"ضم الضفة".. كيف أشعل الكنيست المواجهة مع إدارة ترامب؟
كشفت مصادقة البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يهدف إلى ضم الضفة الغربية المحتلة، التي يعارضها العالم بما فيها الولايات المتحدة، عن تعقيدات تتعلق بتطبيق خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة، والتي تنتهي بأفق سياسي للقضية الفلسطينية.
وطرحت هذه الخطوة الأولية تساؤلات حول مصير خطة ترامب بشأن غزة والمنطقة، ومآلات "حل الدولتين" الذي بات خيارًا فلسطينيًّا وعربيًّا ودوليًّا بعد مؤتمر نيويورك الذي تسببت مخرجاته في محاصرة إسرائيل سياسيًّا.
ضغط على واشنطن
ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي أشرف عكة، أن الموافقة الأولية للكنيست على ضم الضفة الغربية تأتي في توقيت حساس، وقد تكون محاولة للضغط على الإدارة الأمريكية وتعقيد مسار اتفاق غزة، أو فرض شروط إضافية على خطة التسوية.
وقال عكة، لـ"إرم نيوز" إنّ "هذا التحرك يتعارض مع الموقف العربي الجماعي، الذي نُقل بشكل واضح لواشنطن"، مؤكداً أن أي خطوة لضم الضفة تقوض رؤية السلام وخطة ترامب، التي تستند إلى مسار إقليمي شامل، ما يجعل الضم تهديدًا مباشرًا لـ"حل الدولتين".
وأضاف أن "الإدارة الأمريكية تحاول احتواء التصعيد الإسرائيلي، لكن الواقع على الأرض يُظهر أن المؤسسات الإسرائيلية، وخاصة الكنيست، تمضي في خطوات أحادية الجانب، كان أبرزها تمرير القراءة التمهيدية لقانون ضم أجزاء من الضفة الغربية".
وتابع أن "هذه الخطوة تمثل تحديًا للإجماع الدولي، وانتهاكًا للقانون الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان، التي تؤكد أن أراضي الضفة الغربية المحتلة عام 1967 هي أراضٍ محتلة، لا يجوز ضمها أو فرض السيادة الإسرائيلية عليها".
ولفت عكة إلى أن "التحركات الإسرائيلية لضم الضفة الغربية تأتي في سياق أزمات داخلية مركبة تعصف بالحكومة الإسرائيلية، وتُستخدم كورقة داخلية لتصدير الأزمة وإعادة ترتيب المشهد السياسي".
تعميق عزلة إسرائيل
وأشار إلى أن "هذه الخطوة قد لا تؤدي إلى عزل الفلسطينيين سياسيًّا كما تأمل إسرائيل، بل على العكس، قد تعمّق من عزل إسرائيل دوليًّا، وتدفع نحو تصعيد دبلوماسي وربما ميداني، خاصة في ظل استمرار مصادرة الأراضي والاعتداءات على حقوق الفلسطينيين وممتلكاتهم".
وأضاف أن "عمليات الضم – في حال تطبيقها بشكل فعلي وواسع قد تفتح الباب أمام مواجهات مباشرة، لكن حتى الآن، لا تزال هذه الخطوة في إطار الإعلان السياسي المرتبط بحسابات داخلية إسرائيلية، وسط معارضة واضحة من المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة".
وأوضح أن "المصادقة الأولية في الكنيست على مشروع ضم الضفة الغربية تمثل خطوة تصعيدية تحمل أبعادًا سياسية داخلية، إذ يحاول نتنياهو من خلالها ترميم الائتلاف الحكومي المتصدع عبر كسب دعم اليمين المتطرف".
ويؤكد عكة أن هذا التحرك الإسرائيلي يتعارض بشكل مباشر مع خطة ترامب حول غزة والمنطقة، بل ينسف فعليًا أي حديث عن "حل الدولتين"، متسائلًا: "ماذا يتبقى من هذا الحل إذا فرضت إسرائيل سيادتها وقوانينها على أراضي الضفة المحتلة؟".
واستدرك أن "هذه الخطوة التشريعية الأحادية تعكس رفضًا واضحًا من البرلمان الإسرائيلي لأي مسار سياسي تفاوضي مع الفلسطينيين، ما يضع إدارة ترامب في مأزق سياسي، ويهدد بإغلاق نافذة التسوية، بل ويفتح الباب أمام مواجهة جديدة مع الفلسطينيين، وسط مخاطر بتصعيد ميداني ودبلوماسي في آنٍ معًا".
إفشال خطة ترامب
بدوره، قال المحلل في الشأن الإسرائيلي محمد هواش، إن "تصويت الكنيست على ضم الضفة الغربية لا يُعد مؤثرًا مباشرًا على خطة ترامب الخاصة بقطاع غزة، لكنه يُعد مؤشرًا واضحًا على وجود قوى داخل إسرائيل تعارض استمرار وقف إطلاق النار، وتسعى لإفشال أي خطة دولية بشأن غزة".
وأضاف، لـ"إرم نيوز"، أن "بعض الجهات في إسرائيل ترغب بأن يكون اليوم التالي في قطاع غزة بيد إسرائيل، ما ينسجم مع مشروع الاحتلال الكامل للقطاع واستكمال سياسة التهجير".
وأشار إلى أن هذا التوجه يصطدم حاليًّا بتوازنات دقيقة داخل إسرائيل، حيث لا تستطيع الحكومة الوقوف في وجه الضغط الأمريكي الذي يرسم الخطوط العريضة لسياسة إسرائيل الخارجية والإقليمية.
وأكمل أن "الحكومة الإسرائيلية نفسها لم تصوّت لصالح مشروع قانون الضم، حيث امتنع حزب الليكود عن دعمه رغم أنه لا يزال في قراءته التمهيدية"، مؤكدًا وجود توجّه داخل الحكومة لسحب أو إلغاء القانون لاحقًا عبر لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست.
تجريد الفلسيطنيين من حقوقهم
وبيّن هواش أن "أي خطوة إسرائيلية نحو ضم الضفة الغربية تُنهي عمليًّا خيار حل الدولتين، وتعبّر عن موقف واضح بأن إسرائيل لا ترغب في الوصول إلى أي تسوية مع الفلسطينيين، ولا تعترف أصلًا بحقوقهم الوطنية أو القومية".
واعتبر أن الضم يعني تجريد الفلسطينيين من أي إمكانية لإقامة دولة أو كيان سياسي مستقل، ما يتعارض تمامًا مع الجهود العربية والدولية الرامية لتفكيك الصراع.
وتابع أن "هذا التوجه يتناقض أيضًا مع المصالح الاستراتيجية الواسعة للولايات المتحدة في المنطقة، خاصة في ظل الشراكات الجديدة بين واشنطن وعدة دول عربية"، مؤكدًا أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضمن رؤيته وخطته للمنطقة لن يسمح لإسرائيل بتخريب تلك المصالح.
وأشار هواش إلى أن الإدارة الأمريكية، ضمن إطار خطة ترامب، تسعى للإبقاء على هدنة طويلة الأمد ومناخ يسمح بالعودة إلى مسار سياسي، يفضي في النهاية إلى إنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وقال إن "موافقة الكنيست الإسرائيلي على ضم الضفة الغربية تعني فشلًا كاملاً لخطة ترامب، مضيفًا أن هذا الفشل قد يؤدي إلى تصعيد عسكري جديد وتوتر متزايد في المنطقة".
وأشار إلى أن هذه الخطوة تُعتبر استفزازًا مباشرًا للرئيس ترامب، الذي صرح بوضوح أنه لن يسمح لأي جهة في إسرائيل، بما في ذلك الحكومة أو المتطرفين، بتنفيذ ضم الضفة الغربية.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|