المجتمع

"تحسباً لطارئ أمني".. مدارس لبنانية تدرّب الطلاب على الإخلاء

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

إستعدادًا لأيّ طارئٍ أمنيٍّ محتمل، بدأت مدارس في لبنان تعتمد خطط إخلاءٍ تفصيليّة وتعمّمها على الأهالي، في إطار إجراءاتٍ وصفت بأنّها "استباقيّة ووقائيّة" لحماية التلاميذ في حال وقوع تطوّرٍ ميدانيٍّ مفاجئ أو تهديدٍ مباشرٍ للسّلامة العامّة.

وفي هذا السّياق، عمّمت مدرسة "الإخوة الجديدة - المريجة" (الفرير) تذكيرًا بخطّة الطّوارئ الخاصّة بها على أولياء الأمور، مؤكّدةً أنّ الهدف هو "ضمان سلامة التلاميذ وإدارة أيّ حالةٍ استثنائيّة بأعلى قدرٍ من التّنظيم والهدوء". وتتضمّن الخطّة أربع خطواتٍ أساسيّة، مرقّمة وواضحة، تفعّل فور إعلان حالة الطّوارئ:

أوّلًا، "إبلاغ أولياء الأمور عبر تطبيق e-school لاستلام أولادهم فورًا"، بما يسمح للأهالي بالوصول إلى المدرسة سريعًا، بدل انتظار آليّات النّقل.

ثانيًا، "إقفال بوّابات المدرسة ومنع خروج أيّ تلميذٍ إلّا بوجود أحد ذويه"، حرصًا على عدم تشتّت التلاميذ أو تعرّضهم لمخاطر في الخارج.

ثالثًا، "تعليق عمل باصّات النّقل المدرسيّ إلى حين زوال الخطر"، في إشارةٍ إلى أنّ أيّ انتقالٍ جماعيٍّ يعدّ مخاطرةً إذا كانت الطّرق غير آمنة.

رابعًا، "توزيع التلاميذ على أماكن آمنةٍ داخل حرم المدرسة، تحت إشراف المعلّمين، وفق الأقسام التّعليميّة"، بما يتيح حمايتهم جسديًّا وتطمينهم نفسيًّا في آنٍ معًا.

وبحسب ما أبلغته المدرسة للأهالي، فإنّ هذه الإجراءات ليست مجرّد بنودٍ مكتوبة، بل جزءٌ من بروتوكول عملٍ متكامل يشرح للتلاميذ بشكلٍ تدريجيٍّ وملائمٍ لأعمارهم، "لإشراكهم عن كثبٍ بما يعتمل في المشهد اللّبنانيّ والإقليميّ، وتحضيرهم لأيّ طارئ، في إطار حملةٍ توعويّةٍ تهدف إلى جعلهم يعرفون ماذا يفعلون بدل أن يخافوا".

بين السّياق اللّبنانيّ... وتجارب العالم

يأتي هذا النّوع من الخطط في بلدٍ عاش، على امتداد عقود، توتّراتٍ أمنيّة وحدوديّة، وحالات قصفٍ متقطّعة في الجنوب، إلى جانب أزماتٍ داخليّة وطوارئ مثل انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، الّذي أعاد طرح سؤالٍ أساسيٍّ في الوعي العام: من يحمي الأطفال لحظة وقوع الحدث، وكيف تدار الدّقائق الأولى بعد الخطر؟ هذه الخلفيّة جعلت جزءًا من المؤسّسات التّربويّة في لبنان يتعاطى مع السّلامة المدرسيّة كجزءٍ من الأمن الوطنيّ الاجتماعيّ، لا كإجراءٍ بروتوكوليّ ثانويّ.

وتشدّد إدارات المدارس الّتي بدأت تطبيق هذه الخطط على أنّ المسألة لم تعد محصورةً بـ"إقفال المدرسة" أو "إرسال رسائل طمأنة بعد وقوع الحادث"، بل باتت تقوم على تدريبٍ مسبق: من يرافق كلّ مجموعةٍ من التلاميذ؟ في أيّ غرفةٍ آمنة يجتمعون؟ من يملك لواحق الأسماء؟ كيف تنسّق عمليّة تسليم الأولاد إلى ذويهم من دون فوضى أو هلعٍ أمام البوّابة؟

هذه المقاربة تضع المدرسة في موقع "الخليّة المنظّمة" خلال الأزمة، بدل أن تتحوّل هي نفسها إلى مكانٍ غير منضبط يزيد المخاطر.

وعلى المستوى العالميّ، باتت خطط الإخلاء المدرسيّ جزءًا ثابتًا من ثقافة السّلامة العامّة، ولا سيّما في البلاد الّتي تشهد تهديداتٍ أمنيّة، نزاعاتٍ مسلّحة، كوارث طبيعيّة، أو حتّى عنفًا مسلّحًا داخل الحرم التّعليميّة. في الولايات المتّحدة مثلًا، تجرى تدريباتٌ دوريّة في المدارس على سيناريوهات إخلاءٍ أو "الاحتماء في المكان"، للتّعامل مع حوادث إطلاق نارٍ محتملة. وفي اليابان، يخضع التلاميذ، منذ الصّفوف الأولى، لتدريباتٍ زلزاليّةٍ دوريّة تحاكي لحظة وقوع الهزّة الأرضيّة وكيفيّة الانتقال من الصّفّ إلى نقطة التّجمّع الآمنة خلال ثوانٍ. هذه الثّقافة الوقائيّة لا تقاس فقط بمدى جهوزيّة البناء، بل أيضًا بمدى وعي التّلميذ لدوره ومسؤوليّته في حفظ سلامته وسلامة من حوله
ما تحاول بعض المدارس اللّبنانيّة القيام به اليوم يندرج في هذا الاتّجاه نفسه، أي الانتقال من ردّ الفعل بعد وقوع الخطر، إلى إدارةٍ منظّمةٍ للخطر قبل وقوعه، وإشراك الأهل كمكوّنٍ مباشرٍ في الخطّة، لا كمتلقّين قلقين للخبر من الخارج.

أبعد من رسالة طمأنة

تظهر الخطط الّتي وضعت وقامت إداراتٌ بتعميمها أنّ المدرسة لم تعد فقط مكانًا للتّعليم، بل أيضًا بنية حمايةٍ اجتماعيّة في حالات الاضطراب. وهذا يضع على المؤسّسات التّربويّة مسؤوليّتين متوازيتين: تهدئة الهلع عند الأهل، وخلق انضباطٍ عند الأولاد.

وفي ضوء ارتفاع القلق الشّعبيّ من تجدّد التّوتّرات الحدوديّة وتوسّعها، تتعامل إدارات المدارس مع سيناريو "الطّارئ الأمنيّ" كاحتمالٍ واقعيّ، لا كاستثناءٍ نظريّ. لذلك، تقدّم هذه الخطط للأهالي ليس بهدف بثّ الذّعر، بل بهدف القول إنّ آليّة الحماية موجودة، ومجرّبة على الورق، وإنّها ستفعّل إذا لزم الأمر.

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا