لبنان ما بعد اتفاق غزة.. العين على تسليم السلاح والمرحلة المستقبلية
"شروط صندوق النقد تتشدد"... قانون الإصلاح المصرفي إلى نقطة الصفر؟
أقصى ما يمكن أن يحصل عليه وزير المالية ياسين جابر في زيارته إلى واشنطن للقاء البنك وصندوق النقد الدوليين هو مساهمات مالية لإعادة الإعمار، يطمح أن تصل إلى مليار دولار. إلا أن مهمته الأساسية تبقى استمرار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي تبدو متعثّرة لأربعة أسباب رئيسية.
-أولًا، بطء إنجاز الإصلاحات التي تسير كالسلاحف، بل إن بعض الملفات عادت إلى نقطة الصفر، وأبرزها قانون الإصلاح المصرفي الذي سجل عليه الصندوق جملة ملاحظات قد تعيده إلى المناقشات الأولية من جديد.
-ثانيًا، اعتراض شريحة واسعة من النخبة الاقتصادية والسياسية والخبراء في المجالين الاقتصادي والاجتماعي على تدخل صندوق النقد الدولي في كل شاردة وواردة من الشؤون اللبنانية، ما تسبب بنقمة واضحة عليه. وقد تجلى ذلك خلال وجود وفد الصندوق في بيروت في أيلول الماضي حين اعترض على بعض البنود الواردة في قانون الإصلاح المصرفي، منتقدًا الدور الذي يلعبه القطاع المصرفي اللبناني ومفضلًا عدم إشراكه في التفاعل مع هذا القانون. كما أن رؤيته المالية والاقتصادية لا تزال متعارضة مع رؤية الحكومة اللبنانية، سواء في ما يخص صلابة القطاع المالي أو خطة تحقيق التوازن دون المساس بأموال المودعين، أو في ما يتعلق بتحقيق المزيد من الإصلاحات في موازنة عام 2026، إلى جانب ملفات لم تُبحث بعد مثل إصلاح القطاع العام وتعزيز الشفافية فيه.
-ثالثًا، وجود أكثر من جهة ومسؤول يتعاطى بملف صندوق النقد الدولي، ما أدى إلى تشتت الموقف اللبناني وإلى تصلّب الصندوق في فرض شروطه. ففي واشنطن هناك وزير المالية ووزير الاقتصاد والتجارة وحاكم مصرف لبنان وبعض نوابه ورئيس لجنة الرقابة على المصارف ورؤساء لجان المال والاقتصاد النيابيتين وعدد من المستشارين، ما يجعل المفاوضات تفتقر إلى التنسيق والاتساق.
-رابعًا، عدم اقتناع بعض المسؤولين اللبنانيين بالدور الذي يؤديه صندوق النقد الدولي، خصوصًا بعد تصريح المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس إلى لبنان، التي قالت إنه يمكن الاستعاضة عن الصندوق بالمساهمات والاستثمارات الخارجية التي قد ترد إلى لبنان.
وذكر المكتب الإعلامي لوزير المالية أن الوزير قدّم خطة مالية متوسطة الأجل لصندوق النقد الدولي، تمثل خطوة إيجابية في مسار التفاوض، ويجري العمل على تطويرها. وتركزت المحادثات مع كبار مسؤولي الصندوق على إعادة هيكلة المصارف وتوحيد وجهات النظر حول النقاط العالقة بين الصندوق والدولة اللبنانية، إضافة إلى برنامج المساعدة التقنية الذي يشمل إصلاحات ضريبية وجمركية وإدارية، وبناء القدرات في وزارة المالية.
في المقابل، انتقدت مصادر مصرفية مطلعة تدخل صندوق النقد الدولي في كل تفاصيل الشأنين الاقتصادي والمصرفي، خصوصًا ما يتعلق بقانون الإصلاح المصرفي، إذ اعترض الصندوق على عدد من المواد ولا سيما تلك التي تخص مشاركة القطاع المصرفي في قرارات المعالجة والتنظيم. فقد رفض الصندوق، بحسب المصادر، مشاركة رئيس المؤسسة الوطنية لضمان الودائع في الهيئة المصرفية العليا، كما رفض منح المصارف حق الاعتراض على القرارات المتخذة، وطالب بتعديل هذه البنود وغيرها.
وأضافت المصادر أن صندوق النقد لا يحق له التعامل مع الأزمة وكأنها تخص مصرفًا معينًا، إذ إن ما يواجهه لبنان هو أزمة نظامية شاملة تتطلب مقاربة مختلفة. فالقانون اللبناني يميز بين الأزمة النظامية وبين حالات الإفلاس الفردية، غير أن الصندوق يصر على أن الأزمة المصرفية في لبنان غير نظامية ويجب التعامل معها كما يتم التعامل مع أي مصرف مفلس، وهو ما تعتبره المصادر خطأ فادحًا. فالتعاطي مع الأزمة بهذه الطريقة يعني عمليًا تصفية القطاع المصرفي، أي تصفية الاقتصاد الوطني.
وترى المصادر أنه في حال كانت الأزمة أزمة إفلاس مصرفي محدد، فالإجراء الطبيعي هو التصفية، أما في الوضع الحالي، حيث الأزمة نظامية تشمل القطاع برمته، فإن هذا الخيار غير ممكن. جوهر الخلاف اليوم يتمحور حول هذه النقطة تحديدًا، إذ إن الفجوة المالية الفعلية تتركز في مصرف لبنان، ولا يمكن اعتبار أمواله الخاصة أموالًا قابلة للحفظ.
جوزف فرح- الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|