تحوّلات ترامب تصدم الأوروبيين: واشنطن نحو تخلٍّ كامل عن كييف
أحمد الأسير عاد إلى عبرا.. هل تخلّت عنه الثورة السورية؟
عادت قضية الفنان فضل شاكر طرح قضية أحداث عبرا التي جرت في 23 من حزيران يونيو عام 2013، وبعيدًا عن إعادة طرح ما كان قد انتشر في الإعلام عن دور حزب الله في المعركة، وإشكالية من أطلق الرصاصة الأولى، فإنَّ الثابت أنَّ جماعة الشيخ أحمد الأسير استعادت نشاطها الدعوي والإعلامي.
صور الشيخ أحمد الأسير عادت إلى محيط مسجد بلال بن رباح، والإشراف على المسجد عاد ليكون من اختصاص جماعة الأسير وتلامذته ومحبّيه، مكتب الشيخ فتح أبوابه أمام الإعلام مجددًا بعد ترميمه، وأصبح تفنيد الوقائع التي أدّت إلى أحداث عبرا مهمة يومية من قبل المكتب الإعلامي.
مهمة لم تعد بالصعوبة نفسها قبل انكسار حزب الله عسكريًا وبعدما تبدل سلوك الأجهزة الأمنية في الجنوب، والذي كان جزئيًا تحت إشراف الثنائي الشيعي في كل ما يتعلّق بالنشاط المعارض للحزب باعتبار أنَّ الجنوب هو المربّع الأمني الكبير لمقاومة إسرائيل وأنَّ أيَّ تشويش عليه يستدعي الاستئصال لا العلاج الموضعي.
أكثر من عقد مرَّ على حادث عبرا، أنصار الاسير يطلقون عليها "المؤامرة"، أما أعداؤه فيصنّفونها بأنها إنهاء لحالة كانت تحاول قطع طريق الإمداد العسكري الهادف آنذاك إلى الاستهداف الدائم لمعركة مع العدو الإسرائيلي.
تصنيف حالة الأسير ومستقبله
أمام الجيل الجديد في الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية، وفي وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة صورة غير واضحة عن تصنيف الشيخ أحمد الأسير وحالته، ومن الجيل القديم من لديه هذه الصورة الملتبسة، وآخرهم أحد الأكاديميين المرموقين ظهر في حديث تلفزيوني يتكلم عن انتماء الأسير لتنظيم جبهة النصرة المنحلّ وهي معلومة لا أساس لها من الصحة.
لذا لا بدَّ من توضيح التصنيف المرتبط بالشيخ أحمد الأسير من الناحية التنظيمية من قبل صحافي عاش معه منذ بداية ظهوره الإعلامي الذي بدأ عبر إرسال تقارير مدفوعة الأجر لقناة عن نشاطه الدعويّ في عبرا وصيدا وخلال انتشار صيته الإعلاميّ عبر استضافته على القناة نفسها ضمن برنامج الحدث مع الزميلة نانسي السبع، ثم استضافته عبر شاشة الlbc مع الزميل مارسيل غانم في برنامج "كلام الناس".
الصحافي الذي عاش مع الأسير كل التحولات ورافقه في كل المحطات إلى أن توقف عن ذلك قبل إعلانه التسلّح العلنيّ بذريعة كسر احتكار الحزب لمقاومة إسرائيل، يؤكد أنَّ الأسير ليس مصنفًا "سلفيًا" ولا "جهاديًا" ولا منتميًا لا إلى تنظيم القاعدة ولا إلى متفرعاتها التي انتهت تنظيميًا كجبهة النصرة، ولا إلى تنظيم الدولة المكنّى "داعش".
ويقول إنَّ كثيرًا من الشبهات والشائعات المنتشرة حول تصنيف الأسير، هي بغالبيتها غير صحيحة ومن نسج تأليف إعلام محور الحزب في لبنان الذي احترف إلباس الشخصيات التي تعارضه لبوسًا ليست فيه، فمن كان من الطائفة السنيّة تجري "دعشنته"، ومن كان من الطائفة المارونية يتحوّل تلقائيًا إلى عميل إسرائيلي أو صهيوني.
إذًا أحمد الأسير مصنّف دينيًا بأنه من الجماعة التي تطلق على نفسها اسم "أهل الدعوة"، وهي جماعة مبدئياً، لا تتدخل في السياسة، لكنَّ الاسير خرق القاعدة ورأى أنَّ مواجهة هيمنة الحزب ليست في الإطار السياسيّ إنما تتعلق برفع الظلم الذي أمر به الإسلام.
ومن باب "رفع الظلم" فُتح باب تدخل الأسير في المناصرة الفعلية من خلال التحركات والاحتفالات والفعاليات المناهضة للنظام السوري في لبنان، بعدما كان التلفّظ باسم بشّار الأسد من دون كلمة الرئيس أو الدكتور من الممنوعات.
فبدأت المواجهة "المزعجة" لحزب الله الذي كان يحظى بفتح الحدود اللبنانية السورية أمامه على مصراعيها بترساناته العسكرية وصواريخه وعناصره تحت غطاء الأمن الاستباقي واتخاذ قرارات الحرب والسلم وتجاوز حدود الدول وخرق السيادة القومية التي كانت كلها امتيازات يتمتع بها الحزب في لبنان.
الحزب كان يقاتل بعناصره في سوريا، والأسير وأنصاره يواجهون الحزب و"يضايقونه" في لبنان، حتى أنَّ الاسير ذهب في زيارة إلى القصير السورية للردّ على ذهاب الحزب إلى المناطق السورية والقتال فيها، لكنَّ مشروع إسناده المعارضة السورية ولد ميْتًا لأسباب تتعلّق بالإمكانات ولعدم حاجة السوريين إلى قوة مدنية أو عسكرية عذراء كجماعة الأسير.
أسر الأسير حريّة الحزب بالتحرّك نحو الجنوب وقطع الطريق الرئيسة وتدخلت الواسطات لفتحها من أعلى المستويات، وبعث الرئيس السابق آنذاك ميشال سليمان وزير الداخلية مروان شربل كي يتوسّط ويفتحها تفاديًا لمواجهة حصلت فيما بعد.
تجاوز الخطوط الحمراء
الحالة الأسيرية كبرت وتجاوزت الخطوط الحمراء حين أعلن الشيخ الدعوي إنشاء كتائب صيداوية مسلّحة لقتال العدو الصهيوني، وهنا بدأ التسهيل الأمني له من قبل الحزب لا لدعمه، بل لإغراقه بالسلاح لأنَّ مؤامرة القضاء عليه مسلّحًا أفضل من إنهائه أعزلًا، وهذا الذي حصل. يقول الصحافي ويضيف، إنه نبهه من الأمر أكثر من مرة لكنَّ الشيخ كان "سكرانًا" بشهرته التي ذاع صيتها بين الكتائب السورية المقاتلة ضد نظام الأسد.
مقرّبون من الشيخ نصحوه مرارًا وتكرارًا بعدم الذهاب إلى الخيار المسلّح لكنَّ الخطابات النارية العلنية الرافضة للسابع من أيار، واغتيال رفيق الحريري وعمليات الاغتيال، وكشف "الهيمنة" بصوت أحمدي أسر قلوب جماهير من الطوائف اللبنانية التي لم تتصالح مع استعلاء حزب المقاومة واستكباره وحصوله على إنجاز الاستحقاقات بقوة السلاح، حتى أنَّ مسيحيين وشيعة، كما يروي الصحافي، زاروه ومنهم من قدّم له الدعم للمضيّ بحركته المتمردة على الحزب وحلفائه في صيدا وفي لبنان.
كاد الأسير أن يتحول قائدًا لكل السنّة في لبنان وباتت صوره تُعلَّق في بيروت والطريق الجديدة وطرابلس والإقليم وعكار والبقاع، ثمَّ استكمل المشوار بالتحضير لخوض الانتخابات النيابية في صيدا ورشَّح للمقعدين في المدينة شخصين، وهنا هزَّ أركان الحريرية الصيداوية المتمثلة بالنائبة بهية الحريري وأحدث التضعضع في الساحة الناصرية المتمثلة بأسامة سعد.
حصد الأسير شبه إجماع من الساحة السنية المناهضة لحزب المقاومة وحصل على إجماع كامل للسعي إلى القضاء عليه من الثنائي الشيعي وتيار المستقبل والفاعليات السنية المدنية والعلمانية، وما اتصال الزعيم السنيّ سعد الحريري بقائد العملية العسكرية على مربّع الأسير الأمني في عبرا العميد شامل روكز كما كشف الإعلامي نديم قطيش إلا للشدّ على يدي روكز بتدمير مسجد بلال بن رباح ومن فيه من أجل منح العسكر المدعوم من ميليشيات سرايا المقاومة شرعية تدمير مسجد ذي هوية سنية.
الأسير الذي خرج إلى الضوء من داخل سجنه للتعليق على سقوط النظام السوري، ثبت انتماؤه للثورة التي دعمها وهو الذي دفع ثمنها الحكم بالمؤبد والإعدام لأجلها، أعاد التواصل مع القيادة السورية.
ولكن هذا التواصل كان من جانب واحد، فالثورة تحولت دولة، والدولة السورية الجديدة مزقت دفاتر التعاون مع كل التنظيمات التي دعمتها وحتى الأفراد الذين لا يحملون الجنسية اللبنانية ما خلا المقاتلين الذين لم يخرجوا من سوريا.
الثورة السورية قدّرت الأسير لكنَّ الدولة السورية خذلته، وكما أجابت هيئة العلماء المسلمين وحظرت حزب التحرير الذي لا يعترف بالحدود أجابت من سأل عن الأسير وعن السجناء اللبنانيين، هي ليست معنية إلا بالمواطنين السوريين.
لذا عاد اليوم أنصار الأسير وحيدين وعُزَّل إلى مربعهم الأول وهو السلمية للمطالبة بالعفو عن شيخهم، الشيخ الذي برأيهم طالب بما تطالب به الغالبية البرلمانية والسياسية اليوم حصرية السلاح بيد الدولة وإعادة السيادة إليها.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|