يسعى لصفقة مع روسيا لإنهاء الأزمة وتحقيق السلام بين البلدين، لكن المشهد معقد ويتغير باستمرار، خصوصًا في ظل تقلب مواقف ترامب".
وأشار إلى أن "التفاهم بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يغير موازين التحالفات بشكل جذري، وأن التفاهم مع زيلينسكي قد يقود ترامب إلى الانقلاب على روسيا والعكس صحيح".
ولفت ديميتري بريجع، إلى أن "بوتين لم يوافق بعد على رؤية ترامب بخصوص العلاقات الروسية–الأمريكية، خاصة في الملفات الاقتصادية والتجارية، إذ يطمح ترامب إلى إعادة الشركات الأمريكية إلى السوق الروسية لتحقيق مكاسب اقتصادية ملموسة".
وأوضح مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية أن "الأراضي الأوكرانية غنية بالموارد الباطنية والفوسفات، فضلًا عن كونها تملك مساحات زراعية واسعة قابلة للاستثمار، وأن مناطق مثل زابوروجيا وخيرسون كانت عام 2013 من بين المراكز الإنتاجية الأساسية في الاقتصاد الأوكراني".
وأضاف أن "هذه المصالح الاقتصادية قد تدفع شركات أمريكية إلى توقيع عقود طويلة الأمد للاستثمار في تلك المناطق، سواء في شرق أم غرب أوكرانيا، مع العلم أنها وفق القانون الدولي لا تزال جزءًا من أوكرانيا، إذ لم يُعترف بضم شبه جزيرة القرم أو المقاطعات الأربع الأخرى إلى روسيا".
ونبه بريجع إلى أن "ملفات الاعتراف الدولي تظل شائكة، كما حدث في حالات سابقة مثل أبخازيا التي حصلت على اعترافات محدودة لم تصل إلى مستوى الاعتراف الدولي الواسع"، مضيفًا أن "ترامب قد يلجأ إلى استخدام أوراق ضغط سياسية أو عسكرية لتقويض موقف القيادة الأوكرانية أو إجبارها على تقديم تنازلات".
وأكد مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، أن "هناك مؤشرات استخباراتية عن احتمالات حدوث محاولات انقلابية أو تمرد داخل بعض الوحدات الأوكرانية لصالح روسيا، وإذا ما حدث ذلك، فقد يغير موازين القوى على الأرض لصالح موسكو، ويفتح الباب أمام جبهات جديدة وعمليات مسيرة واسعة تُربك استعدادات القوات الأوكرانية".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|