الصحافة

كيف ينقذ اللبنانيّون لبنان؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لنفترض أن "حزب الله" الذي أزال الأقدام الهمجية من الجنوب عام 2000، قد هزم في الحرب الأخيرة بسبب الاختلال المروع في موازين القوى. كثيرون، حتى داخل "البيئة الحاضنة"، رأوا في تلك الحرب أكثر من خطأ تكتيكي. خطأ استراتيجي، اذا ما لاحظنا أي تداعيات للتغيير الذي حدث في سوريا على مسيرة الصراع العربي ـ الاسرائيلي الذي لم يعد له من أثر في المسار السياسي للشرق الأوسط...

بشكل أو بأخر، ما حدث ما كان ينتظره بنيامين نتنياهو الذي كان مصيره يتأرجح بين الزنزانة والمقبرة، مع قناعتنا بأنه كان يعتبر أن لبنان هو المدخل الحقيقي لتحقيق المشروع التوراتي بتغيير الشرق الأوسط، لا غزة المقفلة الأبواب، بما في ذلك البوابة المصرية، وحيث تخلت مصر عن أي دورجيوسياسي وجيوتاريخي، وكان هذا عاملاً مؤثراً في ظهور الخلل في المسار الاستراتيجي للمنطقة.

لكن "حزب الله" كان يقاتل ضد اسرائيل، وما تشكله من خطر وجودي على لبنان، ما كان اهتمام المفكر الماروني الفذ ميشال شيحا، منذ أن بدأ في نشر مقالاته، في صحيفة LE JOUR  عام 1937. من آرائه "ان قرار تقسيم فلسطين لانشاء الدولة اليهودية لمن أهم الأخطاء في السياسة المعاصرة... وليس من باب امتحان العقل اذا قلنا أن هذا الحدث االصغير سيسهم في زعزعة أسس العالم"، معتبراً "أن المقاومة العربية ليست لزاماً فحسب. انها لأمر حيوي، ولسوف تغدو مع الزمن بالنسبة الى الشرق الأدنى، من اليابسة الآسيوية الى مصر، قضية موت أو حياة حقاً وواقعاً...".

الواضح أن الاجترار المدمر لثقافة القرن التاسع عشر تمكن من أن يقلب المشهد رأساً على عقب، بظهور قادة أحزاب أو ساسة، خصوصاً داخل الطائفة المارونية، أخذوا بجاذبية الغيتو، والى حد الرهان على دور لاسرئيل في ازالة "حزب الله" من الوجود، مع تحريض اعلامي، وسياسي، وطائفي يؤدي، وعلى نحو درامي، الى زيادة التصدع الداخلي، وبالصورة التي تجعل من الحرب الأهلية الأبواب. ولطالما تمنينا أن نتمثل بما فعله الاسبان بعد الحرب الأهلية في بلادهم، وهو توقيع "ميثاق النسيان "Pacto del olvido.

دائماً التذرع بـ"الغول الايراني"، مع اقتناعنا بأنه ما من مشروع للسيطرة الأبدية على المنطقة سوى المشروع الأميركي، من المحيط والى الخليج، بل وحتى من شواطئ البحر الأحمر حتى شواطئ بحر قزوين. هذا منذ اطلاق "مبدأ ايزنهاور لملء الفراغ في الشرق الأوسط"، عام 1957، غداة غروب الأمبراطورية البريطانية والأمبراطورية الفرنسية على ضفاف السويس، وبحركة من اصبع بطل النورماندي الرئيس دوايت ايزنهاور.

منذ ذلك الحين، والأميركيون يتعاملون مع بلدان المنطقة كراقصات المعبد في خدمة الاله الأميركي، لا في خدمة الاله الهندوسي، لتوكل الى اسرائيل مهمة تدمير أي حركة قومية، أو ثورية، في المنطقة، وان كنا قد لاحظنا أن الايرانيين يعتبرون، منذ ما قبل الميلاد، أن ضفاف المتوسط هي مداهم الجيوسياسي المقدس، دون أن يتبهوا الى الخطوط الأميركية الحمراء والتي ظهرت بكل وضوح أثناء الحرب الأخيرة.

وكنا نأمل من القادة الموارنة، والطائفة تضج باصحاب الأدمغة وبأصحاب الرؤى، أن يستعيدوا فصولاً من معاناة الجنوب اللبناني، وعلى مدى عقود طويلة، من الاهمال الرهيب من الدولة، ثم من التداعيات الكارثية لذلك الاتفاق ـ الفضيحة أو الاتفاق ـ الفجيعة، أي اتفاق القاهرة لعام 1969 الذي وضع الجنوب بيد ياسر عرفات، ما شق الطريق أمام دبابات آرييل شارون، في غياب كامل للدولة، ولأي دولة عربية تمد يد المساعدة على انهاء الاحتلال ولو برصاصة واحدة...

المقاومة كانت، ولا تزال، ضرورة حياة في لبنان، وللبنان. ولكن للدفاع عن الأرض، خصوصاً بعدما لا حظنا المدى الذي بلغته الهمجية الاسرائيلية، بالدفع الايديولوجي الأعمى، على أرض غزة، وباعتبار أن "رب الجنود"، أي يهوه هو وراء كل جثة تسقط تحت الأنقاض أو تسقط في العراء، بقناعة أن اليهود هم أصحاب الحق، الحق الالهي، في ادارة الشرق الأوسط، وحتى في ادارة العالم.

هذا لم يؤثر قطعاً في رغبة قوى داخلية معينة، ومن مختلف الطوائف، في اخراج قيادات "حزب الله" من لبنان، ربما الى معتقل غوانتانامو، كما كانت تبشر شخصية سياسية معروفة، واخراج "الطائفة الحاضنة" من المعادلة اللبنانية، مع اغفال كامل لنموذج البيت الصيني الذي اذا ما سقط عمود منه سقط البيت بأكمله.

بعد تلك النكبة التي أصابت "حزب الله" في "حرب الاسناد"، بدا واضحاً من الطوفان البشري يوم الأحد، ومن التنظيم المذهل للعرض الكشفي، تحت العلم اللبناني، أن الحزب تمكن من ترميم جراحه واعادة بناء هيكليته الداخلية، وهي الأساس في أي قوة سياسية أو عسكرية. هوذا "حزب الله" أمامنا، وأمام اسرائيل، في ظروف ينتظر فيها لبنان ذلك التسونامي الديبلوماسي الأميركي والذي لا بد أن يتزامن مع الضربات العسكرية لبنيامين نتنياهو، فهل يريد دونالد ترامب أن يطأ الأرض اليباب في لبنان كما وطأ أرض غزة، بتفاؤل غامض حيال الأيام الأخرى...

الشيخ نعيم قاسم مد يده الى جميع القوى في لبنان لأن الخطر يتهدد كل لبنان، وكل اللبنانيين، لا منطقة محددة، ومحدودة منه، ولا بد من تشابك الأيدي، كل الأيدي، والقلوب، كل القلوب. أما اذا بقينا على تبعثرنا، وعلى تبعبتنا، فعلى الأرض السلام...!!

نبيه البرجي -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا