لبنان خارج معادلة الازدهار… رسالة قاسية من الرياض إلى بيروت
كتب طارق ابو زينب في نداء الوطن - تحت عنوان "مفتاح الازدهار"، تحوّلت النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض إلى مشهد اقتصاديّ عالميّ بامتياز، رسّخ موقع المملكة العربية السعودية كقوّة صاعدة ترسم ملامح النظام الاقتصادي العالمي الجديد.
وعلى مدى ثلاثة أيام، احتضن مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات أكثر من 650 متحدّثًا، بمشاركة قادة العالم والمستثمرين وواضعي السياسات ورؤساء الشركات والمبتكرين وصناع التغيير، ضمن نقاشات تجاوزت 250 محورًا، أُبرمت خلالها اتفاقيات تفوق قيمتها 68 مليار دولار، في خطوة تؤكّد عمق التحوّل الاقتصادي الذي تقوده المملكة.
هذا الزخم العالميّ يعكس الثقة الدولية المتزايدة بدور الرياض في قيادة التحوّلات الاقتصاديّة الكبرى، فيما يفضح غياب لبنان عن هذا الحدث التاريخي أزمة بنيويّة في الرؤية والأداء، وتراجع حضوره السياسي والاقتصادي على الساحتين الإقليمية والدولية.
المنتدى: منصّة لصناعة المستقبل
تحوّل المنتدى إلى منصّة استثنائية لعرض المشاريع الكبرى في المملكة، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدّمة، مؤكّدًا مكانة السعودية كقوّة اقتصادية عالمية. وشملت الجلسات موضوعات حيوية تناولت تأثير الذكاء الاصطناعيّ والروبوتات على الإنتاجية، والتحوّلات الديموغرافية التي تعيد تشكيل سوق العمل، إضافة إلى التوازن بين النموّ الاقتصاديّ والاستدامة البيئية، في إطار رؤية شاملة تُبرز مكانة المملكة كمركز جذب للاستثمارات والابتكار.
غياب لبنان وأبعاده السلبية
رغم أهمية الحدث، لم يُدعَ لبنان رسميًا إلى المشاركة، إذ لم تُوجّه أي دعوة إلى رئيس الجمهورية جوزاف عون، ما عُدّ مؤشرًا سياسيًا واضحًا على تراجع الثقة الخليجية ببيروت.
ويرى مراقبون أن هذا الغياب يعود إلى فشل الدولة في مكافحة الفساد، وضعف الإصلاحات الاقتصادية، وعدم الالتزام بالقرارات الدولية، خصوصًا تلك المتعلّقة بنزع سلاح الميليشيات، إلى جانب هشاشة الوضعين السياسي والأمني.
غياب لبنان أفقده فرصة ثمينة للظهور أمام المستثمرين العالميين، وأرسل إشارة سلبيّة عن عجزه عن الانخراط في المبادرات الإقليمية والدولية، ما يزيد عزلته الاقتصادية والسياسية ويضعف قدرته على المنافسة في مسار التنمية المستدامة.
رسالة سعودية واضحة
يرى خبراء اقتصاديون وسياسيون أن غياب لبنان عن المنتديات الكبرى يعكس استمرار الشلل المؤسّساتي ويزيد المخاوف بشأن استقرار بيئته الاقتصادية.
وحذر الخبراء، في تصريحات لـ "نداء الوطن"، من أن عدم تمثيل لبنان في مثل هذه الفعاليّات يعمّق عزلته ويضعف موقعه في الأسواق الإقليمية.
وأضافوا أن حضور سوريا مقابل غياب لبنان، يعبّر عن رسالة سعودية واضحة بعدم الرضى عن إدارة الأمور في بيروت، ويبرز محدودية قدرة الدولة على الانخراط في العلاقات الاقتصادية الإقليمية نتيجة تقاعسها عن تنفيذ التزاماتها الدولية.
ويرى هؤلاء أن هذه الرسالة قد تُترجم مستقبلًا إلى تراجع فرص عقد مؤتمرات دعم دولية للبنان وانخفاض في تدفق الاستثمارات الأجنبية، ما يعني مزيدًا من الانكماش الاقتصادي والعزلة السياسية.
حضور سوريا: دلالات اقتصادية وسياسية
في المقابل، حظي المنتدى بحضور لافت للرئيس السوري أحمد الشرع إلى جانب عشرات القادة والوزراء وكبار المستثمرين.
هذا الحضور عكس رغبة دمشق في الانفتاح الاقتصادي بعد سنوات من العزلة، وأرسل إشارة إيجابية للأسواق عن بداية مرحلة جديدة من التعاون الإقليمي.
وأشاد الشرع في كلمته بالمملكة العربية السعودية واصفًا إيّاها بـ "قبلة الاقتصاديين"، مشيرًا إلى أن الحلول السياسية والاقتصادية في المنطقة تبدأ من الرياض، التي أصبحت بفضل رؤية 2030 البوصلة الاقتصادية للعالم العربي.
وكشف في جلسة حوارية ضمن المنتدى، عن أن الاستثمارات السعودية والقطرية في سوريا بلغت نحو 28 مليار دولار خلال ستة أشهر، ما يؤكّد التحوّل الجذري في النظرة إلى الاقتصاد السوري.
لبنان… خارج اللعبة الإقليمية
أمام هذا المشهد، يبدو غياب لبنان عن الحضور الاقتصادي الإقليمي والدولي مؤشرًا خطيرًا على هشاشة الدولة وعجزها المستمرّ عن اللحاق بركب التحوّلات.
فبينما تتحوّل الرياض إلى محور جذب عالميّ، وتبدأ دمشق مرحلة إعادة تموضع اقتصادي، يبقى لبنان رهينة الجمود السياسي وتضارب المصالح الداخلية، فاقدًا ثقة المجتمعين العربي والدولي.
إنها رسالة سعودية قاسية وواضحة بأن زمن المجاملات انتهى، وأن الازدهار الإقليمي لا ينتظر من يتقاعس عن الإصلاح.
لبنان، في المقابل، يظلّ خارج معادلة الازدهار، متروكًا على هامش التحوّلات الكبرى، عاجزًا عن التقاط فرص الإنقاذ، تاركًا مستقبله الاقتصادي والسياسي على حافة الانهيار.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|