الصحافة

هدوء في غزة.. الحزب وإيران في عين العاصفة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

في مشهد يعيد خلط أوراق الشرق الأوسط، أعلن دونالد ترامب خطته للسلام في غزة، فصفّق لها العالم: البعض بحماس، والبعض الآخر بخجل. الإسرائيليون سارعوا للقبول، ونقلت وكالات عالمية عن حماس استعدادها لبدء المحادثات، بعد تردد ثقيل. وبالانتظار، تبقى المسافة بين الوعود والواقع طويلة ومليئة بالعقبات والشكوك والأسئلة حول من سيحكم غزة وآلية التطبيق والجدول الزمني. الطريق وعرة… والمستقبل أكثر غموضاً من أي وقت مضى.

وبالتوازي، قد تتحوّل الأنظار من غزة إلى لبنان، حيث تتكشّف معادلة مقلقة: دولة عاجزة عن نزع سلاح حزب الله، واحتقان يتنامى في ظل فراغ يهدد بالانفجار. السيناتور الأميركي ليندسي غراهام لم يُخفِ تحذيره حين تحدّث عن “الخطة باء”: إن لم تتمكن بيروت من تدارك الوضع، ستبادر إسرائيل لاستلام زمام الأمور.. بكلمات أخرى، يلوح سيناريو حرب جديدة في الأفق، حرب لا يريدها أحد… لكنها قد تفرض نفسها على الجميع.

ممثلو الميليشيا الموالية لإيران أعلنوا استعدادهم للمواجهة. ولكن بماذا سيواجهون؟ إلا إن طمحوا لـ “كربلاء” التي يبشّر بها، الأمين العام لحزب الله من خطاب إلى آخر. وهذا يعني، بمعنى آخر، الانتحار الجماعي أكثر بكثير من المقاومة. هذه النزعة التدميرية تذكر بالجنون الذي اجتاح اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية، حين أيقن القادة العسكريون والسياسيون، ومعهم جزء من الشعب الذي أعمته الدعاية القومية المتطرفة، أنّ النصر بات مستحيلاً، فاعتبروا أنّ الموت الجماعي لأمةٍ بكاملها (آنذاك نحو 72 مليون ياباني) أشرف من الهزيمة. وجاءت قنبلتا هيروشيما وناغازاكي لتضعا حدًّا مأساويًا للجنون الجماعي وتقلبا صفحة الوهم الذي قاد أمةً كاملة إلى حافّة الفناء.

أما الفرق فهو أنّ من يدفع الآخرين اليوم نحو الانتحار ينعم بالأمان داخل طهران، حيث يتحصّن أصحاب مشروع “الفوضى الخلّاقة” ووعود الانتصارات والجنان الوهمية. وطالما لم يدرك القادة الإيرانيون (طوعًا أو كرهًا) أن دورهم في المنطقة قد انتهى، ستستمر أذرعهم في لبنان وغزة واليمن والعراق بجرّ شعوب هذه البلدان إلى كوارث متلاحقة باسم “المقاومة”. إنها لعنة جيوسياسية تلاحق من يصدقهم. وإذا ما استقر الوضع في غزة، وهو أمر بعيد المنال، قد تنتقل بؤرة التوتر نحو طهران، وربما قبل أن تصل إلى لبنان. وكان من المنطقي أن تؤدي حرب الأيام الاثني عشر في يونيو الماضي، والهزيمة العسكرية المهينة التي مُنيت بها إيران، إلى تراجعها وإعادة حساباتها. لكن الواقع مغاير تماماً.
والدليل أنّ خطابهم العدواني بلغ مستوى غير مسبوق. وبين تنفيذ حكمِ إعدامٍ متكررٍ بتهم “الجاسوسية” وإطلاق تهديداتٍ متصاعدة، يواصل قادة طهران توجيه السجال والرّجز. وهذه المرّة، بدا أنّ صبر الأوروبيين نفسهم (وهم المعروفون عادة بروح التحفّظ) قد نفد، فأعادوا فرض عقوبات وتشدّدوا في مواقفهم. وليس من المستبعد اليوم أن تُشنّ غارات جديدة تضع بشكل نهائي حداً لمغامرة هؤلاء المهووسين، وتدفع بمشروعهم إلى خانة النسيان التاريخي.

باختصار، لقد دخلنا مرحلة متوترة، تبدو فيها كل هدنة أقرب إلى مدخل إلى حرب جديدة.. وكأنّ صندوق باندورا قد فتح بعض الشيء منذراً بسلسلة من الكوارث المحتملة. ولا أحد يضمن قدرة الدبلوماسية، مهما كانت صارمة وحازمة، على إغلاق هذا الصندوق قبل فوات الأوان. وكما قال نابليون بونابرت: “ربما يتحمل الجندي والشعب الهزائم، لكن خطأ القائد المتعصّب يسحب الجميع إلى هاوية الكارثة”.
لقد أسمعت لو ناديت.. فلعل خامنئي يتعظ قليلاً!

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا