عن افرازات الانتخابات العراقية وحظوظ السوداني في ترؤس الحكومة

أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، أمس، النتائج النهائية للانتخابات التشريعية التي جرت الثلاثاء الماضي، وسجلت نسبة تصويت تجاوزت 56%، في حين أعلن ما يعرف بالإطار التنسيقي الشيعي تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان.
وقالت المفوضية إن النتائج النهائية أظهرت تصدر قائمة "ائتلاف الإعمار والتنمية "بزعامة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بحصولها على 46 مقعدا في البرلمان الجديد المؤلف من 329 مقعدا. غير أن ذلك لا يكفيه لتشكيل حكومة، فهو يواجه حاليا مهمّة صعبة تتمثل في تأمين الدعم من الأطراف المُنافسة له خصوصاً من الغالبية الشيعية، في مسعاه للحصول على ولاية حكومية ثانية.

وحل حزب "تقدم" بزعامة محمد الحلبوسي ثانيا بـ36 مقعدا، وائتلاف بزعامة نوري المالكي ثالثا بـ29 مقعدا، و"صادقون" بزعامة قيس الخزعلي (28 مقعدا) والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني (27 مقعدا).
بالمجمل حصلت التحالفات والقوائم الشيعية على 187 مقعدا، والسنية على 77 مقعدا، والكردية على 56 مقعدا، إضافة إلى 9 مقاعد للكوتا.

ففي ظلّ عدم وجود غالبية مطلقة في البرلمان المؤلف من 329 مقعدا، قد تقضي الأطراف الرئيسية أسابيع أو حتى أشهر، في التفاوض على تحالفات لبناء كتلة كبرى تتمكّن من فرض رئيس الوزراء المقبل. فهل سيتمكن السوداني من تشكيل حكومة؟

الخبير في سياسات الشرق الأوسط الدكتور توفيق شومان يؤكد لـ"المركزية" ان "في العراق اجتهاد دستوري منذ العام 2010 يقول بأن الكتلة النيابية التي تحصل على أعلى نسبة من الأصوات بعد الانتخابات، لا يعني أنها الكتلة الاكبر بعد التحالفات، أي ان الاجتهاد الدستوري يقول بأن التكتلات التي تنشأ بعد فرز الاصوات النيابية هي التي تحدد الكتلة الأكبر وليست الكتلة الفائزة في الانتخابات. وهذا الاجتهاد ممكن الوقوف عنده مليًا وفيه الكثير من السلامة والدقة، لأن تحالفات ما قبل الانتخابات تقوم على التحالفات الانتخابية من دون برنامج سياسي بينما تشكيل التحالفات وظهور النتائج يحدد المسار السياسي، وبناء على ذلك يتم تكليف الكتلة الأكبر بعد التحالفات لتشكيل الحكومة".

ويضيف: "هناك آلية أخرى أيضًا، وهي ان عملية تشكيل الحكومات في العراق عادة ما تستغرق أشهرا عدة وفي إحدى المرات تعدّت التسعة أشهر تقريبًا، تمامًا كما يحدث في لبنان، خاصة وان التركيبتين العراقية واللبنانية متشابهتان من حيث التعدد والاستقطاب السياسي، ولذلك من غير المتوقع ان يصار الى تسريع عملية تشكيل الحكومة رغم ان الكتلة الفائزة بعد فرز الانتخابات هي كتلة رئيس الوزراء الحالي".
ويشير شومان الى ان "اتصالات تجري بين مختلف القوى السياسية، لذلك يمكن ان نرى على سبيل المثال نوابا من كتلة "دولة القانون" التي يرأسها نوري المالكي قد ينضمون الى كتلة "التنمية والاعمار" برئاسة السوداني أو العكس، او أيضًا القوى الفائزة على المستويات الاخرى مثل "تقدُّم" اوالحزبَين الكرديَين، يمكن ان نشهد نوعاً من انتقال في حركة النواب بعد فرز الانتخابات من كتلة الى أخرى، وبناء على ذلك سيصار الى تحديد الكتلة الاكبر".

ويتابع شومان: "هناك مسألة ثالثة أيضًا، إذ نشهد تباينًا داخل "الإطار التنسيقي" وهو ما يُعرف بالإطار الشيعي، قائم على من يقود هذا الإطار، وأظن النتيجة الاساسية التي يمكن الوقوف عندها ويجب ملاحظتها بأن فصائل الحشد الشعبي حصلت تقريبًا على 60 مقعدًا نيابيًا، وهذا يشكل نقطة توازن في التحالفات المقبلة لتشكيل الحكومة، وبالتالي لا بد من رصد حركة نواب الحشد الشعبي أكان "عصائب أهل الحق" أو "بدر" أو "كتائب حزب الله" الى أي دفة يميل، مع العلم بأن هناك داخل كتلة الرئيس السوداني مقربين من الحشد الشعبي. هذا على مستوى الإطار التنسيقي، لكن يبقى من دون شك أين يمكن أن يقف الحزبان الكرديان الاساسيان اللذان هما "الاتحاد الوطني الكردستاني" والحزب "الديمقراطي الكردستاني". حتى هذه اللحظة يمكن القول أنه لم يحسم أي من الحزبين موقفهما لأن الكل كان ينتظر الإعلان الرسمي لمفوضية الانتخابات التي جرت أمس، وتم الإعلان بصورة رسمية عن النتائج النهائية".

ويتابع: "تبقى أيضًا الأحزاب السنية، حيث نال حزب "تقدّم" بقيادة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي الأكثرية، ومن المعروف ان علاقة الحلبوسي مع السوداني جيدة، لذلك تقول التقديرات بأن قد يصار الى تركيب تحالف بينهما، لكن النقطة الاساس أين يمكن أن تقف تكتلات الحشد الشعبي مع "دولة القانون" بزعامة المالكي ام مع "التنمية والإعمار بزعامة السوداني. لا حسم للمواقف حتى الآن والكل يقف على منعطف الانتظار، وخلال الايام المقبلة ممكن ان تحدد فصائل الحشد مع أي جانب من الجانبين ستتحالف، وبناء على ذلك يصار الى الاتصال مع القوى السنية والكردية".

يولا هاشم - المركزية