استعراض نووي.. صاروخ روسيا الجديد يثير مخاوف الغرب من تأجيج سباق التسلح
قال خبراء سياسيون فرنسيون إن روسيا تسعى عبر إعلانها عن صاروخها الجديد “بوريڤيستنيك” إلى إرسال رسالة استراتيجية مزدوجة للولايات المتحدة وحلف الناتو، في وقت يتصاعد فيه التوتر حول تمديد معاهدة "نيو ستارت" النووية التي تنتهي مطلع العام المقبل.
وعرضت موسكو، الأحد، تجربة إطلاق ناجحة لصاروخ كروز يعمل بالتحضير النووي، تحت اسم (طائر العاصفة)، كما صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن “الاختبارات الفاصلة انتهت” وأمر ببدء تجهيز البُنى التحتية لدمج السلاح ضمن القوات المسلحة الروسية.
وفي خطاب متلفز، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده نجحت في اختبار صاروخ كروز يعمل بالدفع النووي، مؤكدًا أنّ "الاختبارات النهائية أُنجزت بنجاح" وأن الجيش الروسي بدأ فعلاً الاستعداد لتجهيز البنى التحتية اللازمة لإدخاله الخدمة.
الصاروخ الذي يحمل اسم "بوريڤيستنيك"، أو "طائر العاصفة"، يوصف بأنه صاحب مدى غير محدود وقادر على حمل رأس نووي، بحسب محطة "فرانس إنفو" التلفزيونية الفرنسية.
ووفقاً لهيئة الأركان الروسية، فإن التجربة الأخيرة التي جرت في 21 أكتوبر استمرت 15 ساعة كاملة، وقطع خلالها الصاروخ أكثر من 14 ألف كيلومتر، ما يجعله من أخطر الأسلحة الهجومية التي طوّرتها موسكو في السنوات الأخيرة.
ويشير مراقبون إلى أن الإعلان الروسي يأتي في لحظة سياسية دقيقة، بعد أن ألغيت القمة المقررة بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، وفي ظل عقوبات أمريكية جديدة على قطاع الطاقة الروسي.
سلاح يربك موازين القوى
وتؤكد موسكو أن الصاروخ الجديد لا يمكن اعتراضه بوسائل الدفاع الجوي التقليدية، لأنه قادر على التحليق لفترات طويلة وتغيير مساره بشكل غير متوقع. لكن خبراء غربيين وصفوه بـ"تشرنوبل الطائر"، نظراً إلى المخاطر الإشعاعية المحتملة من محركه النووي في حال حدوث أي خلل أثناء التشغيل أو الإطلاق.
الصاروخ الذي يبلغ طوله 12 متراً قد يشكّل تهديداً استراتيجياً طويل المدى، خاصة أنه يندرج ضمن مشروع روسي لتحديث الترسانة النووية، إلى جانب الصواريخ الفرط صوتية "كينجال" و"أفانغارد".
رسالة ضغط نووية
وقال الباحث الفرنسي في العلاقات الأوروبية والدفاعية، جيروم بليتريه، الباحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس لـ"إرم نيوز"، "إن إعلان موسكو عن نجاح تجربة هذا الصاروخ هو عمل سياسي بامتياز أكثر منه إنجازًا عسكريًا".
وأضاف أن روسيا تُدرك أن الاقتصاد الغربي متفوق تقنياً، لكنها تراهن على رمزية القوة النووية لفرض توازن جديد في الردع. إنها تحاول أن تقول لواشنطن: نحن ما زلنا هنا، ولدينا ما يمكنه تجاوز حدود المعاهدات".
وأوضح بليتريه أن هذا التطور "يأتي في لحظة حساسة من العلاقات الدولية، حيث ينهار النظام الأمني الأوروبي القديم القائم على الردع المتبادل، ما يفتح الباب أمام سباق تسلح جديد يشبه أجواء الحرب الباردة".
وأضاف الخبير الفرنسي أن "إدخال الدفع النووي في صاروخ كروز ليس بالأمر السهل أو المستقر تقنياً، ما يعني أن موسكو تحاول استثمار الإعلان أكثر من الفعل نفسه لإثبات قدرتها على كسر الهيمنة الأمريكية".
أما الخبيرة الفرنسية في الشؤون الأوروبية والأمن الإستراتيجي الباحثة الفرنسية آليس بانيه مسؤولة برنامج "جيوسياسة التكنولوجيا" في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية فقالت في تصريحاتها لـ" إرم نيوز " إن روسيا توجه من خلال هذا الصاروخ رسالة مباشرة للاتحاد الأوروبي مفادها بأن أمن القارة بات رهينة التوازنات النووية بين واشنطن وموسكو. الاتحاد الأوروبي لا يمتلك ترسانة ردع كافية، لذلك سيجد نفسه في موقف دفاعي بالكامل.
وأضافت بانيه أن الإعلان "يهدف إلى اختبار وحدة الموقف الغربي، خصوصًا بين واشنطن والعواصم الأوروبية، بعد الخلافات التي ظهرت بشأن العقوبات على النفط الروسي ودعم أوكرانيا".
ورأت أن هذه ليست مجرد تجربة صاروخية، بل عرض قوة دبلوماسية مغلف بالنووي، هدفه تثبيت موقع روسيا كقوة عالمية لا يمكن تجاوزها في أي مفاوضات قادمة حول الأمن الأوروبي.
بينما تؤكد موسكو أن “بوريڤيستنيك” هو رمز لتفوقها التكنولوجي والعسكري، يرى المراقبون أنه أداة ضغط سياسي تهدف لإعادة رسم ميزان الردع النووي، وإجبار الغرب على التفاوض بشروط جديدة.
ومع اقتراب انتهاء معاهدة “نيو ستارت”، يبدو أن العالم يدخل مرحلة جديدة من سباق التسلح النووي، في مشهد يعيد إلى الأذهان أجواء الحرب الباردة ولكن بأسلحة أشد فتكًا وأكثر غموضًا.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|