هل يعود لبنان بـ"خُفَيّ حُنَين" من اجتماعات الخريف؟!
"نرحّب باتفاق السلام في غزة الذي سيجلب الاستقرار الاقتصادي والسياسي للمنطقة" الكلام لمسؤول في صندوق النقد الدولي على هامش اجتماعات الخريف الأخيرة في واشنطن، متلقفاً بهذا التفاؤل توقيع وثيقة السلام بين "حماس" وإسرائيل في 13 تشرين الأول الجاري في مصر.
لكن واقع الأمر يخالف هذا الرأي من الناحية السياسية... إذ إن اتفاق السلام في غزة لا يعني بالضرورة أن يحقق استقراراً سياسياً للبنان خصوصاً وللمنطقة عموماً كاليمن وإيران وغزة التي تسجل خروقات أمنية ولو محدودة، إلى جانب أحداث الضفة الغربية...
أما من الناحية الأمنية، فلا يزال لبنان تحت تأثير استهداف ناري للطيران الإسرائيلي في الجنوب والبقاع على وقع تحليق استكشافي يومي في أجواء الضاحية الجنوبية وبيروت... كل ذلك معطوف على قرار حكومي حاسم بتسليم سلاح "حزب الله" والذي لم يحصل إلى اليوم.
إذاً، حتى اللحظة لم يجلب اتفاق السلام في غزة هذا الاستقرار السياسي المأمول! فماذا عن الاستقرار الاقتصادي؟
الخبير السابق في صندوق النقد الدولي رئيس "الجمعية الاقتصادية اللبنانية" الدكتور منير راشد يقول لـ"المركزية": الاستقرار الاقتصادي يصطحب الاستقرار السياسي، وبالتالي إذا كان الأخير غير متكامل فسيكون الأول كذلك. فالاستقرار الاقتصادي يترافق مع الاستقرار السياسي خصوصاً في لبنان. ويشكّل تحقيق الإصلاحات المطلوبة، المحور الأساس للاستقرار الاقتصادي بطلب من صندوق النقد الدولي أو بدونه.
وهنا يعود راشد ويجزم بأنه "لن يحصل أي اتفاق بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي... لسبب بسيط: دين القطاع العام، دين الدولة للقطاعات الأخرى كالمصارف والقطاع الخاص ككل، بما يوازي 120 مليار دولار! هذا المبلغ لا يخوّل لبنان الاقتراض من صندوق النقد بأي شكل من الأشكال، لأن الصندوق يحتسب الناتج المحلي الإجمالي اللبناني البالغ 25 مليار دولار تقريباً. إذاً إن دين لبنان يساوي 5 أضعاف الناتج المحلي. فصندوق النقد لا يديّن أي بلد في العالم إذا كان دينه 5 أضعاف الناتج المحلي، لكنه لا يقرّ بذلك بشكل شفاف. إذ يرى أن "إعادة الهيكلة من الضرورة أن توصلنا إلى خفض الدين"، وهناك استحالة لذلك لأنه لا يمكن خفض سندات الـ"يوروبوند" كونها تابعة لقانون نيويورك، وهناك أكثر من 70% من الـ"يوروبوند" تحملها المؤسسات العالمية كـGP Morgan على سبيل المثال لا الحصر.
فالحل الوحيد الذي يمكن من خلاله خفض الدين، بحسب راشد، "يكمن في الودائع المصرفية المودَعة في البنك المركزي والتي تُعتبَر ديناً على الدولة بحسب المادة 113 من قانون النقد والتسليف، لأنه تأخّر عن الدفع... وتنصّ هذه المادة على أنه في حال لم يعد مصرف لبنان يستطيع خدمة دينه يصبح بالتالي هذا الدين عبئاً على الدولة. هذا هو الواقع الحقيقي الذي ينظر إليه صندوق النقد، "لذلك لن يكون هناك أي اتفاق بينه وبين الدولة، وكل الكلام عكس ذلك لن يكون له أي معنى... بل نذهب إلى واشنطن ونعود بـ"خُفَيّ حُنين".
ويُضيف: أما الكلام عن إنجاز الإصلاحات، فمبالَغ به. هناك أمور كثيرة يمكننا تحقيقها بعيداً عن صندوق النقد، كإصلاح قطاع الكهرباء، ترشيد الإنفاق، تحسين الجباية الضريبية، وغيرها من الإصلاحات التي لا تحتاج إلى قوانين، لكن شيئاً منها لم يحصل في ظل توسّع غير مسبوق لـ"الاقتصاد النقدي".
ويختم بالنقطة العالقة بين الحكومة وصندوق النقد، "تتعلق بنيّة الأخير شطب 90% من الودائع، مقابل الحفاظ على ودائع صغار المودِعين. هذا الأمر غير وارد على الإطلاق... ما هذا التمييز بين كبار وصغار المودعين؟! فصندوق النقد لا يميّز بين الطرفين، إنما بعثته التي تأتي إلى لبنان تريد ذلك لـ"ضيق في التفكير".
في الخلاصة، يرى راشد كلام مسؤول صندوق النقد عن الاستقرار السياسي والاقتصادي، "كلاماً ارتجالياً لا يمتّ إلى الواقع".
ميريام بلعة - المركزية
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|