الطبخة موضوعة على نار حامية فهل وصل الغليان الى درجة إحراق لبنان؟

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

يبدو أن لبنان يتجاوز الخط الأحمر، في كل ما له علاقة بالملفات السياسية والأمنية، وخصوصاً تلك المرتبطة بضرورة حصر السلاح بيد الدولة وحدها.

تعديلات جوهرية

وما كان مسألة تكهّنات مُستبعَدَة قبل أشهر أو أسابيع قليلة، بات أمراً واقعاً اليوم، إذ وصلت الأمور الى حدّ اضطرار قائد الجيش رودولف هيكل الى تأجيل زيارته للولايات المتحدة الأميركية.

فالى أي مدى قد يعني ذلك أن السلطات السياسية في لبنان باتت مُضطّرة لإجراء تحديثات وتعديلات جوهرية وكبيرة على نفسها، بدءاً من الخطاب السياسي، والعمل السياسي، وصولاً الى كل باقي الملفات الأمنية والاقتصادية، وذلك تحت طائلة احتمال أن تكبر كرة الثّلج أكثر، وتجرف معها كل ما اعتقد اللبنانيون على مدى عقود طويلة أنه من المسلّمات المحلية التي لا مجال للمساس بها أبداً؟

وتيرة مُتسارِعَة

علّق الوزير السابق رشيد درباس على آخر المستجدات المحلية والخارجية، فأشار الى "وتيرة أصبحت مُتسارِعَة كما يبدو لترتيب الأوضاع في الشرق الأوسط".

ودعا في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى "التعامل مع مؤشرات متعددة ضمن هذا الإطار، أولها أنه بعدما قيل إن الحلّ في غزة بات فاتراً، أقرّ مجلس الأمن مشروع قرار أميركي يؤيّد خطة الرئيس الأميركي (دونالد ترامب) لإنهاء الحرب في القطاع، ويدعو الى الحفاظ على وقف إطلاق النار، وأعلن ترامب رئاسته لمجلس السلام في غزة أيضاً. وبعدما تحدث ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمامه عن حلّ الدولتَيْن، لم يرفض ترامب الكلام ولم يستبعده، وهو ما يدلّ على أن هناك طبخة باتت موضوعة على نار حامية بالنسبة الى القضية الفلسطينية".

الدولة الفلسطينية

وربط درباس الطبخة الموضوعة على نار حامية للقضية الفلسطينية "بضرورة عدم إسقاط موجة الاعترافات الأوروبية الكبرى بدولة فلسطين من الحسابات، ولا موجة الاستنكار الأوروبي للأعمال الإسرائيلية في غزة، والتي لا يوجد ما يشبهها أبداً في الماضي. وهو ما يعني أن إسرائيل وهي في أوج انتصارها، بدأت تشعر بأن الوسادة الدولية الكبيرة التي كانت ترتاح عليها أصبحت ممتلئة بالشوك".

واعتبر أن "كل ذلك يدل على أن (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو قام بمهمّة معينة، ليس ليُجعَل سيّد الشرق الأوسط. فعندما تنتهي مهمّته، سيتجدّد الحكم في إسرائيل. فنتنياهو أدى المهمة، وحتى إن الأميركيين يقولون له بإمكانك أن تفعل وتعمل ولكن بمعرفتنا وإرادتنا وإدارتنا نحن".

ورشة إقليمية

وأشار درباس الى أنه "لا يمكن إهمال كل تلك الوقائع التي حصلت. ولا بدّ من أن نُضيفها طبعاً الى الانتخابات العراقية التي يبدو أنها أفقدت "الحشد الشعبي" زخمه تقريباً، في مجلس النواب العراقي. وهذا يعني أن المنطقة ترتسم من جديد حالياً على نار حامية. وأما بالنسبة الى لبنان، فبعدما كانت الوتيرة اللبنانية بطيئة في التعاطي مع "حزب الله"، بموازاة عدم تجاوبه ("الحزب") مع السلطة اللبنانية في أمور عدة، من بينها ما حصل أمام صخرة الروشة، باتت رؤية الحقيقة مُلزِمَة، وهي أن هناك منظومة جديدة تتشكّل. وهنا نصل الى الزخم الكبير بشأن سوريا، وهو زخم غير مسبوق".

وأضاف:"وسط كل تلك الخريطة، هناك نقطة اسمها لبنان. حاول الجيش اللبناني أن يعمل بالتي هي أحسن، ولكن "حزب الله" رفض هذه الطريقة، وأحبط كل أنواع المحاولات التي كان يقوم بها الجيش، وذلك الى أن وصلنا الى الوقت الذي بدأ فيه الأميركيون يرفعون صوتهم ويقولون "ستوب". فالوتيرة البطيئة السابقة تغيّرت، وهو ما يظهر بوضوح بما فعله الإسرائيليون في عين الحلوة أمس، والذي يقولون إنه عيّنة، والذي هو أمر مُخيف".

وختم:"بدأ الأميركيون يحاسبون لبنان على كل كلمة. وهذا دليل على ورشة تحصل في المنطقة كلّها. فالمعسكر الآخر حريص على أن لا يسمح لـ "حزب الله" باستغلال أي فرصة، بعدما ثبت في الماضي أنه شاطر في اكتساب الوقت. وبالتالي، يقول الأميركيون لـ "الحزب" انتبه لأنك تحت المجهر، ولأن الأمور وصلت الى حدّ أن الجيش اللبناني الذي نموّله ونسلّحه نحن، قد نفتعل له نكسة كبيرة بسببك".