كيف ستردّ إسرائيل على خطوة رئيس الجمهورية الجريئة؟
 
 ما طلبه رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون من قائد الجيش العماد رودولف هيكل لجهة تصدّي الجيش لأي اعتداء إسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية على غرار الاعتداء الآثم على بلدية بليدا، وما يمكن أن ينتج عن هذه الخطوة، التي لا يمكن إلاّ وصفها بأنها جريئة بكل المقاييس الوطنية والسيادية، قد قلب موازين "اللعبة" السياسية الداخلية، خصوصًا بعد "تطيير" الجلسة التشريعية، التي كان الرئيس
نبيه بري قد دعا إليها لاستكمال درس مشاريع القوانين المعلقة من آخر جلسة "طار نصابها" أيضًا. وقد يكون السؤال البديهي الذي لا يستطيع أحد أن يجيب عنه إلاّ بأسئلة مماثلة تتعلق بمصير البلد قبل الحديث عن الانتخابات النيابية، إضافة إلى حال الضياع التي يعيشها المغتربون، الذين لم يعودوا يعرفون "كوعهم" الانتخابي من "بوعهم" التصويتي. وإذا أراد المرء أن يسترسل بطرح الأسئلة لا بدّ له من أن يطرح سؤالًا يعني جميع اللبنانيين، إلى أي جهة سياسية انتموا، ويتعلق ليس بمصير الانتخابات النيابية، بل بمصير البلد الواقف على برميل من البارود، فهل يستطيع هؤلاء اللبنانيون المنقسمون على كل شيء أن يتحمّلوا تبعات أي خضّة عسكرية شبيهة بما تعرّضوا له قبل سنة من الآن، ولا يزالون يتعرّضون له، وإن بوتيرة أخف؟
Advertisement 
    
فمع "عجقة" الموفدين الأميركيين والعرب، من مورغان اورتاغوس، إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إلى مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، يبدو السباق محمومًا بين التصعيد الحتمي، مع ما يعنيه هذا التصعيد هذه المرّة من توسيع دائرة الاعتداءات الإسرائيلية لتطال بنى لبنانية تحتية، وبين دفع الأمور نحو التفاوض غير المباشر بين لبنان وإسرائيل، وذلك انطلاقًا من اتفاق وقف إطلاق النار واتفاق ترسيم الحدود البريّة وتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته والقرارات الأممية السابقة، وبالأخص القرار 1559، وصولًا إلى التوافق الضمني على العودة الطوعية والآمنة إلى اتفاق الهدنة، ولكن بصيغة مطوّرة.
وبين الواحد والستين نائبًا، الذين حضروا إلى ساحة النجمة من دون أي جهد إضافي لتأمين النصاب المطلوب لأي جلسة، وبين السبعة والستين نائبًا الذين قرروا أن يقاطعوا أي جلسة يدعو إليها الرئيس بري إن لم يُدرج الاقتراح القانون المكرّر المعجل بخصوص الغاء المادة 112، ستة نواب قلبوا المعادلة المجلسية، في حين أنه كان في الإمكان تأمين حضور أربعة نواب إضافيين لضمان نصاب الجلسة، ولكن هذا الأمر لم يحصل بناء على توصية من الرئيس بري شخصيًا، وذلك منعًا لمزيد من صبّ الزيت على النار المستعرة في الأساس.
من هنا، ووفق مصادر نيابية تنأى بنفسها عن أي خلاف، لا يمكن الحديث عن غالب ومغلوب، خصوصًا إذا ما أُخذ في الاعتبار أن المكايدة السياسية من جهة، والمكابرة من جهة ثانية، ستقودان في نهاية المطاف إلى "تطيير" الموعد الدستوري للاستحقاق النيابي، إذ يصبح تأجيل الانتخابات، أو التمديد التقني للمجلس الحالي، أمرًا غير مستبعد. وهذا ما يسهم في افقاد السلطة السياسية الممثلة بالرئاسات الثلاث الكثير من صدقيتها تجاه المجتمع الدولي، الذي يضغط بكل ثقله لكي تحصل هذه الانتخابات في موعدها الدستوري، وأن يُعطى المغتربون اللبنانيون الفرصة في المشاركة في قرار تكوين السلطة بالطرق الديمقراطية السليمة، خصوصًا أن هؤلاء المغتربين، إلى أي فئة سياسية أو طائفة أو مذهب، لا يتأثرّون كثيرًا بأي شكل من أشكال الضغوطات، التي يمكن أن تُمارس على المقيمين، سواء أكانت هذه الضغوطات تحت عناوين ومسميات شتى، منها ما يحمل تهديدًا مبطّنًا، ومنها ما له طابع إغرائي.
فهذا المجتمع يريد بكل وضوح أن يتأقلم لبنان عبر الانتخابات النيابية مع كل هذه المتغيّرات، التي تحصل حوله، وأن يستفيد من الفرص السانحة لكي تعود الدولة إلى الدولة، ولئلا يكون على الساحة اللبنانية سوى سلاح شرعي واحد المفروض أن يكون محصورًا بأيدي القوى الشرعية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام وأمن الدولة والحرس البلدي، وأن يقوم الجيش بما هو مطالب القيام به على أفضل وجه، وإن كان أعضاء لجنة "الميكانيزم" يؤكدون أن قيادة الجيش ملتزمة حرفيًا بما جاء في خطّتها، التي رحبت بها الحكومة، ووافقت عليها في شكل كامل. وهذا الأمر يعطي المؤسسة العسكرية صدقية أكبر، خصوصًا أن المطلوب منها ومن سائر القوى الأمنية في الفترة المقبلة الشديدة الحساسية الكثير من المهام، التي تصبّ في نهاية المطاف في خانة السيادة الوطنية.
فتأجيل الانتخابات النيابية، ولو ليوم واحد، من شأنه إفقاد لبنان إحدى ميزاته الديمقراطية، وأهمية تداول السلط بالطرق السلمية المشروعة، وترك المواطنين يحدّدون خياراتهم بأنفسهم، وفي طليعتهم المغتربون المنتشرون في القارات الخمس، الذين قالوا كلمتهم في ما خصّ العملية الانتخابية، إذ تصرّ الأكثرية منهم على المشاركة الفعلية بالقرارات الوطنية، وذلك من خلال إعطائهم حرية اختيار نوابهم ال 128، كل في دائرة نفوسه في وطنه الأم.
فالمغتربون يعتبرون أنهم بهذه الطريقة يستطيعون المشاركة الفعلية في إحداث التغيير الممكن والمتاح والمطلوب في البنية السياسية التقليدية، التي أدّى اعتمادها إلى هذا الكمّ من المشاكل والمآسي، التي يعيشها اللبنانيون المقيمون في كل المناطق اللبنانية من دون استثناء.
ونسأل ببراءة: هل يستطيع لبنان أن يتحمّل بعد ما قد يتأتى من أي "دعسة" ناقصة، أم أن ما كُتب قد كُتب، وسيكون لبنان في قلب العاصفة؟ 
 
 
                       
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|

 
       
  
                               
  
                               
  
                              