ما هو موقف القانون من سحب الرخصة من جمعية "رسالات"؟
لمّا كان رئيس الحكومة نواف سلام قد أدرج بند "سحب الرخصة" عن جمعية "رسالات" في جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المزمع عقدها غدًا وذلك لمخالفة أحكام تعميم صادر عن رئيس الحكومة الّذي يحمل رقم ٣٦ تاريخ ٢٢/٩/٢٠٢٥ بعد نشره في الجريدة الرسمية في ٢٥/٩/٢٠٢٥، فإنّ هذه الواقعة تطرح التساؤل الآتي: ما هو موقف القانون؟
يلفت الخبير الدّستوري الدكتور جهاد اسماعيل، في حديثٍ لوكالة "أخبار اليوم"، إلى أن "سلطة الحكومة في اتخاذ اعمالها الإدارية، من خارج دائرة الإستنساب، مقيّدة بمبدأ المشروعية، أي بتلك القواعد الّتي يجوز مراعاتها في القرارات الادارية، ومن بين هذه القرارات هو مرسوم حلّ الجمعيات الّذي يرتبط أشد الإرتباط بالحقوق أو الحريات الأساسية لكونه يُنهي الكيان القانوني للجمعية ، ذلك أن مجلس شورى الدولة أكّد ، في قرار ١٨٧/٢٠٠٧، بأنه عندما تتخذ الادارة تدابير جسيمة تمسّ الوضع القانوني للمعنيين بها وتتعرض للحريات العامة فيتوجب عليها أن تبلّغ أصحاب العلاقة بمآخذها ليتمكنوا من تقديم دفاعهم بوجهها، بحيث اذا لم تراعِ حق الدفاع يكون قرار الحل متجاوزاً لحد السلطة ومستوجباً بالتالي للإبطال، لا سيما أن المجلس الدستوري اللبناني، في قرار رقم ٣/١٩٩٥، لفت إلى أن حرمان الأفراد من حق الدفاع يعتبر ماسًا بحقّ دستوري وهو مبدأ عام يتمتع بقيمة دستورية"
وأوضح اسماعيل أن "قرارات المجلس الدستوري، وفق المادة ٣ من قانون انشاء المجلس الدستوري، ملزمة لجميع السلطات وتتمتّع بقوة القضية المحكمة، مما يعني أنه لا يجوز للسلطات الدستورية، ومنها الحكومة، أن تتخذ قرارات تخالف ما أدلى به المجلس الدستوري، بل يجب أن تعكس الإلتزام بالنص الدستوري وما يقع في منزلته من مبادئ ذي قيمة دستورية".
وأشار اسماعيل "وفق قرار مجلس شورى الدولة رقم ٢٠٣/٢٠٠٠، فإنّ مرسوم سحب العلم والخبر من جمعية يعتبر صحيحًا حينما يثبت أنها تتعاطى أعمالًا خارجة عما نصّ عليه نظامها وقرار انشائها دون أن تُعلم وزارة الداخلية عنها، مما يعني أنه يُستشف من هذا القرار بأن إعلام الجمعية لوزارة الداخلية عن أعمال تقوم بها رغم مخالفة نظامها لا يوجب الحل، وهذا الأمر ينطبق على جمعية "رسالات" الّتي أبلغت الجهات المختصة بنشاطها إن سلّمنا جدلا بمخالفة نظامها، عدا أن هناك اختلافًا جوهريًا بين أخذ العلم والترخيص"
وأضاف اسماعيل أن "قانون الجمعيات عام ١٩٠٩ وضع حظرًا على نشاطها تمحور، من خلال المادتين ٣ و١٥، على مراعاة النظام العام بمدلولاته الأربعة ( الصحة العامة - السكينة العامة - الأمن العام - الاداب العامة)، وبالتالي لا يجوز، بذريعة السكينة العامة على سبيل المثال لا الحصر، منع نشاط للجمعية بغية الوقاية من الفوضى المحتملة، لأن ذلك لا يقيّد الحريات بل يهدّدها"
وأردف اسماعيل قائلا "ما يعزّز هذا المنحى التحليلي هو أن مجلس شورى الدولة، في قرار رقم ١٣٥/٢٠٠٣، اعتبر أن سلطة الادارة في سحب العلم والخبر من الجمعيات مقيّدة بأصول واجراءات وتقتصر على ثبوت انحراف الجمعية عن الغايات الّتي أجيزت من أجلها وخروجها عن أهدافها المشروعة بغية حظر قيام الجمعيات السرية بعد ثبوت عدم مشروعية نشاطها، وبذلك يكون هذا الاجتهاد قد رسم اطارًا أو سقفًا في سحب أو عدم سحب العلم والخبر وهو تفادي الجمعية السرية، وكذلك في عدم جواز ممارسة نشاط غير مشروع"
تابع اسماعيل "الجمعيات السرية تتحقّق وفق المادتين ٦ من قانون الجمعيات و ٣٣٧ من قانون العقوبات بقيام عنصرين: أن يكون غرض الجمعية منافيًا للقانون، أن تكون الجمعية لم تُعلم السلطة بأنظمتها، وهذه فرضية لا تتحقق في المسألة المشكو منها، في حين أن العنصر الثاني، وهو عدم جواز ممارسة نشاط غير مشروع، على فرض ثبوت وقوعه بحكم مخالفة تعميم صادر عن رئيس الحكومة، فإن المشروعية تُنتهك لحظة سريان الأعمال الإدارية على الأفراد، وبما أن التعميم نُشر في الجريدة الرسمية في ٢٥ أيلول ٢٠٢٥، أيّ في اليوم الّذي جرى فيه الإحتفال المشكو منه في رحاب صخرة "الروشة"، فإن الإحتجاج بمفاعيل التعميم غير قائم الا لحظة سريانه، ذلك أن الاجتهاد استقر، على وجه ثابت وقطعي، على أن سريان الأعمال الادارية يبدأ في اليوم الّذي يلي النشر، أيّ في يوم الجمعة، ما دام أن التعميم لم يلحظ تاريخ نفاذه، مما يعني أن النشاط المشكو منه قد جرى قبل سريان مفاعيل التعميم على الأفراد"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|