تهديد طارق مزرعاني: النضال السلمي ممنوع أيضاً
«لا تراجع عن نضالنا بوجه مشروع التهجير المرسوم لقرى المنطقة الحدودية جنوباً»، و«تجمّع أبناء القرى الجنوبية الحدودية مستمرّ». هكذا يردّ المهندس المعماري طارق مزرعاني على تهديدات العدو الإسرائيلي له ولأيّ شخصٍ يتعامل معه. ابن بلدة حولا الجنوبية الحدودية ليس بحاجةٍ إلى شواهد كثيرة للتعبير عن انتمائه إلى تلك الأرض التي اختبر مع أبناء جيله فوقها معنى الاحتلال والمقاومة.
أول من أمس، بثّت طائرات «درون»، فوق قرى قضاء النبطية، تهديداتٍ طاولت مزرعاني، وحثّت الناس على ملاحقته وطرده، واتهمته بأنه يكمل «مشروعاً تهديمياً»، في رسالة ترهيب لكل جنوبي يفكّر في النضال ضد إسرائيل ولو بالكلمة والتحرّك السلمي المدني. تهمة مزرعاني، ورفاقه من أبناء الأرض، أنّهم يواصلون الكفاح بوجه شكلٍ جديدٍ من أشكال الاحتلال. فالأرض الممنوع على أهلها العودة إليها هي أرض محتلة. والمجتمع الممنوع عليه التفكير في الاعتراض هو مجتمع محتل.
بدأت القصة منذ 8 تشرين الأول 2023، مع انطلاق حرب الإسناد، وبدء النزوح من بلدات الحافة الأمامية. قطن السكان بلدات الصف الثاني في قضاء النبطية، ليبقوا جغرافياً على مقربةٍ من بلداتهم وأراضيهم وأرزاقهم.
ومع وقف إطلاق النار في تشرين الثاني 2024، لم يتمكّن أهالي أكثر من 20 بلدة تقع على الحافة الأمامية من العودة، نتيجة استهداف العدو لكل مقوّمات الحياة في تلك المنطقة، وضرب أي عملٍ أو مشروع من شأنه أن يوحي بأن حياةً يُمكن أن تُعاش على حدود فلسطين المحتلة، من استهداف البيوت الجاهزة إلى المقاهي الصغيرة إلى آليات الجرف والحفر، إلى اغتيال مهندسين يعملون في مسح الأضرار، استشهد ثلاثة منهم حتى الآن.
ترافق ذلك، مع تنصّل الدولة بشكل كلّي من واجباتها تجاه آلاف العائلات المهجّرة من قرى الشريط الحدودي، ومع توقّف عمل الجمعيات والمنظّمات الإنسانية التي لعبت دوراً ما في المراحل السابقة. تشكّل شعور بأنّ الجميع يتصرّف وكأنّ الحرب انتهت، والحياة عادت إلى طبيعتها، باستثناء الشريط الحدودي، حيث لا مساكن ولا تعليم ولا طبابة ولا مياه ولا كهرباء... فضلاً عن المصالح الاقتصادية المُدمّرة أو المُقفلة. فكانت ولادة «تجمّع أبناء القرى الحدودية الجنوبية» الذي برز نشاطه في الأسابيع الماضية.
يعتبر مزرعاني، أنّ «التجمع وصل بنشاطه إلى مكان أزعج العدو، والتراجع يعني الرضوخ لمطالبه ومشروعه. على العكس ننتظر خطوات أكثر جدّية من الدولة والنقابات والجمعيات والأحزاب والمجتمع الأهلي والمجتمع اللبناني ككل حول التجمّع وحول القضايا المطلبية للجنوبيين وأهالي الشريط الحدودي خاصةً، بخلق ظروف أمنية أفضل تسمح للناس بالعودة، وتأمين الحد الأدنى من مقوّمات العيش ريثما يحصل الإعمار الكبير».
يقرأ مزرعاني في التهديد الإسرائيلي «أنّ مجرد التفكير في العودة إلى الأرض ممنوع ويشكل خطراً على صاحبه». ويضع مسؤولية حمايته وعائلته أمنياً على عاتق الدولة، «التي تتحمّل مسؤولية الحفاظ على الجسم الهندسي ككل، لجهة اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتوظيف علاقتها بلجنة الرقابة على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار».
في الجنوب مئات طارق مزرعاني، من أبناء الأرض المهتمّين بإعادة إعمارها، وإحياء تراثها، والمحافظة على ما تبقّى منه، طاولهم تهديد طارق. وبقدر ما يحتاج إليهم الجنوب بقدر ما تريد إسرائيل إسكات صوتهم وفكرهم الحر ونضالهم... وبالقدر نفسه، الدولة بجميع مؤسّساتها بعيدة عن هؤلاء إلا ببيانات الإدانة وكأنّ وظيفة الدولة أن تتضامن!
ندى أيوب -الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|