الاشتراكي: زوار واشنطن يطلبون بقاء إسرائيل في النقاط التي تحتلها!
لبنان وسوريا: الحلقة المقفلة
الى متى هذا الدوران داخل الحلقة المقفلة؟ ما تبتغيه حكومة بنيامين نتنياهو من سوريا، ينطبق ايضاً على لبنان "الانسحاب مقابل السلام الشامل". مثلما يفترض أن يتخلى الرئيس أحمد الشرع عن مرتفعات الجولان، يفترض بالرئيس جوزف عون التخلي عن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، التي نص قرار مجلس الأمن رقم 1701 على التفاوض بشأنها، مع اعتبار الفارق الشاسع بين الحالتين...
...لكن الرئيس السوري أعلن، ثم لحق به الوزير وليد جنبلاط، أن المزارع والتلال أرض سورية، ويقتضي التفاوض حولها مع دمشق لا مع "تل أبيب" التي تعتبر هذه المنطقة جزءا من مرتفعات الجولان. وهذا ما تثبته الخريطة التي عرضت على مجلس الأمن، لدى البحث في نشر القوات الدولية (الأندوف)، في ضوء الاتفاق بين سوريا و"اسرائيل" على خطوط فض الاشتباك في 31أيار 1974. وكنا قد أشرنا الى أننا سألنا وزير الخارجية الراحل محمود حمود، عن سبب عدم الاعتراض على تلك الخريطة، التي لحظت فيها تلك المنطقة اللبنانية داخل الأراضي السورية، كان رده "ان الخريطة كانت من الصغر بحيث لم نتبين ذلك". مع الاشارة الى أن الوزير المعني آنذاك كان فيليب تقلا.
"هيئة البث الاسرائيلية" نقلت منذ يومين عن "مصادر" قولها "ان المفاوضات مع سوريا من اجل التوصل الى اتفاق أمني وصلت الى طريق مسدود"، لتضيف "ان اسرائيل ترفض طلب الرئيس السوري سحب قواتها من المناطق التي احتلتها، منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في 8 كانون الأول الماضي"، ولتؤكد على "عدم الانسحاب من هذه المناطق، الا في مقابل توقيع اتفاقية سلام شامل مع سوريا، وليس مجرد اتفاق أمني"، دون أن تلوح في الأفق مثل هذه الاتفاقية في الوقت الحاضر. في حين تشير مصادر من الداخل السوري، أن "تل ابيب" أبلغت الشرع وبلسان دونالد ترامب "ما التطبيع أو الرحيل"!
من الطبيعي أن نتوقف عند هذا الكلام. الرئيس السوري لم يأت على ذكر مرتفعات الجولان، التي تؤكد المصادر اياها، أن رجب طيب اردوغان طلب من الشرع عدم اثارة هذه المسألة في حال من الأحوال، دون أن ندري ما الغاية وراء ذلك، سوى التوصل الى اتفاق شراكة بين أنقرة و"تل أبيب" حول سوريا، كخطوة أولى نحو كوندومينيوم لادارة الشرق الأوسط. مثلما ارتضى السوريون باعطاء لواء الاسكندرون الى أتاتورك، ينبغي اعطاء مرتفعات الجولان الى نتنياهو...
ما ردة فعل الداخل السوري بعد تلك الحرب التي قطعت أوصال سوريا، وبعد تلك المجازر بحق الأقليات، التي باتت تراهن على مد اليد الى الشيطان على أن تبقى رهينة السواطير، في ظل الحديث عن انتقال ثقافة الفساد من العهد السابق الى العهد الحالي من أوسع أبوابه، كفلسفة حياة. أو ليس الفساد فلسفة حياة في لبنان؟
السؤال الأهم يبقى ما هو موقف الرئيس دونالد ترامب مما حصل، بعدما استقبل الشرع بتلك الحرارة، كما لو أنه فرد من العائلة، ليجد نفسه الآن عاجزاً عن تحقيق رغبته في رؤية أحمد الشرع وبنيامين نتنياهو يداً بيد في أسواق دمشق. المثير هنا أن الرئيس الأميركي قال "أصبح لدينا سلام في الشرق الأوسط". أي سلام ما دام مستقبل غزة (والضفة) لا يزال مجهولاً، ولا دولة فلسطينية، وما دامت الغارات الاسرائيلة تقتل وتدمر يومياً على الأرض اللبنانية، فيما دبابات ايال زامير تقضم الأراضي السورية يوماً بعد يوم. وربما كان الأهم سقوط سيناريو التطبيع بين السعودية و"اسرائيل"، باصرار المملكة على اقامة الدولة الفلسطينية.
حقاً أي عاقل يمكن أن يتصور قيام السلام في الشرق الأوسط بوجود اليمين الاسرائيلي، الذي يعلم الأميركيون أنه يعتمد الرؤية (أو الرؤيا) التوراتية في التعامل مع سوريا، التي ينبغي تفكيكها قطعة قطعة قطعاً للطريق على "ذئاب الشمال"، وهو الهاجس الايديولوجي، والهاجس الوجودي "للحاخامات"، الذين يرفضون أي دور تركي أو سعودي على الأرض السورية.
حتى الساعة لا "سلام أميركي"Pax Americana ولا "سلام اسرائيلي” Pax Israeliana، بل "حرب أميركية" و"حرب اسرائيلية" على كل الجبهات. ألم يقل "الحاخام" مئير كاهانا بشرق أوسط على شكل المقبرة ؟ المعلق في "التايم" فريد زكريا كتب عن ذلك العهد العجائبي الذي "حل فيه سماسرة العقارات، محل الأباطرة وحتى محل الآلهة". في هذه الحال أي سلام "عقاري" تصنعه ادارة دونالد ترامب؟
لبنانياً، الثابت أن غالبية والوزراء وغالبية النواب، كممثلين لذلك النوع من لوردات الطوائف، بأدمغة القرن التاسع عشر، يريدون السلام الشامل مع "اسرائيل"، بعدما خبرنا ويلات الحرب، في ظل اختلال مروع في موازين القوى. ولكن هل يقبل "الاسرائيليون"، وبتلك الحمولة التوراتية، بسلام الند للند؟
ما يبدو واضحاً في المشهد الشرق أوسطي، أن المشكلة ليست فقط في حزب الله، وفي سلاح حزب الله، بل أي لبنان (وأي سوريا) يريد "الاسرائيليون"، الذين تتقاطع في رؤوسهم اللوثة اللاهوتية مع اللوثة الاسبارطية...
تريدون الدليل، ايتامار بن غفير، وهو أحد أركان الائتلاف، اذ يفاخر بمنع الأذان، وبهدم منازل العرب، يدعو الى اغتيال قادة السلطة الفلسطينية واعتقال محمود عباس، مع أن هؤلاء ليسوا أكثر من هياكل خشبية، أقامها اتفاق أوسلو كشاهد على أن مقولة الصراع الفلسطيني قد سقطت. ولكن ما ذاك الذي حدث في غزة؟ بكل ذلك الصلف التوراتي تتناهى الينا قهقهات "الحاخام" النيويوركي شمولي أبو طيح، وهو يقول "دولة للفلسطينيين في العالم الآخر. ليباركك يهوه ايها السيد نتنياهو"!!..
نبيه البرجي -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن| شاركنا رأيك في التعليقات | |||
| تابعونا على وسائل التواصل | |||
| Youtube | Google News | ||
|---|---|---|---|