المجتمع

أرقام مدمني المهدئات تثير الرعب!... اليكم التفاصيل

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

مما لا شك فيه أن الأزمات المتلاحقة التي يعيشها لبنان منذ نحو خمس سنوات انعكست بشكل واضح على الحالة النفسية للمواطنين، إذ بات القلق والخوف جزءا من حياتهم اليومية، ما دفع عددا كبيرا منهم إلى اللجوء إلى أدوية مهدئة للأعصاب. والمخيف في الأمر أن ما يزيد عن 125 ألف لبناني يتناولون هذه الأدوية، لكن بحسب معلومات "الديار"، فإن عدد الذين يحصلون على المهدئات بطريقة غير رسمية، ودون وصفة طبية أكبر بكثير، ويتم ذلك عن طريق بعض الصيدليات التي توفر هذه العقاقير عند الطلب، وهو ما يشكل خطرا كبيرا على الصحة النفسية والجسدية على المدى الطويل.

والجدير بالذكر أن 10 تشرين الأول من كل عام يصادف اليوم العالمي للصحة النفسية، وهو مناسبة تبرز أهمية العناية بالعقل والمشاعر النفسية، التي لا تقل أهمية عن العناية بالجسد أو أي قضية صحية أخرى. في ظل التحديات الراهنة، تصبح الحاجة إلى دعم نفسي متكامل واستراتيجيات بديلة وآمنة أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، لضمان قدرة المجتمع على مواجهة الضغوط والتوترات المستمرة.

ومن هذا المنطلق، فتحت "الديار" هذا الملف اليوم نظرا لأهمية القضية، بعد تسجيل حالات انتحار بين القاصرين خلال الشهر الماضي، ضحية في جونيه والثانية في مركز الوروار حيث كان القاصر محتجزا، وتشير التقارير إلى أن هؤلاء كانوا يعانون من مشاكل نفسية حادة. ويكشف هذا الموضوع الحاجة الملحة إلى تسليط الضوء على الصحة النفسية لجميع الفئات العمرية، من مراهقين إلى كبار وصغار، حيث يعاني المجتمع اللبناني من ضغوط نفسية متزايدة نتيجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية والأمنية المستمرة. ومن هنا، تعد التوعية والدعم النفسي أولوية عاجلة للحفاظ على سلامة الأجيال القادمة.

بلاسم الأعصاب تجذب جميع الأعمار

على المستوى الطبي، يكشف الصيدلي علي خليل لـ "الديار" أن: "هناك إقبالا متزايداً على أدوية مهدئات الأعصاب في ظل الأوضاع الاقتصادية والأمنية الصعبة الراهنة في البلاد. وعلى الرغم من ان المشكلة ليست جديدة، لكنها تتفاقم مع استمرار الأزمات، ويواجه بعض المرضى صعوبة في الحصول على الوصفات الطبية الشرعية، كون هذه الأدوية لا تُصرف إلا بوصفة من طبيب أعصاب أو نفساني".

ويؤكد أن: "الصيادلة يحاولون دعم المرضى، لكنهم في الوقت نفسه يلتزمون بالقوانين لتجنب حدوث الإدمان، في ظل غياب التعاون الكافي من نقابة الأطباء في تسهيل شؤون المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية. لذا، تواجه المؤسسات الدوائية صعوبات حتى مع الفئات العمرية الصغيرة".

ويوضح أن: "معدل الطلب تضاعف بأكثر من 100%، فبينما كانت وصفات الأطباء تصل إلى نحو 10 علب يوميا سابقا، أصبحت الآن تتراوح بين 30 و40 علبة، الأمر الذي يجعل الظاهرة تشمل جميع الأعمار. ويناشد الجهات المعنية ان تتدخل من اجل تنظيم هذا القطاع، لأن الصيدلي وحده لا يستطيع هيكلة المجال وسط ضغوطات كبيرة تصل أحيانا إلى الشتائم من المرضى".

وينوه خليل في ختام حديثه الى: "ان معظم المرضى لديهم ارتفاع ضغط الدم، مما يدل على ان هذا المرض مرتبط بتفاقم المشكلات العائلية والاجتماعية والاقتصادية، مطالبا بتقديم دعم شامل لجميع الفئات العمرية، بما في ذلك الأطفال، مع الأخذ في الاعتبار الإقبال المتزايد على العقاقير النفسية".

تداعيات الأزمة النفسية

على الصعيد النفسي، تقول الاختصاصية الاجتماعية والنفسية الدكتورة غنوة يونس لـ "الديار": "ان حالة التهافت على شراء المهدئات وأدوية الأعصاب أصبحت من أبرز الظواهر التي تكشفت في السنوات الاخيرة. بناء على ما تقدم، يدفع القلق المتواصل وعدم الشعور بالاستقرار الكثيرين إلى البحث عن وسائل سريعة لتخفيف المعاناة، لكن اللجوء إلى هذه الأدوية قد يشكل تحديا طويل المدى إذا لم يتم تحت إشراف طبي دقيق".

وتشرح: "ان المهدئات، مثل البنزوديازيبينات وأدوية الأعصاب الأخرى، تعمل على تهدئة الجهاز العصبي وتقليل الألم النفسي، ما يجعلها خيارا مغريا لمن يعانون من اضطرابات القلق أو نوبات الهلع، خصوصا في الأوضاع الراهنة حيث تؤمن لهم راحة مؤقتة".

ومع ذلك، توصي: "بعدم تناول هذه الانواع لفترات طويلة، لان اخذها قد يؤدي إلى تداعيات سلبية خطرة، إذ إنها ليست حلا نهائيا للمشكلات النفسية، بل وسيلة لتخفيف الأعراض مؤقتا. ومع مرور الوقت، قد يصبح الفرد متكلاً عليها جسديا ونفسيا، مما يزيد خطر الإدمان وصعوبة التخلص منه".

البدائل الصحية لتخفيف الضغوط النفسية

عوضا عن ذلك، تشدد يونس على: "ضرورة توجيه الأفراد نحو علاجات نفسية آمنة ومستدامة تساعدهم على التعامل مع التوتر والخوف بعيدا عن الاعتماد على المهدئات. من بين هذه الخيارات:

1. العلاج النفسي والدعم المتخصص: تُعد الجلسات مع الأخصائيين وسيلة فعّالة لمواجهة المشاعر العميقة المرتبطة بالظروف الصعبة سواء كانت حالية او سابقة، حيث يوفر العلاج المعرفي السلوكي أدوات للتكيف مع الضغوط النفسية بشكل فعّال ومستدام.

2. تمارين الاسترخاء: يمكن لممارسات بسيطة مثل التنفس العميق أو الاسترخاء التدريجي للعضلات أن تهدئ الجهاز العصبي بطرق طبيعية وآمنة، وتخفف من حدة التوتر اليومي.

3. المساندة الاجتماعية والعائلية: يلعب التواصل مع الأسرة والمجتمع دورا كبيرا في تخفيف الضغوط النفسية، حيث يقلّل الشعور بالعزلة ويتيح مساحة للتعبير عن المشاعر والمشاركة في التصدي للعقبات.

4. تنظيم الوقت والروتين اليومي: إعادة هيكلة اليوم وإدراج أنشطة منتظمة، مثل النوم، الوجبات، والتواصل مع الآخرين، توفر استقرارا نفسيا مهما، وتساعد على الحد من شعور الفوضى والقلق المتواصل.

الدواء آخر خطوة والتجربة أكبر برهان

من جهتها، تقول السيدة هنادي، وهي أم لطفلة وتعاني من اضطرابات نتيجة مشكلات عائلية: "مع الانتشار المتزايد لأدوية المهدئات بين مختلف الفئات العمرية في لبنان، بات من الضروري أن تتبنى وزارة الصحة برنامجا شاملا لدعم الصحة النفسية، وترشيد صرف هذه العقاقير لمن يحمل وصفة طبية فقط، وليس بطريقة ملتوية كما حدث معي". وتكشف لـ "الديار": "تورطت في تناولها بشكل يومي، أحيانا مرتين أو أكثر، وأصبحت لا أستطيع الاستغناء عنها".

وتضيف: "أشعر بالألم عندما أجد نفسي غير قادرة على إكمال يومي دون اللجوء إلى حبوب مهدئة. لذلك، من الضروري أن توجّه الجهات المعنية المواطنين نحو بدائل صحية آمنة، مثل العلاج النفسي المتخصص، والانخراط في جلسات الدعم الاجتماعي، لتعزيز القدرة على التكيف مع الضغوط النفسية دون الافراط في استعمال العقاقير".

كما تشدد على "أهمية تكثيف حملات التوعية حول مخاطر الاعتماد الدوائي طويل المدى، وتسهيل الوصول إلى المعالجين النفسيين والاجتماعيين في جميع المناطق، لضمان حماية المجتمع من الإدمان النفسي والجسدي وتعزيز ثقافة الصحة النفسية المستدامة".

ندى عبد الرزاق - "الديار"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا