الصحافة

بشار الأسد ليس علوياً!!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

فاجأني صديق سوري علوي، عرف برقيه الأخلاقي عندما كان يشغل موقعاً قيادياً في حزب البعث، وبكفاءته المهنية العالية، وهو خريج احدى الجامعات الفرنسية الكبرى، بالقول ان بشار الأسد ليس علوياً، ولم يكن يوماً علوياً، فهو ولد في دمشق وترعرع فيها، دون أن تكون له أي علاقة بالبيئة العلوية، ولا ببؤسها ولا بمعاناتها وهي تواجه المستحيل ...

باختصار "منذ أن تسلم السلطة، وكان هذا الخطأ القاتل ان حيال سوريا بشكل عام، أو حيال العلويين بشكل خاص، ظهرت فيه شخصية التاجر الشامي. هذا مأ أعادني الى واقعة حدث معي أثناء حفل استقبال في فندق الميريديان الدمشقي. تقدم مني رجل ضخم، ووراءه "بودي غارد" على شاكلته، وسألني "هل انت فلان ؟". أجبت "نعم". قال "لقد خربت بيتنا". رديت بغضب "أنا لم أخرّب في حياتي بيت عصفور لأخرّب بيت فيل ؟". واذ علت أصواتنا، تقدم بعض الحضور لـ "فض الاشتباك"، لأعلم ما هي القصة.

والواقع أنني كنت قد كتبت مقالة بعنوان "التاجر الدمشقي يبيعك ابريق الماء على أنه البحر الأبيض المتوسط"، تطرقت فيه الى جدلية العلاقة بين الليبرالية الاقتصادية والليبرالية السياسية، ما حمل الرئيس حافظ الأسد، وبعد قراءة المقالة، على الامتناع عن توقيع قانون يتعلق ببعض الاجراءات الليبرالية في الاقتصاد السوري.

بالطبع لـ "التاجر الشامي" مواصفاته التي تفرضها ثقافة السوق، والتي لا تتسق، بأي حال، مع المواصفات المفترضة لرئيس الدولة، خصوصاً في بلد مثل سوريا، بالتركيبة الداخلية المعقدة وبكونه نقطة التقاطع بين لعبة الأمم ولعبة القبائل. بشار الأسد، بالشخصية الهشة، وحتى الفارغة، ترك الاقتصاد السوري بين أشداق الذئاب، وقد عاثوا به فساداً ليصل بالبلاد الى حالة الاحتقان، ومن ثم الانفجار، غطاؤه الوحيد موقفه ضد اسرائيل، ولكن ما جدوى ذلك، وحين كانت تشاهد، بالعين المجردة، الدولة وهي تتآكل من الداخل. لتدق، بتلك الصورة الدراماتيكية، ساعة التغيير، ولكن أي تغيير ؟

الصديق السوري العلوي الذي رأى في حزب البعث، الظاهرة القومية، والتاريخية، التي تليق بسوريا بالذات، وبالطبع قبل أن يصاب العديد من قادته بعدوى الزبائنية، والوصولية، التي أدت الى خلل في الجوهر الايديولوجي للحزب، استهجن بشدة كيف لم يصدر أي صوت منه يندد، أو على الأقل يعترض على المذابح التي حلت بالعلويين، على يد تلك العناكب البشرية التي تبدو وقد خرجت، للتو، من قبورها، وهم، أي العلويون الذي لا دور لهم لا في ادارة الأسد. ولا في اطلاقه العنان لأجهزة الاستخبارات التي كانت المواخير الليلية هي سبيلهم لحماية أمن الوطن وأمن المواطنين.

الصديق العلوي السوري رأى أن لا منطقة أكثر من مناطق العلويين أهملت تنموياً وبشرياً، ما أحدث ردة الفعل، لدى أصحاب الوجوه المتعبة، والأيدي المشققة، ليركزوا، بالكفاف، وبأقل من الكفاف، على تعليم أولادهم، لتبرز بينهم نخب بالثقافة المميزة، وبالاختصاصات التي تحتاجها البلاد لتغدو "نمر الغرب الآسيوي"، كما ورد في صحيفة "الايكونوميست" البريطانية.

قال ان بشار الاسد "لم يكتف بتهميشنا، سياسياً واقتصادياً، بل انه خاننا عندما لاذ بالفرار، ليتركنا بين أيدي الجلادين الذين ذبحوا الأطفال في أحضان أمهاتهم، وألقوا بجثث الشباب أمام أبواب منازلهم، وحيث بكاء الثكالى وصل الى أذني الله".

سوريا الآن أمام مشهد مختلف. لكأننا نتابع احدى مسرحيات صمويل بيكيت، وفلسفة اللامعقول. من يصدق أن أبو محمد الجولاني، زعيم "جبهة النصرة"، وقد تحولت الى "هيئة تحرير الشام"، وتحول هو الى "أحمد الشرع" يخرج من كهفه في تورا بورا، بكل مواصفات رئيس الدولة وحتى بربطة العنق الزاهية، ويجالس الرئيس الأميركي "الأعظم" دونالد ترامب في قصر اليمامة، وبحضور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، كما في الكرملين، حيث حديث الند للند مع القيصر، لتبدو القاعدة الجوية في حميميم والقاعدة البحرية في طرطوس كرهينتين في قبضة الرئيس السوري!

ولكن ماذا فعلت القاعدتان، وبالمنظومات الأكثر تطوراً، لحماية الأجواء السورية، والمياه السورية، من الانتهاكات الاسرائيلية اليومية. بدا أنها هناك فقط لحماية النظام، قبل أن يتبين، وعلى الطريقة الأميركية، أنها لحماية المصالح الروسية فقط ..

ماذا عن وضع العلويين الذين لا غطاء اقليميا ولا دولياً لهم كما الطوائف الأخرى ؟ لا منطق على الاطلاق في ابقاء طائفة بالملايين، خارج المعادلة السياسية، وحتى الدستورية، للبلاد، لنسمع من أحد قادة الفصائل بـ "أننا لن نترك علوياً واحداً على هذه الأرض" بعدما رأى فيهم ابن تيمية "الأشد كفراً من اليهود والنصارى". لكننا نرى كيف أن دونالد ترامب، وهو يدعونا، ونمتثل لدعوته، بالاستعاضة عن الطواف حول الكعبة بالطواف حول الهيكل، كسبيل وحيد لبقائنا فقط ككائنات بشرية تدب على الأرض، وكتماثيل الملح على عروشنا.

يا صديقي السوري العلوي، بالشخصية المميزة، كلنا نرقص حول جثثنا مثلما ترقص القابئل البدائية، على وقع موسيقى التام تام، حول كومة الحطب. نحن كومة الحطب !!

نبيه البرجي -الديار

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا