فنزويلا تحبس أنفاسها.. مادورو ينشر قواته على الحدود ويأمر بالاستعداد للأسوأ
بدأت أجراس الحرب تدق في كراكاس، بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للزعيم اليساري نيكولاس مادورو، وتحذيره له بأن أيامه باتت معدودة في حكم فنزويلا، التي يحاصرها أكبر وجود عسكري أمريكي قبالة سواحل أمريكا الجنوبية منذ عقود.
ووفق تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست"، دأبت القوات الأمريكية، على مدى شهرين، على تفجير قوارب قبالة سواحل فنزويلا، موقعة عشرات القتلى من صيادين على متن تلك القوارب تتهمهم واشنطن بأنهم إرهابيون ومهربو مخدرات خطيرون، محملة مادورو المسؤولية عن تزعم تلك العصابات.
وحذر ترامب نظام كراكاس من أن الهجمات البرية ستكون الخطوة التالية ضد فنزويلا وعلى أراضيها لحسم مسألة تهريب السموم التي تقتل الأمريكيين على حد زعمه، ثم نفى تخطيطه لأي هجمات في الحسبان، لكنه ترك الباب مفتوحًا على جميع الاحتمالات.
في الوقت الحالي، تستمر الحملة البحرية، حيث هاجم الجيش الأمريكي، السبت سفينة أخرى يُزعم أنها تُتاجر بالمخدرات في البحر الكاريبي؛ ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص، وفقًا لوزير الحرب الأمريكي بيت هيغسيث، الذي أعلن عن الضربة بنفسه.
في غضون ذلك، حرّكت حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو قواتها إلى الحدود، ونشرت بطاريات مضادة للطائرات، وحثّت المدنيين على الاستعداد للأسوأ. مع ذلك، يقول الفنزويليون العاديون إن لديهم مخاوف أكثر إلحاحًا، وفق "واشنطن بوست".
وقال طاهٍ شاب من "سوكري"، الولاية التي انطلق منها العديد من القوارب التي استهدفتها الإدارة الأمريكية: "نعم، أنا قلق بشأن الهجوم الأمريكي. لكن لا يمكننا التفكير في أي شيء آخر دون شراء الطعام أولًا"، على حد قوله.
ونفى ترامب، الجمعة، أن يكون أمَرَ قواته بمهاجمة الأراضي الفنزويلية أو يفكر في ذلك، ورغم ذلك يقول الكثيرون إنه لا يمكنهم فعل الكثير، إنهم يركزون بدلًا من ذلك على التضخم المرتفع، والحرمان الشامل، ودائمًا، على الاضطهاد الحكومي.
وبحسب "واشنطن بوست"، اعتقلت فنزويلا ما لا يقل عن 8 اقتصاديين ومستشارين هذا العام بعد نشرهم معلومات عن التضخم، من بينهم رودريغو كابيزاس، وزير المالية في عهد هوغو تشافيز، سلف مادورو الاشتراكي ومرشده.
ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل التضخم في فنزويلا إلى 269.9% بحلول عام 2026، ويقول الصندوق إنه بحلول عام 2026 سيتجاوز المعدل 680%، بحسب ما أوردته الصحيفة الأمريكية.
ونفت الحكومة أن تكون فنزويلا معرضة لخطر التضخم المفرط، واتهم المسؤولون واشنطن بشن حرب اقتصادية على البلاد، التي عانت بالفعل لسنوات من العقوبات الأمريكية، بالإضافة إلى سوء الإدارة الحكومية والمحسوبية والفساد.
في عاصمةٍ مُزينةٍ بأضواء عيد الميلاد التي فرضتها الحكومة، لم يكن هناك أي اندفاعٍ واضحٍ لتحصين الملاجئ أو شراء المؤن.
قال ديفيد سميلد، عالم الاجتماع بجامعة تولين والمتابع لفنزويلا: "في الوقت الحالي، لا أحد يملك ما يكفي من المؤن لتخزين أي شيء. الناس يعانون اقتصاديًّا".
وأدى عقد من الصعوبات الاقتصادية الشديدة، وأكثر من عقدين من الاضطهاد السياسي، إلى نزوح أكثر من 7 ملايين شخص من البلاد، ويُعتبر الفنزويليون الآن أكبر جالية لاجئين في العالم.
وبدأت الأوضاع تتحسن تدريجيًّا في عام 2021، مع تخفيف الحكومة لضوابط الأسعار والعملة، وسماحها بمزيد من المعاملات بالدولار، وبدأت رفوف المتاجر الكبرى تمتلئ، وافتُتحت معارض سيارات جديدة.
لكن هذه التهدئة لم تدم طويلًا، فرغم توقف الحكومة عن إصدار البيانات، يقول الاقتصاديون هنا إن الناتج المحلي الإجمالي آخذ في الانكماش، وانتشار البطالة ونقص العمل على نطاق واسع، وإن التضخم المفرط قد دمر القدرة الشرائية.
ويشير باحثون من "الجامعة الكاثوليكية" في فنزويلا، إلى أن 7 من كل 10 أسر فنزويلية عاشت في فقر عام 2024، واكتظت شوارع كاراكاس بالعائلات والأطفال المتسولين، ويُسبب عدم اليقين بشأن الهجوم الأمريكي مزيدًا من الضرر.
وقال خبير اقتصادي فنزويلي: "أدت توقعات الناس لزيادة الطلب على الدولار في سوق الصرف الأجنبي. وتتعرض مداخيل الأسر لضربة قاصمة. وتتراجع مشتريات الناس شيئًا فشيئًا"، مضيفًا: "الركود يُخرج الناس من سوق العمل، من لا يتقاضون أجورًا. الفقر يتزايد".
وأمر مادورو، الأسبوع الماضي، بإنشاء تطبيق إلكتروني يُمكّن الفنزويليين من الإبلاغ عن "كل ما يرونه ويسمعونه"، ثم طلب من المحكمة العليا، التي يسيطر عليها، إيجاد آلية لتجريد أي شخص يطلب تدخلًا عسكريًّا من جنسيته.
وأوضحت نائبة الرئيس، ديلسي رودريغيز، أن مادورو يريد تطبيق هذا الإجراء على زعيم المعارضة ليوبولدو لوبيز، السجين السياسي السابق الذي يعيش الآن في المنفى بإسبانيا. وقالت لوبيز للصحفيين في مدريد: "يريد مادورو سحب جنسيتي لأنني عبرت عما يفكر فيه ويريده جميع الفنزويليين: الحرية".
وعندما بدأ الجيش الأمريكي حشد قواته قبالة سواحل فنزويلا في أغسطس/آب، أرسل مادورو قوات إلى الحدود مع كولومبيا وحث المواطنين على الانضمام إلى "ميليشيات الدفاع عن النفس".
وأعلن مادورو فوزه عام 2018، ومرة أخرى العام الماضي، في انتخابات اعتُبرت مزورة على نطاق واسع، وتعتبره الولايات المتحدة رئيسًا غير شرعي، وقطعت الدولتان العلاقات الدبلوماسية عام 2019.
وفي العام التالي، وجهت هيئة محلفين اتحادية كبرى اتهامات لمادورو وأعضاء من دائرته المقربة بالإرهاب المرتبط بالمخدرات. ورفعت الإدارة هذا العام مكافأة القبض عليه إلى 50 مليون دولار.
ومع ذلك، وبفضل القوات العسكرية الموالية، وعصابات الدراجات النارية المسلحة المعروفة باسم "كوليكتيفوس"، والاعتقالات الجماعية للمعارضين، نجا مادورو من انتفاضة معارضة واحدة على الأقل ومحاولة اختطاف فاشلة - إلى جانب الدمار الذي أحدثه "كوفيد"، والاقتصاد المنهار، وأزمة اللاجئين.
لكن الآن، ازدادت نبرته إلحاحًا. ففي الأسبوع الماضي، وفي نداء نادر باللغة الإنجليزية، قال: "أرجوكم، أرجوكم، أرجوكم... لا حرب جنونية... نريد سلامًا أبديًّا".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|